تواصل » صحف ومجلات

خارطة الطريق لمواجهة المخدرات

في 2015/12/10

علي المطاعني- الشبية العمانية-

على الرغم من الجهود الكبيرة والواضحة للعيان التي تبذلها شرطة عمان السلطانية في ملاحقة وضبط تجار المخدرات والسموم التي يروجونها أو يدخلونها إلى البلاد بطرق مختلفة، وملاحقتها للمروجين والمتعاطين باستمرار في مختلف محافظات السلطنة وجهود الجهات الأخرى لمعالجة مدمني المخدرات في المستشفيات والمصحات، إلا أن مشكلة تعاطي المخدرات تظل بحاجة إلى مواجهة على نطاق أوسع تتمثل في اجتثاث المشكلة من جذورها. وإيجاد حلول عملية لمعــــــــــرفة أسباب انتشارها وتعاطيها.

إن مواجهة هذه المشكلة الكبيرة علينا البحث عن خارطة طريق نسترشد بها من أجل القضاء على هذه الآفة التي تؤثر بالسلب على شبابنا ذخيرة المستقبل، فالحل لا يكمن فقط في الجزء الأمني باستمرار جهود الملاحقة والمراقبة والضبط لتجار المخدرات أو المتعاطين لها ومعالجتهم من حالات الإدمان، وإنما الحلول تتمثل في أمرين، الأول يعني بدارسة الأسباب التي تدفع أبناءنا للوقوع في براثن المخدرات والدواعي التي حدت بهم إلى الانحراف إلى هذا المسلك، والثاني يعني بوضع خطة توعوية تستهدف الشباب لإقناعهم بخطورة المخدرات على الفرد والمجتمع.

إن التقارير الدولية تشير إلى تنامي مشكلة المخدرات على المستوى الدولي من حيث الزراعة والإنتاج والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وزيادة نسبة تعاطيها علاوة على ظهور أنواع جديدة من المواد المخدرة أكثر خطورة وفتكا وإدمانا.

فهناك بالفعل جهود مشكورة تبذل في الحد من تنامي مشكلة المخدرات، ومعالجة المدمنين في البلاد، لكن علينا أيضاً البحث عن الأسباب، فإذا عرفنا السبب كما يقال بطل العجب، ومعرفة ما يدفع الشباب إلى الإدمان والبعض المتاجرة أمر ذو أهمية في اجتثاث هده المشكلة التي تنخر في جسد المجتمع من جذورها بدلا من الزج بالعديد منهم في السجون وفتح مصحات لمعالجة المدمنين منهم، فهذه الأمور لن تجدي نفعا في معالجة هذه الظاهرة بشكل كامل وممنهج.

إن المخدرات تنتشر بين أوساط الشباب من مختلف الأعمار والطبقات بدون استثناء، وتسري في أوصال المجتمعات كالنار في الهشيم ولعل الإحصائيات التي تطالعنا بها وسائل الإعلام إلى أن عدد المدمنين يربو على 4 آلاف مدمن للمخدرات في البلاد، وهو مؤشر كبير وخطير مقارنة بعدد السكان.

إن بداية معالجة هذه المشكلة تتمثل في وضع تصور منهجي للتعامل مع المشكلة، بالتعمق في فهم الأسباب التي تدفع شاب في مقتبل العمر ينتظره مستقبل مشرق ينحدر في هذا الطريق المظلم، فلنتواصل مع الشباب الذين يتم إلقاء القبض عليهم ونقترب من طريقة تفكيرهم، لنعرف منهم كيف كانوا يرتبون أولوياتهم، وفي أي لحظة بالضبط امتدت أيديهم إلى هذه السموم، ومن خلال جمع شهادات وتصورات هؤلاء الشباب وتحليل مضمونها يمكننا العثور على الأسباب الحقيقية التي دفعتهم إلى الإدمان، والبدء في مواجهتها.

إن خطورة تعاطي المخدرات لا تكمن فقط في المخدرات التقليدية مثل الحشيش، لكن تتجاوزها إلى احتمالات أن يزداد الفضول إلى تعاطي المهلوسات والمؤثرات العقلية الأكثر خطورة مثل الهيروين والأقراص السامة بمختلف أنواعها، وهي أشياء أكثر خطورة ليس فقط لتأثيراتها على أذهان الشباب، بل أيضاً لسهولة تهريبها وتعاطيها.

ولهؤلاء الشباب من أبنائنا وإخوتنا الصغار أقول: تمسكوا بالأمل والإصرار والرغبة في النجاح وترك بصمات مشرفة في الحياة، كونوا نماذج مشرفة وأمثلة تحتذى ودعونا نباهي بكم الأمم، فها نحن نضع مفاتيح المستقبل في أيديكم، والنجاح والمجد لا يأتي إلا لمن يستحقه ويبذل الجهد والمشقة من أجله..

فابتعدوا قدر جهدكم عن الانزلاق في هذه الهاوية، بلادكم ومجتمعكم أحوج إليكم وإلى سواعدكم وأذهانكم وأحلامكم في مستقبل زاهر لهذا البلد.. وفي الختام نرى أن نبدأ الآن وليس غداً..

لنحتوي هؤلاء الشباب ونرشدهم إلى طريق الخروج من النفق المظلم، ونحــــــــــــمي الآخرين من الدخول إلــــــــــــــيه من البداية.