تواصل » صحف ومجلات

إسقاط الأذان..!

في 2015/12/12

محمد بن إبراهيم الشيباني- القبس الكويتية-
أن يقوم إنسان عادي لا يعرف حلال الله من حرامه، ولا مكروهه من مندوبه في هذا الفعل، قد تبرر له ذلك على اعتبار أن «فاقد الشيء لا يعطيه»، ولكن أن يقوم بذلك مجموعة من الأئمة والمؤذنين العرب بطلب إسقاط أذان الفجر الأول، فهذا والله المنكر الكبير، ونقض لعرى الدين عروة عروة، بدل المحافظة على ما سنه رسولنا من العض عليه بالنواجذ، لاسيما أن مساجد الكويت على الأغلب يوجد فيها علاوة على الإمام مؤذنان!
إنه منكر من القول وزور، لأنه لا أحد في التاريخ الإسلامي منذ بعثته عليه السلام إلى يومنا، قال بإسقاط الأذان الأول إلا هؤلاء الأدعياء، وذلك طلبا للراحة وإطالة أمد النوم بدل أن يقوموا الليل بما حفظوه من كتاب الله، وهم الأئمة والمؤذنون الذين أكرمهم ربهم بهذا الشرف الكبير التأذين و«المؤذنون أطول أعناقاً يوم القيامة» لقيامهم بهذا الأمر الخطير، وأما الأئمة فهم الذين يفترض فيهم أنهم مرشدون للعباد بالمحافظة على سنن الهدى والدين، وعدم إنقاص شيء منها.
والأذان الشرعي عرفه الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني (الفتح المجلد الأول): «أنه إعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، والأذان قبل الوقت، ليس إعلاما بالوقت، فالجواب أن الإعلام بالوقت أعم من أن يكون إعلاما، فإنه دخل الوقت أو قارب أن يدخل، وإنما اختص الصبح بذلك بين الصلوات، لأن الصلاة في أول وقتها مرغب فيها، والصبح يأتي غالبا عقب نوم، فناسب أن ينصب من يوقظ الناس قبل دخول وقتها، ليتأهبوا ويدركوا فضيلة أول الوقت. والله أعلم».
والأذان الأول جاء قبل الثاني للاستعداد للصلاة.
وقد جاءت النصوص الحديثية الصحيحة التي تثبت الأذان الأول بقول نبينا: «إن بلالاً يؤذن بليل» (البخاري) دلالة على أن وقت الفجر لم يدخل بعد، وكان لابد من النداء الأول للمسلمين ليستعدوا للنداء الثاني في وقته. يذكر جمع من الصحابة أن الوقت بين الأذان الأول والثاني قولهم: «ولم يكن بينهما ـ أي بلال وابن أم مكتوم ـ إلا أن ينزل هذا ـ من المنارة ـ ويصعد هذا» (رواه الطحاوي)، ونقل الكشميهني عنهم: «لم يكن بين أذانيهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا» (الفتح). هذا ما كانت الأمة عليه لم يخالف في ذلك أحد مع أن الأغلب اليوم لا يؤذن الأذان الأول تسويفاً منهم وكسلاً، ومع ذلك يطالبون الوزارة بعريضة كتبوها للوكيل بإلغائه، وكأن لسان حالهم ومقالهم يقولان عندنا وظائف أخرى نقوم بها في الصباح ليست فقط وظيفة التأذين، وكل هذه الافعال منهم معاومة لدى مصلي المساجد في الكويت، أي أن أغلبهم غير متفرغين لعملهم هذا، ويتأخرون عنه ويسوفون في أوقات الصلوات الأخرى، وأن المراقبة عليهم ضعيفة جداً.
نهاية أمر هؤلاء أن وكيل الوزارة رد عريضتهم ورفضها بعد أن جاء رد إدارة الفتوى شديداً بعدم جواز طلبهم هذا الغريب في عصر غرائب وعجائب أئمة وزارة الأوقاف اليومية الكثيرة ومؤذنيها! ـ إلا من رحم. والله المستعان.