علي عبيد – البيان الاماراتية-
صادمة، من الصعب تصديقها، هذه التفاصيل التي تم الكشف عنها خلال جلسات محاكمة جماعتي «شباب المنارة» و«داعش» الإرهابيتين، اللتين كانتا تقومان بنشر الفكر الإرهابي المتطرف والترويج له داخل الدولة، وتعملان على تجنيد شباب الإمارات، وإعدادهم ذهنياً ونفسياً وبدنياً، لتبني فكر تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين.
وإرسالهم خارج الدولة للانضمام إلى تنظيمات إرهابية، مثل «جبهة النصرة» في سوريا، وتنظيم «داعش» في العراق والشام، والمشاركة في العمليات القتالية معهما، وجمع الأموال وإرسالها لدعم التنظيمات الإرهابية ذات الفكر الديني المتطرف.
صادم في هذه التفاصيل أن يعتنق المنتمون إلى هاتين الجماعتين فكراً دينياً متطرفاً يقوم على تكفير المجتمع والحكام، ويعمل على قلب نظام الحكم في الدولة، ويخطط لاغتيال شخصيات مهمة، من بينها رموز، ويستهدف مرافق تجارية وترفيهية في مدن الدولة، ويخطط لتفجيرها في مناسبات مهمة لإحداث أكبر عدد من الإصابات بين مرتاديها، بغرض خلق حالة من الذعر بين الناس، والشعور بانعدام الأمن في ربوع الدولة.
صادم في هذه التفاصيل كمية الأسلحة والمتفجرات التي ضُبطت مع أعضاء تنظيم «شباب المنارة» الإرهابي، والأماكن التي كانوا يخزنون فيها هذه الأسلحة والمتفجرات، والطريقة التي حصلوا بها عليها، والأشخاص والتنظيمات التي ساعدت على جلب هذه الأسلحة والمتفجرات وإدخالها إلى الدولة.
والمعسكرات التي كانوا يقيمونها في بعض المناطق للتدرب على استخدام هذه الأسلحة والمتفجرات، والاستعداد لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية في الأماكن التي يرتادها أكبر عدد من الناس، لإحداث حالة من الفوضى في البلاد.
صادم أكبر في هذه التفاصيل أن يكون المؤسسون والمنتمون إلى هذين التنظيمين الإرهابيين مواطنين إماراتيين، ولدوا على هذه الأرض التي لم يعرف أهلها طوال تاريخهم سوى الوسطية والسلام والاعتدال، ونبذ التطرف والعنف والتشدد، ولم يُعهَد عنهم سوى حب هذه الأرض والمقيمين عليها من كل الأديان والأجناس والأعراق.
والولاء لحكامها الذين هم جزء من نسيجها الاجتماعي، لأنهم ليسوا غرباء عنها، ولا دخلاء عليها، ولا يعيشون في أبراج عاجية تفصلهم عن شعبها، الذي يشعر بأنه يشكل معهم لحمة وطنية، تسعى إلى خير هذا الوطن وتقدمه، والمحافظة على منجزاته ومرافقه، وصد كل معتد أو طامع أو حاقد يسعى إلى تقويض أمنه، وزعزعة استقراره، واستهداف أفراده.
صادم في هذه التفاصيل الهيكل الإداري الذي شكله أعضاء تنظيم «شباب المنارة» لخليتهم الإرهابية، وتوزيع المسؤوليات بينهم وكأنهم يقيمون دولة داخل الدولة، وتقسيم أنفسهم على ثلاث مجموعات في ثلاث مناطق مختلفة، وتشكيل لجان تختص كل واحدة منها بعمل محدد.
واستخدام قنوات التواصل الاجتماعي لربط أعضاء المجموعة، والاتصال مع الجهات الإرهابية خارج الدولة للتنسيق معها، واستقطاب الأشخاص الذين لديهم ميول للالتحاق بالجبهات القتالية خارج الدولة، والانضمام إلى الجماعات الإرهابية، أمثال «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» وتنظيم «داعش» وحركة «أنصار» الإيرانية في بلوشستان، وجمع الأموال لدعم هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية.
وشراء الأسلحة والمتفجرات وجلبها إلى داخل الدولة وتخزينها، والتواصل مع المنظمات الإرهابية والأشخاص الذين يقومون بجلب هذه الأسلحة والمواد المتفجرة من خارج الدولة، وتدريب أفراد الخلية على الأعمال القتالية.
شباب المنارة وداعش، وأتباع كل فكر متطرف من أي اتجاه كان، نبت شيطاني، نبتت جذوره خارج حدود الوطن لترتوي من مياه آسنة لا تشبه مياه الوطن الصافية النقية.
شباب المنارة وداعش، وكل من ينتمي إلى فكر متطرف متشدد، غرباء عن هذه الأرض التي لم يعرف أهلها وساكنوها سوى الاعتدال والتسامح، ولم يعتنقوا سوى الفكر السوي البعيد عن أفكار القتل واستباحة دم الأبرياء، والتآمر على الوطن وأهله وحكامه، وتكفيرهم.
شباب المنارة وداعش، وكل من على شاكلتهم، طارئون على هذا الوطن، سوف يجرفهم السيل، مثلما جرف كل الطارئين على الأوطان أمثالهم، أولئك الذين زينت لهم شياطين فكرهم أنهم قادرون على قلب الحقائق وليّ أعناقها، وخداع الناس، وهم لا يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم، ويقودونها إلى موارد الهلاك والردى.
هؤلاء ليسوا شبابنا، لأن شبابنا لا يتآمرون ضد وطنهم وأهلهم وحكامهم، ولا يخططون لتفجير مرافق بلدهم التي هي جزء من إنجازات الوطن، ولا يسعون إلى قتل الأبرياء من أي جنس أو دين أو ملة.
هؤلاء ليسوا شبابنا، لأن شبابنا يحافظون على منجزات وطنهم، ويدافعون عنها، ويفتدون وطنهم بأرواحهم وأموالهم، ويتصدون لكل من يحاول الاقتراب من منجزات الوطن، أو يريد تدميره.
هؤلاء ليسوا شبابنا، لأنهم باعوا أنفسهم وعقولهم، وأسلموا قيادهم لدعاة التطرف والتشدد اللذين لا علاقة لهما بإسلامنا السمح الذي يحث على السلام، ويعلمنا أن الله هو السلام، ومنه السلام، كما نردد في أعقاب صلواتنا.
هؤلاء ليسوا شبابنا، لأنهم اتخذوا من العنف وسيلة لفرض أفكارهم على الجميع، واستباحوا الدماء، واستسهلوا تكفير البشر، وهددوا أمن الوطن وسلامته، ونشروا الإرهاب فيه، وروعوا أهله وساكنيه الآمنين المطمئنين، وعاثوا في الأرض فساداً.
شبابنا هم هؤلاء الأبطال الذين يسطرون في سجل الوطن كل يوم صفحات رائعة من البطولة، ويضحون بأرواحهم، ويبذلونها رخيصة من أجل رفعة الوطن، والدفاع عنه، وحمايته من الأخطار المحدقة به، وردع أعدائه الداخليين والخارجيين الذين يسعون إلى تقويض أمنه، وتهديد استقراره، ويحاولون الانقضاض عليه.
شكراً لرجال أجهزة أمننا المخلصين، فلولا يقظتهم ووطنيتهم ومهارتهم وعملهم الدؤوب لما تم كشف هذه الجماعات التي أخذت من الوطن كل شيء، إلا الوفاء والإخلاص له، والحب الحقيقي لهذه الأرض وأهلها الطيبين الأوفياء المخلصين الأنقياء.