تواصل » صحف ومجلات

علماء: (داعش) يحرّض الغرب على حرب باردة ضد المسلمين

في 2015/12/15

المدينة السعودية-

بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس مؤخرًا، يتعرض المسلمون في الغرب بشكل عام وأوروبا بشكل خاص للكثير من العنف سواء من السلطات الرسمية أو المواطنين غير المسلمين، وتشهد العلاقات الإسلامية الغربية حالة من التوتر الشديد الأمر الذي دعا الكثير من الخبراء والمحللين للمطالبة بمراجعة العلاقات الإسلامية الغربية والعمل على تصحيح مسارها حتى لا تتسبب الحوادث الإرهابية التي تقوم بها الجماعات المتطرفة في تشويه صورة الإسلام وبالتالي تعريض الأبرياء الذين يعيشون في الغرب للخطر.

«الرسالة» رصدت آراء علماء الدين في خطورة الوضع الحالي لتأكيد عدم وجود اي علاقة بين الإسلام والإرهاب من ناحية، وكيفية إقامة جسور الحوار والانفتاح على الآخر للوصول في النهاية إلى السلام الإنساني المطلوب...

هاشم: التنظيمات الإرهابية وراء توتر العلاقات الغربية العربية

دعا الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الى ضرورة الاعتراف بأن العلاقة بين الإسلام والغرب اليوم أصبحت في توتر شديد بعد أن استحضر الأخير الإسلام كدين يحث أتباعه على العنف والإرهاب وفي نفس الوقت سيبدأ العرب والمسلمون في الشرق في النظر لكل تصرف أمني تقوم بها الأجهزة الأوروبية ضد المسلمين على أنه استعادة لأجواء الحرب الصليبية ضد الإسلام والدول العربية مما سيزيد من حالة الحتقان الراهنة. وأشار إلى أن الإحصاءات الغربية تكشف عن زيادة أعداد المسلمين الذين أصبحوا يشكلون نسبة لا يستهان بها في تلك المجتمعات، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى زيادة العداء له خاصة أن كثيرًا من علماء الغرب كانوا قد تنبأوا بظهور الإسلام وانتشاره في أوروبا في القرن الحادي والعشرين، وكان من الواضح أن الذين يقبلون عليه هم من أهل الطبقات المتميزة ومن العلماء في المجالات المتخصصة المختلفة الأمر الذي يدل على قوته وما يملكه من إقناع عقلي، واشار الى ان إرهاب د اعش وغيرها من الجماعات الإرهابية سيجعل حملات العداء ضد الإسلام وإتباعه تتصاعد وانتشرت بالفعل مقولات كلها تحض على كراهية الإسلام ونبذ المسلمين وتصويرهم على أنهم أعداء للغرب وبدأت بالفعل على الساحة الغربية معالم وبوادر حرب باردة ضد الإسلام والمسلمين.

ودعا الى تعزيز دور المؤسسات الدينية الرسمية الفاعلة في الوطن العربي لترسيخ مفهوم الحوار المثمر القائم على أرضية البحث عن القواسم المشتركة وتضييق الفجوة بين العالم الإسلامي والغرب داعيًا إلى التحاور مع العقلاء والمنصفين في الغرب بحيث يتخذوا من منابرهم الفكرية والإعلامية وسيلة يؤكدوا من خلالها للرأي العام الغربي أن الإسلام دين السلام والرحمة وليس العنف والإرهاب ومن جانبنا كشعوب علينا أن نعي أهمية تنقية الأجواء للوصول إلى السلام الإنساني المنشود وأن تكون تصرفاتنا متميزة بسماحة الإسلام.

عبد الجليل: العلماء مطالبون بكسر جدار الكراهية

من جانبه يؤكد د.سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق وجود مسؤولية كبرى تقع على عاتق رجال الدين الإسلامي في تحطيم جدار الكراهية العازل الذي يحاول أعداء الإسلام بناءه حاليًا بسبب التداعيات المؤسفة التي تشهدها الساحة العالمية حاليًا منذ ظهور جماعة داعش الإرهابية.

ودعا إلى التواصل مع الجاليات المسلمة في الغرب لنرسخ في أذهانهم ضرورة أن تنبع كل تصرفاتهم من مفهوم الدين السمح والتركيز على قيم الأخوة والتواصل والتأكيد على أن الإرهاب المنسوب للإسلام أو غيره ألم مشترك بين المسلمين وغيرهم ويجب لأي إستراتيجية أن تعتمد بقوة على التثقيف لا بشأن الإسلام فحسب، بل جميع الأديان والتقاليد، بحيث تتراءى وتتضح الأباطيل والأكاذيب. ودعا الى الانفتاح على الآخر لتحقيق التواصل الإنساني بعيدا عن نموذج داعش الذي ساهمت وسائل الإعلام الغربية والصهيونية في الترويج له على حساب الإسلام الصحيح مشيرًا إلى ان الغرب اليوم قوي حضاريًا وتقنيًا واقتصاديًا ويسيطر سياسيًا على العالم، ويجب أن نتواصل معه لتصحيح صورة الإسلام وفقًا لثوابتنا وقيمنا وعقيدتنا بحيث نؤكد للعالم أجمع أن رسالة الإسلام هي الأكثر إنسانية ورحمة، وفي الواقع في الغرب يحترمون من يعرف نفسه وقدر عقيدته وثقافته، داعيًا الى فتح صفحة جديدة من الحوار تقوم على الندية الحقيقية والاحترام المتبادل والبحث عن القواسم المشتركة، ونحن من معسكر الحوار لأننا ندعي أننا عقلاء ونطالب بأن يتغلب العقل على الجهل لنتحاور حول القيم التي لا ينكرها أحد وهي الحق والعدل والخير والتقدم والسلام والتعايش والعلم ومقاومة الفقر والجهل والمرض والتهميش والإقصاء والصدام.

البداري: تحصين الشعوب ضد الخيانة الثقافية والاغتيال العقلي

شدد الشيخ محمد زكي البداري أمين اللجنة العالمية للدعوة الإسلامية بالأزهر على المنصفين في العالم الإسلامي والعالم الغربي على ضرورة العمل على تحصين الشعوب الإنسانية حتى تكون في مأمن من الخيانة الثقافية والاغتيال العقلي الذي كثيرًا ما يمارس انطلاقا من أجندة خاصة لبعض الفئات المتطرفة التي تسعى دائما لتأزيم المواقف وتخويف الناس وخلق عدو وهمي وهم اليوم يروجون في الغرب لأن الإسلام هو العدو رغم أنه المنهل الذي استقت منه الحضارة الغربية أسس ومباديء قيمها وقوتها.

وطالب بكشف زيف الجماعات الإرهابية ومواجهة منتقدي الإسلام في الغرب، مشيرًا الى أن الإنسان الغربي برغم كل ما يقال له من خلال وسائل الإعلام عن الإسلام لا يزال لديه رصيد الفطرة الذي يمكنه من تقبل الحقيقة إذا عرضت عليه بذكاء وقدمت له في صورتها النقية، ودعا الى اعادة صياغة حوار مشترك مع الآخر في الغرب على ان يكون متحررًا من ثقافة الكراهية التي يحملها كل طرف للآخر وكذلك بعيدًا تماما عن لهجة الاستعلاء كما يجب أن تكون هناك منهجية علمية تدرك ببصيرة نافذة قيمة ثوابتنا الدينية وتتفاعل أيضا بوعي كامل مع كل متغيرات الزمان والمكان وتقدر جهود العقلاء من أجل إيجاد صيغة محترمة للعلاقات الدولية تعمل على تفعيل القواسم المشتركة للعيش بين جميع الأطراف وترفض أصوات الذين يسعون لإشعال نار الصراع، ويبرز حاليا دور المؤسسة الدينية الوسطية ممثلة في مجلس حكماء المسلمين من ناحية والأزهر من ناحية أخرى، اذ يمكنهما لعب دور قائد قاطرة الانفتاح على الآخر كصناع لمسيرة جديدة من الحوار المثمر القائم على الندية والبحث عن القواسم المشتركة لإحلال السلام الإنساني، ولابد من توظيف العقليات المسلمة التي تميزت في مجالاتها العلمية المختلفة وتقيم في الغرب لتوضيح أن الإسلام دين حضارة وليس دينا ناسفا للحضارة وأن المسلمين الذين يقيمون في الغرب من الممكن أن يلعبوا دورًا مهمًا لتضييق الفجوة بين العالم الإسلامي والعالم الغربي.

واوضح أن الموقف الصعب الذي نعيشه اليوم يحتم علينا تصحيح صورتنا لدى الآخر في كل المجتمعات الغربية، معربا عن أسفه الشديد لأن كل ما ترسخ للمواطنين الغربيين اليوم من معلومات عن الدين الإسلامي إنما بنيت بالأساس على معلومات غير صحيحة ووقائع وتقارير مزيفة من صنع الإعلام الغربي وتسبب فيها جهل بعض المسلمين بالمفاهيم الإسلامية فانتموا للتنظيمات الإرهابية وارتكبوا جرائم الإسلام منها بريء، ودعا الى مد جسور الحوار على الأسس المشتركة بحيث يكون التعاون قائما على الاحترام وتبادل المنافع والمصالح المشتركة ولا يجوز التوقف عند حوادث إرهابية قام بها إرهابيون لا يمتون للدين بصلة حتى لا يتم استدعاء أحداث تاريخية تعرض فيها المسلمون للعنف باسم الدين المسيحي فيما عرف بالحروب الصليبية وعلينا أن نصدر للغرب فكرة أنه لا يجوز أيضا أن نحكم على العلاقات من خلال مواقف لبعض الأفراد هنا أو هناك.