وول ستريت جورنال- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
تظهر موجة من النشاط في العاصمة السعودية خلال الأسبوع الماضي لتعكس الجهود المبذولة من قبل الملك «سلمان»، الذي جاء إلى السلطة قبل نحو عام، من أجل إحداث تغيير ملموس في البلاد. ويمكن أن يكون الأمر مبشرا بتحولات كبرى في دور المملكة خلال عام 2016.
استضافت المملكة العربية السعودية اجتماعا يهدف الى توحيد المعارضة السورية، كما تبنت عقد اجتماع لكبار قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست.
أسفر الاجتماع الأول عن خطة لتشكيل لجنة من مختلف جماعات المعارضة السورية للإعداد لمفاوضات محتملة مع «نظام الأسد» لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. وقد تراجعت العديد من الجهود للتفاوض على إنهاء الصراع المستمر منذ أربعة أعوام في ظل أجواء الانقسامات بين جماعات المعارضة المختلفة، وليس هناك ما يضمن أن هذه الجهود سوف تستمر إلى النهاية. وثمة تحد آخر يتمثل في انقطاع الاتصالات بين شخصيات المعارضة السياسية السورية والجماعات المسلحة التي تقاتل على الأرض. وجود ثمة مظهر من مظاهر الوحدة بين السوريين المعارضين لـ«بشار الأسد» كان عنصرا أساسيا مفقودا ضمن الجهود للتفاوض على تسوية للصراع السوري.
في اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي، ناقش القادة العرب الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في سوريا واليمن، واقترح عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن. كما ناقش الاجتماع استمرار الجهود المبذولة لزيادة التجارة الإقليمية والتكامل الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، وأدان التصريحات الأخيرة ضد المسلمين واللاجئين. هذه القيادة السعودية على الصعيد الإقليمي تتناقض بشكل صارخ مع موقف البلاد من سوريا قبل عامين، عندما تنازلت المملكة العربية السعودية عن المقعد الذي طالما سعت وراءه في مجلس الأمن الدولي احتجاجا على قرار إدارة «أوباما» بعدم ضرب «نظام الأسد» بعد أن استخدم الأسلحة الكيميائية، وللتعبير عن معارضتها للمفاوضات الدبلوماسية مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وبالعودة إلى الأمام في عام 2015، نجد أن المملكة العربية السعودية تتخذ نهجا أكثر حزما بكثير من الناحية العسكرية والدبلوماسية. حقيقة ما إذا كانت هذه الجهود سوف تساعد على إنتاج المزيد من الاستقرار في المنطقة لا تزال غير واضحة. وتستمر المعركة في اليمن المجاور، والتي دشنتها المملكة العربية السعودية منذ شهور بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لإعادة حكومة الرئيس «عبد ربه منصور هادي». جنبا إلى جنب مع الجهود الجديدة في سوريا، فإن اليمن أيضا تشكل اختبارا مهما حول إذا ما كان النشاط التصعيدي للرياض قد ينتج قدرا أكبر من الاستقرار أم أنه سوف يزيد من الانقسام في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، فإن البلاد تخوض محاولة أخرى من أجل فطم نفسها عن الاعتماد الكبير على النفط. المملكة العربية السعودية تبدو على وشك اتخاذ بعض الخطوات الاقتصادية الهامة محليا، على النحو الذي بينه «توماس فريدمان» في مقال في الشهر الماضي. وتشمل بعض هذه الجهود الرامية إلى إصلاح جذري للدعم الذي تقدمه الحكومة لجميع المواطنين السعوديين، وقطع الدعم على الطاقة، وإدخال المزيد من المنافسة والخصخصة. إذا تم تنفيذ بعض التدابير التي تمت مناقشتها خلال سلسلة من الاجتماعات هذا الأسبوع، فإنه يمكن إعادة كتابة العقد الاجتماعي منذ عقود بين الحكومة السعودية وشعبها على نحو فعال. استمرار التراجع الحاد في أسعار النفط، ليس فقط في الأسابيع الأخيرة ولكن على مدى العامين الماضيين، قد وضع ضغوطا متزايدة على ميزانية المملكة.
كما تركز السعودية أيضا على التهديدات الإرهابية القادمة من المجموعات على شاكلة «الدولة الإسلامية» التي نفذت هجمات داخل المملكة هذا العام، إضافة إلى مطاردة المتطرفين داخل المملكة. وقد اعتقلت الحكومة عدة مئات من السعوديين يشتبه في وجود صلات بينهم وبين «الدولة الإسلامية».
اتخذت الحكومة خطوة من نوع آخر. ففي الانتخابات التي أجريت يوم السبت، سمح للنساء بالتصويت لأول مرة في تاريخ المملكة. وكانت الانتخابات البلدية في نهاية هذا الأسبوع أيضا هي الأولى من نوعها التي يسمح فيها للنساء بشغل المناصب العامة وقد تم انتخاب عدد منهن ضمن صفوف المجالس المحلية.
عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فإن عام 2015 سوف يتم ذكره على أنه العام الذي تم خلاله توقيع الاتفاق النووي الإيراني، وظهر خلاله تنظيم «الدولة الإسلامية»، واستمرت موجة التفتيت في المنطقة. السعودية لديها حصة في كل هذه القضايا. وتشير خطواتها الأخيرة أنها سوف تأخذ على عاتقها دورا أكثر نشاطا خلال عام 2016 ما سوف ينعكس على المسار الشامل لقضايا الشرق الأوسط.