تواصل » صحف ومجلات

تأخرنا في اجتثاث المحرّضين

في 2015/12/15

د.هيا عبد العزيز المنيع- الرياض السعودية-

بعد تفعيل قرار مصادرة ومنع كتب التحريض من الدخول للمؤسسات التعليمية والثقافية والتأكيد على منع بيعها في معارض الكتاب كما ذكر في صحيفة عكاظ يوم الاربعاء الماضي.. فإنه حان الوقت وبقوة لاجتثاث فكر المحرضين بمنعهم من التداخل مع المنظومة الثقافية والتعليمية ومواقع المنابر بل ومحاسبتهم باعتبارهم ارهابيين فهم في الواقع يوازون مروجي المخدرات بخطورتهم وإجرامهم إن لم يكن أكثر..

منع الكتب الخطوة الأولى في طريق الخلاص من ثقافة التطرف، والمطلوب برنامج ثقافي منفتح متنوع لا ينحصر في مسار واحد ولا يفقدنا هويتنا.. بمعنى أن اجد في المدرسة مسرحا ومعرض فنون وندوة دينية ومحاضرة علمية ومتحدثا بارزا في مجال علمي او تجاري يتواصل مع ابنائنا.. هذا داخل المؤسسة التعليمية أما خارجها فلابد من متابعة خطابنا بعمومه فليس من المنطق أن يأتي من يحرم مشاركة المرأة في الترشيح والانتخاب للمجالس البلدية ويبرر ذلك برؤى شرعية فيما هي في الواقع رؤى شخصية ولا نجد موقفا واضحا وصريحا لهيئة كبار العلماء في تصحيح هذا الطرح غير المناسب للمرحلة ومتطلباتها.. مع ملاحظة أنها لا تتفق مع توجه الدولة.. وآخر يبرر عدم قدرته على تجريم داعش بأنهم مسلمون!

وهل يعني ذلك أن أبرر جريمة غيرهم لانهم مسلمون فتاجر المخدرات ربما يؤدي الصلاة قبل ترويجها على شباب الوطن، والقاتل ربما وخزه ضميره فتصدق على عامل النظافة ثم قتل ضحيته.. فهل أبرر جريمته..؟

العقل يقول لا والمنطق يقول لا والشريعة والقانون يقولان لا..

بل لابد من معاقبتهم بما يستحقون وتدينهم لهم ومع ربهم.. فلو اعاد سائق تاكسي مالا مفقودا لأحد الركاب سأكافئه على عمله دنيويا ولكنني لا أملك حق تقرير مصيره بعد الموت إن كان غير مسلم.. بمعنى ان ما بين الانسان وربه فليس من اختصاص البشر فقط نحن مسؤولونن عما نراه وما تثبت القوانين خطأه ايضا دون دخول في النوايا أو دين الشخص..

مع تقديري لتنفيذ قرار منع كتب التطرف والفتنة الا ان ذلك لن يحقق اهدافه القريبة والبعيدة الا بانفتاح ثقافي داخل المؤسسات التعليمية واعطاء فرصة للمشاركة فيها لجميع الاطياف وعدم حصرها في مسار واحد فقد تأخرنا كثيرا في زرع ثقافة الحياة والجمال في وجدان ابنائنا.. وتمددت ثقافة التوحش..

نعم فهناك مجموعة باتت معروفة للجميع بتحريضها وزراعتها لثقافة التطرف والتشدد والكراهية مع حرصها على بث روح الاحباط داخل مجاميع الشباب وفرض عنصر الكراهية والخصومة الى حد تحليل الدم لكل من يختلف معهم وإن كان على حق..

المحرضون خطرهم اكثر عمقا من هؤلاء المقاتلين رغم ان هؤلاء يسفكون دماء الأبرياء ويكبرون ويهللون وهم يقتلون المصلين الساجدين لربهم..!

إن المحرضين وناثري بذور الفتنة في أرض الوطن أكثر خطرا من هؤلاء فمجرد انتحار او اعتقال الارهابي ينتهي، أما هذا المحرض فانه بفكره يخلق حلقة متسعة من الارهابيين بل ويشكل مستنقعا تنمو فيه تلك الفطريات الضارة..

ومع يقين واتفاق على خطورة فكر التطرف والتشدد الفكري وانه ارضية تستنبت الارهاب فان ذلك يعني تقصيص اجنحة هذا الفكر بمحاصرة المحرضين ممن يمارسون التحريض في غير منبر وخاصة ممن يتداخلون مع الشباب عبر منافذ متنوعة قد لا نملك التحكم في بعضها ولكن في التعليم والمسجد والاعلام الرسمي نملك زمام التقنين والتحكم فيها ما يعني ضرورة منعهم منها بل والتشهير بهم وإن وصل الأمر لسجنهم فالوطن وأمنه يستحقان.