د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-
أعلنت السعودية قبل يومين عن تحالف جديد يضم 34 دولة إسلامية لمحاربة تنظيم «داعش» والمنظمات الإرهابية. وإن كنا نتأمل الخير، لكننا لا نعلم ما الذي سينتظر هذا التحالف.
الإرهاب الذي أصبح تقريباً يضرب كل بقاع العالم المتحضر والمتخلف، لا يحتاج الى هذا التحالف. أساساً المشكلة ليست بهذا التحالف أو غيره، بل في تعريف المشاركين لمعنى الإرهاب. فعدم الاتفاق على مفهوم الإرهاب هو أحد أهم مسببات ظهور القوى الإرهابية.
لو سألنا كل دولة من الدول المشاركة على حدة ما تعريفكم للإرهاب، فبماذا سيجيبون؟، فلو سألت السودان مثلا لقالت القوات المتمردة في الجنوب، وهي قوات غالبيتها مسيحية، وإن سألت الصومال أو نيجيريا، لأجابت حكوماتهما بأنها حركة «الشباب المسلم» و«بوكو حرام»، ولو سألت البحرين لقالت «حزب الله»، ولو سألت السعودية لأجابت «القاعدة»، ولو سألت مصر لأجابت «الاخوان»، ولو سألت تركيا لأجابت الأكراد.
هدفي من هذه الجولة السريعة لمعنى الإرهاب لدى كل نظام سياسي هو صعوبة تحديد تعريف موحد يشمل تحت مظلته كل المنظمات الإرهابية، فالإرهاب بهذا الشكل يحمل معنى نسبياً، ويختلف بحسب منظور كل دولة وبحسب الزاوية التي ينظر من خلالها النظام أو السلطة أو المنظومة الدولية للإرهاب.
فقد يتخيل البعض أن هذه النسبية في تعريف الإرهاب والصعوبة في تحديدها بدقة تعود إلى الجانب الفكري للمسألة. لا أبداً، فلو أرادت الدول الكبرى أو المنظمات الدولية كمجلس الأمن أن يحدد الإرهاب ويعرفه تعريفاً دقيقاً لاستطاع بكل بساطة. ما يمنع الوصول إلى اتفاق دولي كهذا هو اهتمام هذه الدول بالإرهاب والإرهابيين ودعمهم له لأنها ببساطة منظمات لها أهداف وتخدم مصالح البعض.
خذ على سبيل المثال «القاعدة». هذه المنظمة تختلف نسبياً في درجة إرهابها زمانياً ومكانياً. زمانياً اختلفت «القاعدة» كمنظمة إرهابية عند النظر لها لفترة ما قبل سقوط الاتحاد السوفياتي عن مرحلة ما بعد السقوط، فقبل السقوط كانت ثورة شعبية، لكنها بعد السقوط تحولت لمنظمة إرهابية، وأما مكانياً فـ«القاعدة» تعتبر منظمة إرهابية في أفغانستان، لكنها في سورية والعراق فهي ثورة شعبية. الشيء نفسه حينما نتحدث عن «الإخوان»، فهم إرهابيون في زمن عبد الناصر والسيسي، لكنهم حزب حاكم أيام مرسي، ومكانياً يسمونه الحزب الحاكم في تركيا ومحظور وإرهابي في مصر والإمارات.
لذلك حينما تجتمع 34 دولة تحت مظلة السعودية لمحاربة الإرهاب، فإنني أجد أن هذا التحالف يحارب قوة إرهابية معينة اسمها «داعش» لأنها انتهت صلاحيتها ومكروهة من الجميع، وهذا الشكل من الاتفاق لمحاربة الإرهاب لن يتكرر لأنه نادر الحدوث، فلو أرادت هذه الدول حقيقة القضاء عليه، فالأمر لا يحتاج لكل هذه «الشوشرة» والفرقعة الإعلامية، حيث توجد بيوتات تكفيرية منتشرة وخصوصاً في دولنا الخليجية، هذه البيوتات هي الأساس الفكري والمنبع الرئيسي لانتشار المصائب في بقاع العالم. كل القوائم التكفيرية مصدرها واحد، وفكرها واحد، ومكانها هنا وبين ظهرانينا. اقضوا على هذا الفكر الإرهابي، لأنه هو «ساس البلى».