إعداد: أسامة محمد- الخليج الجديد-
أعلن ولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» أمس، عن تشكيل الرياض لـ«تحالف إسلامي عسكري» لمحاربة الإرهاب يتكون من 34 دولة إسلامية فيما أفصح أن هناك 10 دول أخرى تؤيد هذا التحالف وستنضم إليه بعد استكمالها لاجراءات لم تعرف تفاصيلها بعد .
يتميز هذا التحالف بعدة خصائص ومميزات يمكن أن نوجزها في السطور التالية:
تحالف مفاجئ
حيث تم الإعلان عن التحالف دون سابق إنذار وتم الترتيب له بشكل سري وعاجل ويبدو أن هناك أسباب دفعت الرياض لهذا الإعلان المتسرع حتى دون استكمال بعض الدول لاجراءات الانضمام لهذا التحالف، ولعل من هذه الأسباب هو تلبية رغبة الإدارة الأمريكية بدور سني في مواجهة «الدولة الإسلامية» بعد فشل الضربات الجوية أو استباق لخطوات منتظرة من دول أخرى أو رد سريع على التحالف الرباعي بقيادة روسيا، أو دفعا للتهم الموجهة للرياض بأنها محضن ومصدر هذه الأفكار المتشددة.
تحالف تنسيقي
فيما تم الإعلان أن التحالف هو تحالف عسكري لحوالي 34 دولة نفى الأمير «محمد بن سلمان» وجود أعداد محددة للقوات التي تشارك بها الدول التي أصبحت عضوا في هذا التحالف، وأكد أن الدور القادم لهذا التحالف هو التنسيق بين هذه الدول وهذا يعني أن هذا التحالف لن يقوم بأي خطوات عملية في القريب العاجل، ولكن بعض المتابعين أشاروا إلى أن هذه الدول مجتمعة يتبع لها 4.3 مليون يمكن أن يشكلوا القوة العسكرية للتحالف وهذا مستبعد حاليا.
تحالف غامض
لم يحدد في هذا التحالف ما هي مهمات الدول المشاركة أو اليات مشاركتها كما أن الأمير «بن سلمان» أشار أن التحالف لا يلزم أي من الدول الأعضاء بشيء معين بل يترك لها الباب مفتوحا للمشاركة حسب امكانياتها وهذا يندرج تحت أحد أمرين إما أن يكون غموضا مقصودا أو مؤشر واضح على فشل متوقع لهذا التحالف.
تحالف إعلامي لإثبات الذات
حيث ظهرت الأمير «بن سلمان» لأول مرة في مؤتمر صحفي يوضح للإعلاميين تفاصيل هذا التحالف وأهدافه وقد حظي بتغطية إعلامية كبيرة في الوقت الذي تحرص فيه الرياض على إظهار دورها في المنطقة عبر عدة فعاليات دولية مثل مؤتمر المعارضة السورية الاخير في الرياض الشهر الحالي ومشاريع داخلية أخرى تحاول عبرها القيادة الحالية إظهار مكانتها. كما تحاول الرياض اثبات نفسها وقدرتها على القيادة وقدرتها على مواجهة تحدي تنظيم الدولة أمام الغرب.
تحالف مهلهل
يشير الكثير من المتابعين بأن هذا التحالف يحتاج إلى انسجام مكوناته لكي يكون فعالا وهو ما ليس موجودا بسبب الخلافات الواضحة بين كل من مصر والإمارات وتركيا وقطر وغيرها، كما أن وجود بعض الأعضاء مثل السلطة الفلسطينية أصبح أحد عناصر الاستهزاء بالتحالف.
بروز المعترضين
لقد كان متفهما عدم انضمام إيران لهذا التحالف وكذلك العراق ولعل سياسة عمان النائية والعضو في مجلس التعاون يمكن قبولها بصعوبة كمبرر لعدم الانضمام أما دولة مثل الجزائر وأفغانستان فهذا يدل على مشكلة في القدرة على الاحتواء والإقناع.
صعوبات مجال التحالف
لقد تم تحديد بعض الساحات مثل العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان كمناطق رئيسية لعمل التحالف لكن العراق وافغانستان ليستا من هذا التحالف بل إن احداهما ضمن التحالف الدولي والاخرى ضمن التحالف الروسي.
تحالف مصحوب بالمبالغة
مع كل التساؤلات والغموض الموجود حول التحالف سارع كثيرون إلى الانبهار به والقول بأنه ناتو إسلامي وهذا يتناقض مع حقيقة عدم التوافق على انشاء قوة عربية مشتركة فكيف بانشاء ناتو إسلامي، كما قال آخرون أن هذا التحالف سينهي التحكم الأمريكي في المنطقة وهذا أيضا غير دقيق ومبالغ به.
تحالف لإخافة إيران وأصدقائها
ربما تحاول السعودية أن تلوح عبر هذا التحالف كرادع للنفوذ الإيراني وكأنها تقول لطهران أن هذه الدول كلها حليفة للرياض ويمكن أن تكون في صفها في أي مواجهة محتملة وأن هذا التحالف أقوى من التحالف الرباعي الذي دخلت فيه طهران مع روسيا والعراق والنظام السوري.
تحالف يتجاهل الإرهاب الصهيوني
لم يشر بيان التحالف أو المؤتمر الصحفي الذي قدمه الأمير أي تفاصيل حول الإرهاب الصهيوني الذي يقوم به المستوطنون على الأقل في القدس والضفة الغربية وهذا يؤشر أن الارهاب الإسرائيلي ليس ضمن أولويات أو حتى أجندة هذا التحالف ما لم يثبت العكس.
في الواقع أن قدرة السعودية على جمع 34 دولة تحت مسمى واحد بقيادتها هو عمل كبير ولكن يبقى التطبيق العملي وإنجاز الأهداف هو المعيار الحقيقي لقياس النجاح، وعلى هؤلاء الأعضاء تجاوز الخلافات بينهم ثم الخلافات مع الدول خارج التحالف ومن ثم البدء في المواجهة مع «الدولة الإسلامية» أو «القاعدة» وغيرها.
من زاوية إيجابية أخرى فإن هذه هي المرة الأولى التي تجتمع فيها دول إسلامية بهذا القدر تحت حلف عسكري واحد وهو ما قد يعده البعض فرصة جيدة لهذه الدول لكي تدرك أن لديها قدرة مجتمعة على الفعل لكن ما زال هناك الكثير من العقبات للوصول إلى هذا الأمل الذي تتطلع إليه شعوب الأمة الإسلامية.