ترجمة وإعداد: سامر إسماعيل- شؤون خليجية-
اختلف كثير من المحللين الغربيين والعرب بشأن الهدف من وراء إعلان السعودية تشكيل تحالف إسلامي ضد الإرهاب في نفس يوم إعلان وقف إطلاق النار باليمن، فالبعض وصفها بأنها مجرد دعاية لتحسين صورة المملكة أمام الغرب بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس والولايات المتحدة ومحاولة من قبل المملكة للنأي بنفسها عن أي صلة لها بالإرهاب وتنظيم "داعش" والبعض اعتبر أن الهدف من تشكيل التحالف هو التصدي للنفوذ الإيراني ومحاولة الاعتماد على الذات بدلا من الاستعانة بالغرب.
وأبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إشادة السيناتور "جون ماكين" رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بالتحرك السعودي ، لكنه اشتكى في بيان أصدره من أن تفاجؤ بعض المسؤولين الأمريكيين البارزين بالخطط السعودية لتشكيل التحالف عكس تضاؤل نفوذ إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في صراعات المنطقة.
واعتبر "سينك سيدار" رئيس شركة "سيدار جلوبال أدفيزرز" للأبحاث والاستشارات الإستراتيجية بواشنطن، في تصريح لصحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية أن الحرب بالوكالة بين الرياض وطهران وقفت وراء تشكيل هذا التحالف، فالسعودية تحاول منذ فترة طويلة زيادة نفوذها في المنطقة.
وتحدث عن أن تحرك الرياض لتشكيل التحالف الإسلامي العسكري تزامن مع دخول وقف إطلاق النار في اليمن حيز التنفيذ وسط غموض بشأن أين وكيف سيقاتل هذا التحالف الجديد ضد الإرهاب، حيث لم يكشف هذا الإعلان عن أي رسالة واضحة بالنسبة للعالم الغربي،وذكر أنه يمكن قراءة التحرك السعودي الآن على أنه صمم لإظهار قوة الرياض في المنطقة.
أما "فراس أبي علي" المحلل في شؤون الشرق الأوسط بشركة "آي إتش إس كونتري ريسك" بلندن فوصف الإعلان السعودي بأنه محاولة لتوسيع شبكة الدول الداعمة للسعودية في ظل استعدادها المحتمل لتقليص الحرب باليمن.
من جانبه أشار "آرون ديفيد ميلر" الدبلوماسي الأمريكي السابق في شؤون الشرق الأوسط ونائب رئيس مركز "ودرو ويلسون الدولي" في واشنطن خلال تصريحات لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إلى أن السعودية تتعرض لكثير من الضغوط لما تفعله في اليمن والاتهامات بنشر الفكر الوهابي وعدم القيام بما هو مطلوب منهم عسكريا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" في سوريا والعراق، لذلك فإن تشكيلها للتحالف يحمل بعض القيمة الدعائية للسعودية.
وتحدث عن أن هناك بالفعل تحالف يضم 65 دولة فيما يتعلق بالقتال ضد "داعش" ويوجد فقط حوالي 6 دول منهم يمكن أن تكون لهم قيمة في العمليات من الناحية العملية، واعتبر أن التحالف الجديد لن يكون له أي دور أكثر من القيمة الرمزية.
وأضاف أنه سيكون أمر جيد إذا قامت دول التحالف الجديد بالتعامل بجدية مع تبادل المعلومات وجهود وقف التجنيد لصالح المجموعات الإرهابية، وأشار إلى أنه سيكون أمر جيد إذا ركزوا على تبادل المعلومات الاستخبارية والتعهد بقيام رجال الدين والأئمة بالوقوف في وجه التطرف وإدانته، لكن الأمر الذي سيكون أفضل من ذلك كله هو إذا ما التزمت دول التحالف الجديد بإرسال 5 آلاف من قواتها الخاصة من أجل التنسيق مع الولايات المتحدة.
وأشار "فارع المسلمي" المتخصص في السياسات الخليجية واليمنية بمركز "كارنيجي" في الشرق الأوسط إلى إلى اعتقاده بأن التحالف الجديد أكثر رمزية من أي شيء آخر، معتبرا إياه ردا على الانتقادات الدولية بأن السعودية لا تفعل ما يكفي لوقف "داعش".
وذكر أن "داعش" والمنظمات الإرهابية الأخرى كـ"القاعدة" ستزدهر طالما استمرت الحروب في اليمن وسوريا وليبيا في خلق فراغ سلطة وأراض غير خاضعة لسيطرة الحكومة.
من جانبه اعتبر "كونسطانطين كوزاخيوف" رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الشيوخ الروسي في تصريحات أوردتها شبكة "أورنيوز" أن نجاح التحالف الجديد سيعتمد بشكل كبير على مدى قدرته فيما يتعلق بالتوفيق بين الدول السنية والشيعية، وشكك في قدرة هذا التحالف على النجاح بدون العراق وإيران الذين تتعاون معهم روسيا والذين التزموا بفعل الكثير عن غيرهم من كثير من الحلفاء.
وأشاد "فرانز كلينزيفيتش" من لجنة الدفاع والأمن بمجلس الشيوخ الروسي والذي حارب من قبل في الحرب السوفيتية بأفغانستان، بشكل عام بالجهود التي بذلت لتشكيل مثل هذا التحالف، لكنه عبر عن أسفه لغياب إيران والعراق عنه، معتبرا أن ذلك قد يعني استخدامه لتحقيق أهداف أخرى.
واعتبر الدكتور "كريستوفر دفيدسون" الأستاذ بجامعة دورهام البريطانية والمتخصص في الشؤون الخليجية أن التحالف الجديد الذي أعلنت عنه السعودية ضد الإرهاب هو في الأساس محاولة من قبل السعودية لتوليد أخبار إيجابية عن دورها في الشؤون الدولية بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس وسان بيرناردينو.
وأشار في تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إلى أن كلا المهاجمين في هجوم "سان بيرناردينو" بكاليفورنيا قضيا وقت من الزمن في المملكة.
وأضاف أن الانقسامات داخل الدول المشاركة في التحالف الإسلامي لا تبشر بالخير بالنسبة لفعاليته، فالأعضاء المؤسسين للتحالف الجديد في أغلبهم يقفون على الجانب السني من خط الصدع الطائفي وهم أنفسهم منقسمون بعمق في عدد من القضايا السياسية الرئيسية.
وتحدث عن أن احتمالية أن يصبح تحالفا دوليا أمنيا فعالا تقترب من الصفر.
كانت المملكة قد أعلنت عن تشكيل تحالف إسلامي يضم 34 دولة فضلا عن دعم 10 دول أخرى من أجل محاربة الإرهاب، على أن يكون مركز قيادة عملياته المشتركة في الرياض.
ووصف "مايكل ستيفنز" من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في تصريحات لصحيفة "جارديان" البريطانية الإعلان عن تشكيل التحالف بالرسالة السياسية وليست العملية الإستراتيجية، معتبرا أنها رسالة مخصصة جدا وتسهدف في الأساس قطع الطريق أمام إيران ليس فقط في الشرق الأوسط وإنما في أماكن أخرى كذلك كنيجيريا، فضلا عن سعي تلك الخطوة لتحسين الصورة في الغرب.
ونقلت الصحيفة عن "مصطفى العاني" من مركز أبحاث الخليج الذي وصفته بأنه يعكس في الغالب التفكير في الرياض، أن السعوديين يشعرون بأنهم يتعرضون لهجوم من الإعلام الذي يتهمهم بأنهم مسؤولون عن "داعش"، لذلك فإنهم شعروا بالحاجة إلى الرد ليس من خلال الدعاية المضادة وإنما من خلال مشروع واقعي، مضيفا أن داعش" يتطلب الرد عليه عسكريا، فطبيعة الإرهاب تتغير وليست فقط عبارة عن الضرب والجري وليس فقط تفجيرات انتحارية فهدفهم الآن بناء دولة، وإذا رأردت أن تقاتل "داعش" في العراق فلا تستطيع إرسال الشرطة أو أجهزة الأمن بل إن هناك حاجة لإرسال قوات عسكرية حقيقية.
وأبرزت صحيفة "تليجراف" البريطانية تصريحات لـ"أفضال أشرف" الضابط السابق الرفيع بسلاح الجو الملكي البريطاني والباحث حاليا بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن والتي اعتبر فيها أن التحالف من حيث المبدأ فكرة ممتازة.
وأضاف أن التحالف يمثل تحولا في تفكير السعودية واللاعبين الخليجيين الذين كانوا يتطلعون للغرب من أجل أمنهم، معتبرا أنه أمر جيد أن يبدءوا الآن في معالجة مخاوفهم الأمنية الإقليمية بأنفسهم.
وأشار إلى أن التحالف الذي يضم دول الخليج التي تشتري أسلحة قوية فضلا عن تركيا التي هي عضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو" بجانب الجيش الباكستاني الذي يتمتع بالخبرة يمكن أن يشكل قوة عسكرية قوية، لكنه أكد على ضرورة أن يعمل هذا التحالف مع الجيوش الغربية ، وحذر من أن العالم الإسلامي لديه سجل فقير فيما يتعلق بالتعاون العسكري.
ووصف "ديفيد أندريو واينبرج" المتخصص في شؤون الخليج بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في تصريح لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية فكرة قيادة السعودية لتحالف جديد ضد الإرهاب للتركيز على سوريا والعراق بالعمل المشين بعدما تراجعت المملكة بشكل كامل تقريبا عن المشاركة في الضربات الجوية مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" منذ مارس.
وأشار إلى أن الحديث عن أن هناك سياسة خارجية سعودية أكثر حزما من الصعب تصديقها خاصة بعد المستنقع الذي وقعت فيه المملكة باليمن، مما يمنع أي هجوم عسكري كبير تقوم به في أماكن أخرى.
كان مسؤولون في باكستان وماليزيا قد نفوا كذلك علمهم المسبق بانضمامهم للتحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية، كما أكد مسؤولون بالسلطة الفلسطينية في تصريحات لصحف غربية عدم علمهم المسبق كذلك بالتحالف رغم إعلان المملكة أنهم جميعا أعضاء فيه.