علي القاسمي- الحياة السعودية-
أتى التحالف العسكري الإسلامي متقن التوقيت بالمقام الأول، ومن ثم مفاجئاً في القدرة البديعة على التشكيل والتكوين، وجاء في ما يشبه اللكمة الخاطفة في وجه من يربط بين الإرهاب والإسلام. في التحالف وحدة ابتدائية للرؤية السياسية الإسلامية بعد أن كانت الرؤى ترتخي وتغير جلدها، على رغم أن كثيراً من الوعود التي قالها لنا الآخرون -وغيّرنا معها شيئاً من آرائنا- من أجل حماية مصالحنا وترميم جراحنا ظلت وعوداً على الورق. 35 دولة ورؤية متجهة لأسطر واحدة في مكافحة النزف/ الإرهاب، ما أتوقف عنده في خريطة العمل الإسلامية الجديدة المنطلقة في شجاعة التحالف أنه حدث تاريخي استثناءَ في المشوار الطويل مع الأرقام والآمال والرغبات المتوقفة عند حاجز الكلام، فالحركات والمؤامرات والألعاب التي تهدد مقدرات الأمة في ازدياد وتنام، ولم يعد هناك بد من المواجهة وإن كانت تنطلق كلها بشكل أو بآخر من نقطة الاتكاء على وحل ومستنقع الأفعال الإرهابية المحرقة. إن تغيير استراتيجية التعامل مع الأزمات المتناوبة العمل متقنة الأمكنة وتحولها من استراتيجية فردية إلى استراتيجية جماعية قوية مؤشر مطمئن ومحفز في أجندة عمل التحالف، وذاك للمضي في خطوات أكثر إشعاراً بالقوة وعمقاً في الأهداف، وسيعلق المتفائلون بهذا التحالف كثيراً من الطموحات ويرونها ظاهرة الملامح وهي التي كانت عصية حتى على التوقع والتفكير، هذا التفاؤل مرصود من حجم التفاعل والفرحة الطاغية والشعور العاجل بأن حلم أمة تحقق، وللمرة الأولى أيضاً يتحد التعاطي الإعلامي الإسلامي مع توجه ما، وربما مرد ذلك لأنه قرأ فيه توجهاً طازجاً وناضجاً في آن، في ظل أن شيئاً من التصريحات المصاحبة تقول إنه لا شيء سيكون مستبعد الفعل والتوجه على طاولة التحالف في إطار المهمات المحددة وأن لكل حال لبوسها، وهنا تكون القرارات السريعة والمشتعلة والمستقلة مقياساً لصناعة حضور ثقيل لبلدان العالم الإسلامي وتقديم صوتها بما يليق بدينها لا بما يعكس حال الانفصال عن الهموم والانشغال البحت بالذات، إن التحالف العسكري بهذا الحضور والتلاحم والاتفاق على الخطوط العريضة سيكون في استغناء تام عن الاستئذان من أحد إذا مس أحد حدوده أو تجاوز الحدود الأدبية المتفق عليها والمنتظرة بين شعوب العالم، ومن المؤكد أن المشوار طويل وشاق للحد الذي لا نتوقع معه علاجاً سريعاً لكل الجراح والتحديات، لكنه تحالف سيثير الانتباه ويعطي جزءاً من الهيبة المفقودة منذ سنين طويلة لأمة غنت بكلماتها على دمائها أكثر مما دافعت عن جسدها بذراعها.
المشهد العالمي لم يعد ينتظر سوى قوة إسلامية ضاربة، ففي أوقات الضعف والانحلال تكون الأحلام باهظة التكاليف، ونحن لا نريد كمسلمين إلا أن نكون متواضعين بلا ضعف وأقوياء بلا غرور، ومن المهم في منعطف السطر الأخير أن نقول إنه لا حاجة للإجابة الطويلة عن سؤال بارد نصه: لماذا تقود السعودية حرب الإسلام على الإرهاب وقيادة هذا التحالف؟ فلو لم يكن إلا أنها دولة تحملت ولا تزال مسؤوليات حاسمة في العالم الإسلامي وقضايا المنطقة، لكان ذاك كافياً وشافياً.