تواصل » صحف ومجلات

التحالف الإسلامي «صوري» ويهدف إلى تعزيز صورة «بن سلمان» في الغرب

في 2015/12/18

أوليفر مايلز - الغارديان- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-

في خطوة بدا للجميع أنها قد اتخذت على حين غرة، أعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، نجل الملك، في مؤتمر صحفي مقتضب، يعد في حد ذاته حدثا غير عادي، تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب. وردا على أحد الأسئلة، أكد نائب ولي العهد السعودي أن التحالف الجديد ليس يكن موجها فقط ضد «الدولة الإسلامية» ولكن أيضا ضد أي منظمة إرهابية أخرى.

نشرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بيانا مشتركا وردت فيه بعض التفاصيل: لقد قررت 34 دولة، (صارت 35 فيما يعد)، تشكيل تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب، مع مركز عمليات مشترك في الرياض. تشمل القائمة معظم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية إضافة إلى عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة معظمها في أفريقيا، وبعضها في آسيا وهي باكستان وبنغلاديش وماليزيا. ويقال إن 10 دول إسلامية أخرى بما فيها إندونيسيا قد أعربت عن تأييده. وشملت قائمة أبرز الدول المستبعدة كل من إيران والعراق وسوريا وأفغانستان والجزائر وعمان وإريتريا.

جاءت ردود الأفعال الإعلامية تقليدية إلى حد كبير. أكدت تركيا وبنغلاديش مشاركتهما. وجاء رد الأردن نموذجيا، فقد صرح وزير المعلومات في الحكومة إلى وكالة الأنباء الرسمية أن الأردن دائما على استعداد للقيام بدور نشط في أي عمل ضد الإرهاب. وبالمثل في مصر، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أن مصر تدعم جميع الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب، مؤكدا على التمييز ما بين التحالف الجديد الذي أعلنته السعودية، والدعوة في وقت سابق من قبل الرئيس المصري، «عبد الفتاح السيسي»، لإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة. في حين لمحت كل باكستان ولبنان إلى عدم وجود تنسيق مسبق معهما بشأن التحالف.

على رأس المبادرين بالتعليق كان المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، الذي يعرف بانتقاده الدائم للعائلة المالكة ولـ«محمد بن سلمان» على وجه الخصوص. وحتما فقد كان تعليقه سلبيا: حيث انتقد غياب أي ترتيبات للعملية أو الاتفاق على قوات مشتركة أو أي شكل من أشكال التنسيق العسكري، فضلا عن عدم وجود أهداف محددة. ووصفه بأنه مجرد تفاهم شفهي لا يضيف شيئا للتنسيق الاستخباراتي والسياسي الذي تقوده الولايات المتحدة.

يقول «مجتهد» إن «بن سلمان» يحاول الاستجابة للتصور الغربي أن ابن عمه ولي العهد الأمير «محمد بن نايف»، هو المحارب الرئيسي للإرهاب، وأيضا الانتقادات التي وجهت إلى شخصه على سبيل المثال من قبل الألمان وبعض الصحف الأمريكية. وتأتي هذه الخطوة مجرد محاولة لإثبات دوره في مكافحة الإرهاب، وكأنه يقول: «بن نايف قد تعامل مع الإرهاب داخل المملكة، ولكنني سوف أتعامل معه في جميع أنحاء العالم الإسلامي».

وتسعى المملكة العربية السعودية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن من خلال محادثات سويسرا. إذا حدث ذلك، فإن المملكة العربية السعودية وحلفاءها سوف يكون لديهم الفرصة لإعادة تركيز جهودهم العسكرية ضد «الدولة الإسلامية». إذا لم يحدث ذلك، كما هو الأرجح، سوف تظل الموارد العسكرية السعودية مستنزفة في اليمن، وليس من المرجح أن نشهد المزيد من التغيير.

«مجتهد» ليس مراقبا غير متحيز لكن تصريحاته مثيرة للاهتمام. باعتباري خبيرا في تنظيم المؤتمرات وصياغة البيانات الدولية أستطيع أن أصدق بالكاد أن هذا الإعلان السعودي، الذي يفتقد إلى أية تفاصيل عن كيفية وتمثيل الدول المشاركة، سوف يكون أكثر من قطعة من الورق. سوف يكون خبرا سارا أن نتأكد كانت السعودية تركز على قضية الإرهاب ويمكنها حشد الدعم من الآخرين. ولكن هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن يمكن توقع نتائج عملية.

ولعل الجانب الأكثر خطورة من هذه الخطوة هو إغفال بعض الدول من القائمة، ليس فقط من إيران، والتي كان من المتوقع إغفالها نظرا للنزوع السعودي لرؤية العالم الإسلامي عبر منظور الانقسام بين السنة والشيعة، ولكن أيضا العراق، التي تصنف على الجانب الإيراني بسبب أغلبيتها الشيعية. إذا أصبح التحالف الجديد قوة حقيقية، فإنه يمكن يدفع إيران عمليا نحو تشكيل تحالف شيعي منافس. وسوف يكون لذلك عواقب مدمرة، كما نرى بالفعل الآن في اليمن.