حسين الراوي- الراي الكويتية-
كتب الزميل الأستاذ المحترم عبد العزيز صباح الفضلي مقالاً يوم الجمعة الموافق 11 ديسمبر الجاري، بعنوان (العريفي والعاهات)! يدافع فيه عن الداعية محمد العريفي بعد أن تعرض الأخير لموجة انتقاد شعبية وإعلامية واسعة بسبب ما وقع منه من كلام فاحش عبر إحدى القنوات الفضائية، وهذا الأمر قد (تكرر) منه أكثر من مرة في أكثر من ظهور له، وفي الحقيقة بحثت عن معنى كلمة (عاهة)، فوجدت أنها كلمة قاسية جداً، ففي قاموس المعاني وجدت الآتي: عاهة جمع عاهات: آفة، مرض يُصيب الزرعَ والماشيةَ والإنسانَ والحيوانَ. وهذا هو أسهل وأخف تعريف وجدته في القواميس اللغوية التي مررت بها للوقوف على المعنى الحقيقي والواضح لكلمة (عاهات)!
أقول ذلك لأنه يفترض بنا أن نتقبل ونحترم الرأي الآخر، حتى وإن كان ذلك الرأي خِلاف ما نعتقده ونؤمن به من طرح وقناعات وأفكار، وعلينا أن نضع أنفسنا في مكان من يخالفنا الرأي حتى نتصور أن ذلك المخالف ذا الاتجاه المعاكس لنا.. له الحق في رأيه وإيمانه وقناعاته في الطرح مثلنا نحن بالتمام والكمال.
وقد قال التابعي الجليل سعيد بن المسيب كما جاء في جامع بيان العلم وفضله (2/ 821): «لَيْسَ مِنْ عَالِمٍ وَلَا شَرِيفٍ وَلَا ذِي فَضْلٍ إِلَّا وَفِيهِ عَيْبٌ وَلَكِنْ مَنْ كَانَ فَضْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَقْصِهِ ذَهَبَ نَقْصُهُ لِفَضْلِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ نُقْصَانُهُ ذَهَبَ فَضْلُهُ». والسبب الذي جعلني أورد المقولة كاملة حتى يُدقق فيها ويُمعن النظر القارئ الكريم، خاصة مع تكرار الأخطاء المنوّعة، الدعوية منها، والكلام الفاحش، والمواقف السياسية، وما أدى إلى السجن.
وعن ابن مسعود رضى الله عنه: «الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك».رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة. وقيل لأبي بكر بن عياش: «إن أناساً يجلسون في المسجد، ويُجلس إليهم ؟ فقال: من جلس للناس جلس الناس إليه، ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم، وأهل البدع يموتون ويموت ذكرهم». ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى ( 16/528)، وقال معلقاً: «لأن أهل السنة أحيَّوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان لهم نصيب من قوله تعالى: ( ورفعنا لك ذكرك)، وأهل البدع شنأوا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان لهم نصيب من قوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر).
وذكر ابن قيّم الجوزية في كتابه مدارج السالكين عن بعض السلف قال: «عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل، ولا تغتر بكثرة الهالكين»، وقال الفضيل ابن عياض رحمه الله: «عليك بطريق الهدى وإن قلّ السالكون، واجتنب طريق الردى وإن كثر الهالكون».ذكره الشاطبي في الاعتصام.
قبل أن أختم المقال أود أن أُذكر بأن الشيخ العريفي قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يبيع الخمر، الأمر الذي جعل العديد من علمائنا يردون عليه وهم غاضبون منه، ومن ثم عاد واعتذر عما قاله. والكرماء الذين انتقدوا العريفي لم يُزكوا تنظيم القاعدة الإرهابي كما فعل هو قبل أن يتراجع بعد ذلك عن تزكيته لهم عبر التلفاز، ولم يعتلوا المنابر ويصيحون بالجهاد ويتشدقون به ومن ثم يتبرأون منه ويقولون لم نقل به ولم ندعُ له، كما فعل العريفي في أحد اللقاءات التلفزيونية، وكذلك لم يرضوا بتلك الكلمات الخادشة للحياء ذات الإيحاءات الجنسية التي كررها العريفي أكثر من مرة في أكثر من مكان والتي أخجل أن أكتبها هاهنا.