تواصل » صحف ومجلات

هل اعتنق 60 ألف سعودي النصرانية؟

في 2015/12/18

د.م. عصام أمان الله بخاري- الرياض السعودية-

"تشير دراسة صادرة عام 2015م إلى أن الذين تركوا الإسلام واعتنقوا النصرانية في المملكة العربية السعودية تقدر أعدادهم بستين ألف شخص!". هذه الأكاذيب مكتوبة في النسخة الانجليزية من الصفحة التعريفية عن المملكة في الموقع الموسوعي على الانترنت (ويكيبيديا Wikipedia). مقالة اليوم تناقش كيف يتم التعريف بالمملكة على موقع ويكيبيديا وما الذي يجب عمله...

في عام 2009م عندما كنت أحاضر في إحدى الجامعات اليابانية، تفاجأت بعدد من الطلبة اليابانيين يقدمون معلومات مغلوطة عن المملكة في عروضهم التقديمية في المادة التي أشرف عليها. وعند التحري عن مصدر تلك المعلومات التي استندوا إليها اكتشفت أنها كانت الويكيبيديا بالنسخة اليابانية..

ولمن لا يعرفون الكثير عن موقع ويكيبيديا فهو يحتل المرتبة السابعة عالمياً من حيث عدد الزيارات على الانترنت ويتفوق على مواقع تويتر وانيستجرام وأمازون ويعد أكبر موسوعة علمية على الشبكة العنكبوتية. وفي الثانية الواحدة يتم استعراض ما قد يصل إلى خمس وأربعين ألف صفحة في ذلك الموقع!

ومن حيث عدد المواضيع فتحتوي الويكيبيديا ما يزيد على خمس ملايين موضوع باللغة الانجليزية ومايقارب المليونين بالألمانية والفرنسية وما يقارب المليون باليابانية والصينية وغيرها. أما اللغة العربية فيصل عدد مواضيعها لأربعمائة ألف.

ويصل حجم بعض المواضيع إلى عشرة آلاف كلمة موثقة بالمراجع. فنحن هنا وكأنما نتكلم عن كتابة بحث مختصر لكل موضوع. وتوجه انتقادات لهذه الموسوعة في عدم دقة محتواها بسبب سياسة التحرير المفتوحة التي تنتهجها حيث يمكن لأي شخص تعديل المعلومات وتحريرها.. ويمكن اختصار سياسة التحرير بالقول نص رديء بمراجع ومصادر أفضل من نص ممتاز غير موثق!

ويؤسفني أن أعرض عليكم نموذجاً آخر من الأكاذيب الموثقة بمصادر كاذبة عن المملكة في موقع الويكيبيديا في النسخة الانجليزية حتى لحظة كتابة هذه الأسطر. يقول الموقع: "السعودية تتبنى وتنشر الفكر الوهابي الذي اعتنقته الجماعات السنية الجهادية مثل القاعدة وداعش وجبهة النصرة. ويتم تعليم هذا الفكر الراديكالي في المساجد والمدارس التي تدعمها السعودية عبر العالم الإسلامي من المغرب إلى باكستان واندونيسيا"، ناهيك عن معلومات أخرى مغلوطة تزعم بأن ربع الشعب السعودي تحت خط الفقر وغيرها من المزاعم التي يندى لها الجبين.

إن المعلومات المكتوبة في الوكيبيديا لا تختفي في يوم أو أسبوع، ما لم يتم تحريرها، وتظل مرجعاً للكثيرين حول العالم عن بلادنا الغالية. وما يزعجني هو ما يظهر من تناسي لموقع ويكيبيديا في السياسات الإعلامية بالعالم العربي عموما. وفي الوقت الذي لا نستطيع فيه التحكم بما تبثه وتنشره محطات مثل سي إن إن وبي بي سي فبإمكاننا التحكم بمحتوى الويكيبيديا.

ما الحل إذن؟ اقترح ما يلي:

أولا) إنشاء وحدة متخصصة في وزارة الثقافة والإعلام أو إحدى الجامعات السعودية لهذه المهمة أو التعاقد مع مؤسسة سعودية متخصصة تكون قادرة على أداء هذه المهمة بثلاثين لغة على الأقل.

ثانيا) تكليف السفارات بإنشاء مواقع تعريفية شاملة وغنية عن المملكة والإسلام تكون مراجع لصفحات الويكيبيديا.

ثالثاً) إنشاء أندية طلابية وشبابية تطوعية بدعم وإشراف الجامعات والملحقيات الثقافية لهذه المهمة وتأهيلها، فالكتابة والتحرير في ويكيبيديا تستلزمان الجمع ما بين أساسيات البحث العلمي والقدرة على التحرير باللغات الأجنبية المختلفة.

وأخيراً،، فمن المؤلم أن تترك الساحات العلمية والإعلامية المهمة كالويكيبيديا خاوية على عروشها يتحدث فيها الآخرون، من أعدائنا وغيرهم، ويقدموننا للعالم كما يشاؤون.. وكما يقول المؤسس المشارك لموقع ويكيبيديا جيمي ويلز: "أعظم مصدر قوة لويكيبيديا أن الناس يصدقون ما هو مكتوب فيها!".