المدينة السعودية-
أكد مجموعة من الدعاة والمفكرين أن التحالف العربي والإسلامي لمحاربة الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة العديد من الدول العربية والإسلامية يؤكد رفض العالم الإسلامي للإرهاب بكل أشكاله، ويحرص على محاربته، وذلك في إطار عمل جماعي منظم.
كما وصفوه بأنه خطوة شجاعة من السعودية، وموقف ديني وأخلاقي وسياسي ينم عن حكمة وبعد نظر، وأشاروا إلى أنه مبادرة نوعية ونقطة تحول إستراتيجي في مكافحة الإرهاب تكتسب قوتها كونها من أكبر دولة عربية وإسلامية.
وأشاروا في ذات السياق إلى أن دول «التحالف» تسعى لتنشر السلام في العالم بهدف القضاء على التنظيمات المشبوهة، وفك ما لحق بالإسلام والمسلمين من تهم الأعداء بالتطرف.
أشاد الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، بإنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، الذي يضم حتى الآن، ستًا وثلاثين دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وقال الدكتور التويجري إن هذا التحالف الإسلامي العسكري يؤكد رفض العالم الإسلامي للإرهاب بكل أشكاله، والحرص على محاربته في إطار عمل جماعي منظم يدرأ عن المسلمين والعالم شروره، ويجهض مخططات الجهات التي تقف وراءه وتسعى إلى نشر الفوضى في دول العالم الإسلامي وتهديد أمنها وسلامة كياناتها. ودعا المدير العام للإيسيسكو إلى وضع تعريف حاسم للإرهاب يستند إليه التحالف، وينهي حالة الغموض والتشكيك والاتهامات الباطلة التي يراد منها الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، وتشويه الصورة الناصعة لسماحة الإسلام وتجريمه للإرهاب والفساد في الأرض.
وأكد الدكتور خالد الرديعان ـ أستاذ علم اجتماع مشارك جامعة الملك سعود بالرياض-: أن هناك جهودًا كثيرة بذلت لمحاربة الإرهاب في السنوات الماضية لكنها كانت جهودا مشتتة، فكل دولة تقوم بجهودها الخاصة.وما أعلن عنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان من تحالف نحو ٣٤ دولة لمكافحة الإرهاب هو نقلة مهمة باتجاه تجميع وتنسيق الجهود الدولية لمحاصرة الإرهاب والجماعات الإرهابية. فتضافر الجهود المحلية والدولية يعطي مكافحة الإرهاب الزخم الذي يجب أن يحشد لمواجهة هذه الجماعات وتلكم الأفكار وهذا التحالف الإسلامي الجديد بقيادة المملكة العربية السعودية سوف يوصل رسالة لهذه الجماعات المتطرفة بأنها باتت محاصرة ومنبوذة من جميع الدول مما سيشل من تحركاتها خارج حدود الدول التي تقيم بها. مضيفًا ويبقى أمر في غاية الأهمية وهو القضاء على أسباب الإرهاب والبحث في أسبابه؟ ويستطرد الدكتور الرديعان قائلًا: صحيح أن الجهود المبذولة والتنسيق بين الدول مطلب مهم للقضاء على الإرهاب لكن من المهم جدا التعرف على أسباب الإرهاب وعلاجها في كل دولة. هناك بالطبع مظالم دولية وهناك استبداد سياسي وفساد مالي وإداري في كثير من الدول مما يشكل سببا لبروز بعض جماعات العنف المسلح.. نضيف إلى ذلك تردي الأوضاع الاقتصادية في كثير من الدول مما يجعل من العنف ظاهرة متفشية وأعتقد أن كل دولة خبيرة بأمورها الخاصة وسبب تفشي العنف والإرهاب فيها ومن ثم يجب أن تنصب جهودها على ما يخصها مع التنسيق مع بقية الدول.
كما بارك الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي العلامة السيد محمد علي الحسيني القرار السعودي بإقامة تحالف إسلامي دولي واسع لمحاربة الإرهاب، معتبرا أنه موقف ديني وأخلاقي وسياسي ينم عن حكمة وبعد نظر. وأكد أن الخطوة السعودية الشجاعة والتاريخية مستمدة من ديننا الحنيف ومن أمر إلهي بأن «اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وهي تعبير أخلاقي سام عن مبدأ نصرة المظلوم وقتال الظالم، وأخير فإنها من الناحية السياسية تأتي في التوقيت المناسب لدحر الإرهاب بعد أن استفحل وصار يهدد مصير الأمة ووجودها.
مضيفًا أن الإرهاب الذي تواجهه الأمة ليس ظاهرة عابرة أو حالة فردية عند هذه الجماعة أو تلك، وإنما هي مؤامرة دولية إقليمية يقف نظام الولي الفقيه الإيراني في طليعتها، فيجند العملاء ويركب الخلايا ويرسلها إلى دول الخليج العربي وكل المنطقة العربية، للتخريب، فضلا عن إرسال فيالق مقاتلة من بلاده أو من الجماعات التابعة له للقتال هنا وهناك لإدامة الظلم على بعض الشعوب العربية. لذا يتوجب حشد كل الطاقات العربية والإسلامية لمواجهة هذا الأخطبوط الإرهابي وقطع أذرعه.
ومن هنا نعتبر أنفسنا في المجلس الإسلامي العربي في صلب وقلب هذا التحالف الإسلامي العريض الذي أطلقته مملكة الكرامة العربية والإسلامية، لأننا ومنذ انطلاقتنا قبل عشر سنوات حملنا قضية حماية الأمن القومي العربي على عاتقنا.
ونحن مستمرون على هذا الطريق حتى دحر الإرهاب والقضاء نهائيا على الفئات الضالة التي تروج له وتمارسه، ومن أجل وضع حد نهائي لتدخلات نظام الملالي في طهران في شؤوننا العربية.
ومن جانبه أكد الدكتور عبدالغفار الدويك ـ جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ـ أن تشكيل تحالف عسكري من 34 دولة بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة العديد من الدول العربية والإسلامية لمحاربة الإرهاب، وتكون الرياض مركزًا رئيسًا لإدارة تنسيق ودعم العمليات العسكرية المشتركة بحسب ما أعلن سمو الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، يعتبر مبادرة نوعية ونقطة تحول إستراتيجي في مكافحة الإرهاب تكتسب قوتها من أنها تأتي من أكبر دولة عربية وإسلامية ولها مدلول سياسي كبير أن الإرهاب الذي يعاني منه العالم والذي تمارسه تلك المنظمات والتي جمعت المرتزقة من الشتات تحت زعم خلافة إسلامية، ليس من الإسلام في شيء وأن الدول الإسلامية قد أجمعت كلمتها تحت لواء واحد ينطلق من الرياض لمحاربة الإرهاب، مضيفًا الدويك: وهذه المبادرة تحقق التكامل بين الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب 1998م، ومعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي يوليو 1999م، بالإضافة إلى إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب سبتمبر 2006م، ومن ثم يأتي تشكيل التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب مستندا على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والذي يهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي، ويشكل خطرًا على المصالح الحيوية للأمة.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الدول العربية والإسلامية لها تجربة ناجحة في إقامة تحالف عربي وأجنبي لتحرير الكويت في عمليات عاصفة الصحراء 1991م والتي نجحت في استعادة الشرعية للكويت الشقيقة، لكن الأمر عام 2016 م يختلف من حيث إن المبادرة لها مساران الأول يعتمد على القوة الناعمة في محاربة الفكر المنحرف من خلال خطاب ديني معتدل وللإعلام الرشيد دور رئيس. والمسار الثاني: وهو المادي والعسكري وقد يحتاج إلى بعض الوقت من حيث الاستعداد والتجهيز والحشد لعمليات كبرى في مسارح عمليات مختلفة حيث تنتشر داعش وأذرعها الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا واليمن ونيجيريا حيث استولت التنظيمات الإرهابية على مدن في العديد من البلدان العربية والإسلامية.
يقول المهندس المستشار جمال شقدار إن المتابع للتطورات السياسية العالمية مع بداية العقد الثاني للقرن الميلادي الجديد يرى بوضوح تغير خارطة التحالفات والتكتلات العسكرية والسياسية، وبداية ظهور أقطاب عالمية ومحلية مختلفة عما تعودنا عليه في منتصف القرن الماضي ونهاياته إقليميًا كانت ثورات الربيع العربي فاتحة تغيير سلبي على الأمن المجتمعي لعدد من دول المنطقة تحولت بقدرة «قادر» من مظاهرات شعبية لحركات تمرد عسكرية فتحت الباب على مصراعيه لتنامي خلايا الجماعات الإرهابية المسلحة لتفتك بأمن عدد من دول المنطقة.. بينما جعلت أمن دول إقليمية أخرى «متخلخل» وأقرب ما يمكن لهاوية السقوط!! ومن عجائب الأمور أن تعلن أغلب دول العالم الغربي والشرقي التصدي لما يسمى دولة «داعش».. لكنها تفشل رغم عددها وعدتها الهائلة في إنهاء هذا النموذج الإرهابي البسيط لسبب غير ظاهر، ليبقى هذا «السرطان» رابضًا في وكره ويتوسع بلا أي مقاومة حقيقية من العالم مدعوما من قوى محلية مشبوهة سياسيًا!!
وفي المقابل ما زالت بعض التيارات الفكرية في العالم العربي والإسلامي تقف على الحياد في مواجهة افتراءات الجماعات الإرهابية بالحجج الوسطية المعتدلة المبنية على مفهوم التسامح والرحمة والعدل في النصوص الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
من هنا جاءت انطلاقة حركة «الرياض» تجاه تشكيل «حلف إسلامي» ليبحث للوسطية الإسلامية عن موقع قدم فكري وأمني وعسكري على مستوى دول العالم الإسلامي بشكل خاص والعالم عمومًا.. وبالتأكيد هي بداية ممتازة ومطلوبة في ظل التغيرات القطبية العالمية.
قال الدكتور ناصر بن علي الموسى رئيس مجلس إدارة جمعية المكفوفين الخيرية بمنطقة الرياض (كفيف) وعضو مجلس الشورى إن قرارات المملكة العربية السعودية الحكيمة تأتي منسجمة مع الصفات القيادية التي يتمتع بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قيادة العالم لحل الأزمات التي تواجهه على كافة الأصعدة ومنها ما أطلقته الدول الإسلامية للتصدي للإرهاب ومكافحته فكريا وأمنيا. فهذا التحالف هو استمرار للجهود التي تبذلها المملكة للتصدي للإرهاب بكافة أشكاله ومبادراتها الدائمة للقضاء عليه في كل مكان ومنها الدعوة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب والجهود التي بذلت للقضاء على القاعدة وقيادة تحالف دولي تحت مسمى عاصفة الحزم لإعادة الشرعية للحكومة اليمنية وعملية إعادة الأمل والمشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي وأخيرا الإعلان المتضمن مشاركة أكثر من 34 دولة في تحالف إسلامي ضد الإرهاب وأن جميع تلك الجهود تؤكد أهمية التصدي لهذه المشكلة الكبيرة التي تضرر منها جميع دول العالم، كما تؤكد جديتها في نشر السلام العالمي التي تنبع من سماحة الدين الإسلامي الذي تحاول كثير من التنظيمات الإرهابية تشويهه بالانتساب إليه وهي أبعد ما تكون عنه. وأشار الموسى أن هذا التحالف سيسهم بإذن الله في خلق حالة طمأنينة لدى العالم الإسلامي خصوصا والعالم أجمع وإنهاء الكثير من الأزمات التي سببها انتشار التنظيمات الإرهابية.
ومن جانبه اعتبر الدكتور خالد بن عبدالله المصلح عضو هيئة الإفتاء بمنطقة القصيم وأستاذ الفقه بجامعة القصيم تجمع المسلمين تحت مسمى التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يعتبر سابقة لا يعرف لها نظير في وقتنا المعاصر وهذا الفعل يسر الخاطر ويقطع الدابر ويعالج قضية طالما تعب المسلمون في توضيحها وتجليتها ومحاولة الانفكاك عنها من حيث استثمار الأعداء لها ومن يشككون في مثل هذه التجمعات بهمز أو لمز أو تصريح ومحاولة إجهاض أي جهد في محاربة أهل الإسلام ويتضح ذلك من خلال ردود فعلهم وشكوكهم في التحالف وتسألهم عن عدم حرب اليهود ومن المعلوم أن الاخطار التي تهدد العالم الإسلامي وتواجه في الداخل والخارج أخطار عديدة وليس خطرا واحدا والمؤمن يسر لتجمع المسلمين ولو كان تحالفا لنصرة «الحيوان» لأن هذا التحالف جزء من اجتماع الكلمة. وقال كل من غرد أو صرح أو كره هذا الاجتماع المبارك فهو مستهدف ولن تجد مستهدفا يبارك خطوة تستهدفه فهؤلاء الثلة أفسدوا الأمة تحت مسمى الجهاد ويقتلون أبناء المسلمين بحجة الجهاد فهم يسعون في تمزيق الأمة الإسلامية وقطع دابر هؤلاء من أوجب الواجبات وهذا الالتحام يقطع الطريق عليهم في خلافتهم الداعشية التي تسعى للنيل من الإسلام والمسلمين فخلافتهم عبارة عن شعارات يرفعها كل من تلوث بهذه الأفكار وهذا التحالف لا يستهدف طائفة أو بلدة بل يستهدف فكرة حيثما كانت هذه الفكرة فستجد هذا التحالف بإذن الله صامدا أمامها يجتث أصولها ويعالج كل ما يمكن معالجته.
وهذه التخوفات بل التشغيبات التي يطرحها البعض لإجهاض هذا التحالف لا يفرح بها إلا عدو للإسلام إلا من يكره التئام الصف واجتماع الكلمة وتوحد الجهود لرفع أذى الإرهاب الذي أول من اصطلى به المسلمون والأمة الإسلامية ترزح تحت وطأة تسلط هؤلاء أعداء الدين على المسلمين في سوريا والعراق واليمن وليبيا وفي جهات عديدة من العالم الإسلامي التي يحركهم أعداء الأمة بشتى أطيافهم ومنعها من النهوض الذي يرتقب ويأمل لتأخذ الأمة دورها ومكانها ولا زلنا نستبشر بهذه الخطوات المباركة في عهد الملك الميمون المبارك الملك سلمان وكذلك إخوانه من رؤساء الدول الإسلامية الذين لبوا النداء في تحقيق اجتماع إسلامي لدفع هذا البلاء الجاثم على صدر الأمة الإسلامية.