سعد بن عبدالقادر القويعي- الجزيرة السعودية-
في نقطة تحول على الساحة - الإقليمية والدولية -، يأتي التحالف العسكري الإسلامي، الذي يعتبر جزءاً من تحالف إقليمي - دولي؛ ليتوافق مع جميع المعطيات، والاتفاقيات الدولية، وتحقيقاً للتكامل، ورصّ الصفوف، وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب، الذي يهتك حرمة النفس المعصومة، ويهدّد الأمن، والسلام - الإقليمي والدولي -، ويشكّل خطراً على المصالح الحيوية للأمة، ويخل بنظام التعايش فيها، والتزاماً بالأحكام الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق منظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق الدولية الأخرى الرامية إلى القضاء على الإرهاب.
أخطر ما في الجماعات المتطرفة، أنها تريد أن تجعل من أقلياتها، وتكتلاتها ذات ولاءات متناقضة؛ فتقضي على أسس ما هو وطني، وتنظر إلى طبيعة الصراع الدولي في المنطقة بشكل مذهبي، أو طائفي. وانطلاقاً من هذا الواقع الأمني الخطير، وعجز الدول منفردة على مواجهة هذا الخطر، والذي يتطلب مسؤولية عالمية فعّالة، وجدية، برز مفهوم جديد للتصدي له، وهو الإدارة الجماعية العالمية، وهي كناية عن تعاون دولي؛ لحل المسائل الدولية؛ إذ لا يمكن المحافظة على الأمن بمفهومه الشامل إلا في إطار جماعي، يشمل كافة الأطراف التي تعيش في داخل هذا الإطار، وبدون هذا الجهد الجماعي لا يمكن أن يتحقق الأمن.
يعد هذا التحالف إحدى نتائج عاصفة الحزم، وهو ما يلفت الانتباه في السياسة السعودية - منذ بداية 2015م - وحتى اليوم -، القائمة على استمرار، وثبات مسارها، - سواءً - على المستوى الإقليمي، أم الدولي، حيث كانت، وما زالت في بحث دؤوب عن السبل، التي يمكن - من خلالها - أن تساعد في الحفاظ على السلام، والأمن في العالم، وذلك - من خلال - رسم معالم لسياسة خارجية موحّدة، وسياسة أمنية متقاربة، ودبلوماسية تجابه تسارع الأحداث في الجوار، والإقليم على حد السواء.
واقع الأمر، أن الإرهاب العالمي يشكل تهديداً حقيقياً لنظام الدول العربية، والإسلامية، - بدءاً - من الحرب على الإرهاب، والحملة الدولية للقضاء على - تنظيمي - القاعدة، والدولة الإسلامية «داعش»، - إضافة - إلى تنامي الصراع الطائفيّ - الشيعيّ السنيّ -، الأمر الذي يتطلب بناء شراكات في موضوع الأمن الجماعي، وتوحيد أكبر عدد من الدول العربية، والإقليمية حول مصالح محددة، وإقامة توازن قوى جديدة في المنطقة، ومن ثم استعادة المبادرات السياسية، والأمنية، والبدء في حوار بناء؛ من أجل إعادة تقييم الأمن القومي العربي، باعتبار أن قابلية هذا الأمن للتحقق، والحماية في ظل نزوع وحدات مترابطة مصيرياً، تحكمها حاجة كل دولة إلى الأخرى؛ للمحافظة على مجموع أمنها القومي.
مجمل القول: إن بيان التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب بسياسة الصبر الإستراتيجي، يعتبر تحركاً فاعلاً على المستوى - الإقليمي والدولي -؛ لمواجهة شاملة للجماعات الإرهابية؛ ولتحقيق بناء قوة دفاع مشترك، قادرة على مواجهة الأفكار المهددة للأمن الخارجي، والداخلي بما يتوافق، وطبيعة الصراع الدولي الجديد، وبما يضمن المصالح الحيوية، والاستقرار في المنطقة، - خصوصاً - بعد أن فرضت التحولات الإقليمية التي عرفها العالم العربيّ - منذ بداية سنة 2011م - أوضاعاً إقليمية جديدة، وهو ما يتطلب الوعي بالموقف السياسي العربي، وتبدلاته المستقبلية عند التعامل مع المتنافسين الإقليميين، كما يقتضي إعادة صياغة منظومة السياسة الخارجية؛ حتى تتمكن حقيقة من التأثير في صياغة القرار العالمي، والإقليمي.