علي سعد الموسى- الوطن السعودية-
في حياتي الطويلة، قرأت العشرات من فتاوى الغرابة التي تأخذ بالخيال حد (الفانتازيا)، ولكنني وللحق، لم أسمع ولم أقرأ أبدا مثل قول فضيلته، وبالحرف: (الرجل عورته بين الرجال لا يجوز أن... يبدي.. سوى الوجه والكفين وأنت مثلك مثل المرأة بين النساء) انتهى. وأرجو ألا يقول أحد إننا نبحث عن (سقطة) أو (زلة) شيخ مغمور، فعلى العكس، مثل هؤلاء هم من يسقطون هذا الدين العظيم في براثن صور نمطية مغلوطة، وهم أول من يسيء إليه، وهم ينسبون إليه أشياء ليست منه. أرجو ثانيا لمن يقول إن فتوى فضيلته تم ابتسارها واختزالها أن يحترموا عقول مئات الآلاف الذين شاهدوا (مقطع) هذه الفتوى القنبلة. اللغة صريحة وواضحة.
لماذا أكتب؟ إحساسي وقد أعدت تكرار مقطع الفتوى لعدة مرات أن لدينا وبيننا من (كارتيل) الفتوى، وبكل صراحة ومكاشفة، من يجهل أبجديات هذا الدين العظيم، وبالطبع سيكون سهلا، أن يكون هذا (الكارتيل) غائبا مغيبا عن ظروف وثقافات هذه المجتمعات الإسلامية. ولو كنت أمام فضيلته لسألته ما يلي: ماذا ستقول يا فضيلة الشيخ عن الحديث النبوي الصحيح: عورة الرجل من السرة إلى الركبة؟ كيف نكيف يا فضيلة الشيخ ملابس الإحرام في فريضة الحج وسنة العمرة وأنت أول من يعلم أنها تتعارض مع مفهومك الخاص لعورة الرجل؟ كيف تنظر، يا فضيلة الشيخ، لملايين المسلمين العاملين في حقول (الرز والقطن) تحت لهيب القيظ الحار وهم يذهبون إليها حاسرو الرؤوس وعراة الأكتاف والسيقان؟ هذا الدين العظيم، يا فضيلة الشيخ، لم يكن أبدا تفصيلا لحياة (البتروإسلام) ولا لحياة الرفاهية التي نذهب فيها إلى استراحات أطراف مدننا اليوم بكل الأناقة ثم يصبح فيها الرجل وعورته تماما بين الرجال مثل عورة المرأة أمام النساء. وأرجو ثالث مرة، ألا يقول أحد إنني ضد الاحتشام أو احترام كرامة الإنسان، رجلا كان أو امرأة، ولكنني سأختم بسؤال لفضيلة الشيخ الذي قال إن (الرجل بين الرجال، في عورته، كالمرأة بين النساء).. أنا يا فضيلة الشيخ وكلما أجتمع بأصحابي أو أهلي وبني عمومتي؛ أشمر عن ثيابي حتى منتصف العضد، وأكثر من هذا أرمي (غترتي) فينكشف أجمل ما وهبه الله لي من شعري الناعم الطويل نصف (الأشيب) فما حكم هذه العورة يا فضيلة الشيخ؟
صاحب الفضيلة: أضطر أحيانا، وفي غزوات طارئة، للذهاب إلى البقالة على ناصية الشارع لشراء (ربطة خبز) بثوب لا يستر رقبتي ورأسي وأقدامي، فهل هذا نقص من الدين أم خلط في العادة والمروءة؟ في النهاية: نحن لسنا قبائل (الطوارق) يا صاحب الفضيلة، وهذا الدين العظيم لم ينزل فقط على أصحاب (الاستراحات) والسيارات المكيفة كي يتكيفوا مع مثل هذه الفتوى. هو دين مليار عامل يا صاحب الفضيلة.