علي محمد الفيروز- الراي الكويتية-
مهما تنعقد مؤتمرات وتخرج تصريحات ومهما تقام معارض عقارية، ستظل القضية الإسكانية هي الهاجس الأول الذي يُقلق أي مواطن محروم من الحصول على البيت، فالقضية قد توسعت وأخذت سنوات عديدة انتظاراً ولم نجد انفراجاً حقيقياً أو بصيص أمل يختصر المسافة بسبب تلك المشاريع الإسكانية البطيئة والخطط الحكومية المتأخرة، فالمؤسسة العامة للرعاية السكنية تسطر أروع الأمثلة في إطلاق التصريحات من خلال حصر عدد القسائم المتوقعة أنشاؤها لأي مشروع إسكاني جديد بينما تتأخر كثيراً في إنجازها وخصوصاً في ما يتعلق بموعد التسليم للمؤسسة أو لأصحابها المواطنين، وهذا بالتأكيد يرجع إلى وجود أخطاء معمارية أو بطء وتكاسل المقاول المتعاقد مع المؤسسة الأمر الذي يحمل الدولة ملايين الدنانير ثم يتحملها المواطن البسيط الذي ينتظر دوره بفارغ الصبر. لقد سئمنا من التصريحات النارية والوعود الصادرة من مسؤولي المؤسسة الذين دائماً ما يفتخرون بالإنجازات ولكننا لا نراها تتحقق على أرض الواقع إلا بعدما ندفع ثمن التأخير!!
كما أن موضوع خدمات الطرق والماء والكهرباء والاتصالات لا تسير وفق برنامج زمني واضح في المؤسسة فهي عاجزة عن متابعة الأمر للالتزام بالجداول بدقة وبالتالي ليس غريباً حينما نشاهد قسائم تجارية وبيوتاً حكومية تفتقر أبسط الأمور في الخدمات وقد تلامس أعمال البنية التحتية أيضاً في معظم مناطق الكويت لانعدام التنسيق المباشر مع الوزارات الحكومية المعنية، نعم نحن بحاجة إلى إزالة هذه المعوقات في وقت زمني قصير حتى نرى المواطن يعيش في سكنه وهو مرتاح البال بدلاً من التذمر على المؤسسة في أبسط الحقوق، أما من جانب التصميم الهندسي للبيوت الحكومية بشكل عام فقد نجحت المؤسسة في إحداث نقلة نوعية في عملية تصاميم المنازل بحيث أصبحت التعديلات الأخيرة وفق المتطلبات الأسرية والعادات الكويتية وخصوصيتها، وهذا شيء جميل، فالنماذج السكنية التي وزعت أخيراً للمواطنين قد جاءت ملبية لرغبات الجميع، كما أن المؤسسة بدأت تتفادى المشكلات وبدأت تعي خطورة تلاعب المقاولين بالباطن في أي مشروع حكومي إسكاني تجنباً لحدوث أي مشكلة مستقبلية إذ إنها تتعامل الآن مع المقاول الرئيسي وفق العقد المنصوص عليه، ولا تقوم بالتعامل مع غيره من مقاولي الباطن حيث تم وضع قيود مكبّلة على المقاولين بحيث ليس لدى أي مقاول رئيسي أحقية بيع المشروع للآخرين، إذ إنه يقوم بالإقرار بعدم القيام في البيع قبل بدء العمل في أي مشروع، ناهيك عن حرص المؤسسة في أعمال الصيانة للبيوت الحكومية سواء كهرباء أو صحي وكذلك لأعمال الإنشاء.
نعم نقرأ بأن المؤسسة العامة للرعاية السكنية قد نجحت بتعمير بعض الأراضي الخالية شيئاً ما، ولكن لا تزال رؤيتها تحمل الضبابية وتنقصها الوضوح، لأن ما نشاهده أن المشاريع الإسكانية تتم بوتيرة بطيئة وهذا يعكس طموح المواطن وأيضاً تعطي للسوق العقاري الحجة في عملية التلاعب بأسعار الأراضي والبيوت واحتكار الأراضي السكنية بداعي الكسب السريع والنتيجة المواطن هو الضحية في كل شيء على الرغم من أن إجمالي الأراضي المستخدمة في الكويت مازالت قليلة وقد تشكل 7 في المئة فقط!!
إذاً ما الذي يجعل الحكومة تتباطأ في حل القضية الإسكانية وتجعلها أزمة حقيقية تؤرق كل مواطن؟، ولماذا لا تنخفض أسعار العقار السكني في ظل انخفاض أسعار برميل النفط وتدهور أسواق المال؟!، نعم إنه لشيء غريب حينما نرى السوق العقاري يتصف بالركود والجمود وفي نفس الوقت الأسعار في ارتفاع والإيجار في ارتفاع من دون أن تتحرك الحكومة لحسم الأمر، فماذا تنتظر وسط معاناة السوق العقاري من فوضى عارمة من دون رقابة وتنظيم وحفظ حقوق الأطراف بدلاً من سقوط عدد كبير من الضحايا من المواطنين والمواطنات.
نعم ستظل الأزمة الإسكانية وأزمة السوق العقاري هما قضيتان تؤرقان المواطن على مدى الدهر طالما ترتبط به ارتباطاً رئيسياً بحاجته ولكن بكل أسف الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول سريعة لهما... ترى لماذا؟!