د. محمد عبدالله الخازم- الجزيرة السعودية-
أشاد العديد من الزملاء الذين حضروا حلقة نقاش برنامج التحول الوطني، بشفافية سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ذلك اللقاء، ولمسوا الرغبة الأكيدة من سموه والقائمين على برنامج التحول والوزراء حضور تلك الورشة في تبادل الأفكار وإشراك ممثلين عن أطياف المجتمع المختلفة في تلك الحوارات، بغرض الخروج برؤية لما يجب أن تكون عليه بلادنا في 2020م. إشراك المواطنين في الاطلاع على خطة التحول والإدلاء بأرائهم فيها، أمر إيجابي يشير إلى زيادة قنوات الحوار وتقبل الأراء المختلفة من خارج الجهاز التنفيذي، وفي هذا السياق لا ننسى بأن أهم قناة ساهمت في التطور التنموي السعودي على مدى عقود تتمثل في الطرح الإعلامي بما يحويه من أراء وأفكار وحوار ونقاش. لا زال الإعلام يشكل فضاء رحباً للحوار السعودي السعودي في مجالات التنمية والاقتصاد والبناء، و في خطة التحول الوطني ننتظر إتاحة عرض الأراء والمقترحات والخطط التي يقترحها برنامج الحوار الوطني ليتم تداولها ونقاشها في وسائل الإعلام المختلفة. ولعلها تكون خطة التحول الإعلامية مزيداً من الشفافية بعرض كافة المشاريع التطويرية الحكومية أمام الرأي العام وتحفيز نقاشها بالتحليل والنقد.
بعد تلك المقدمة التي تؤكد دورنا في وسائل الإعلام في المشاركة في حوار التحول الوطني، أشير أن برنامج التحول سواء في موضوع التخصيص أو تقليص النفقات أو تغيير الأولويات يتطلب إلى جانب الإدارة التنفيذية الفعالة، فعالية تشريعية ورقابية أكثر فعالية. حالياً توجد أجهزة رقابية رسمية، تبذل الجهد لكنها تبقى جهوداً محكومة بأنظمة بيروقراطية محددة وتبقى جزءاً من جهد الجهاز الحكومي، وبالتالي فإن ما نتطرق له هو أكبر من ذلك. تحديداً أرى أنه الأوان لتطوير أهم أجهزتنا الرقابية ألا وهي مجلس الشورى ومجالس المناطق. لا أتصور إقرار برنامج تحول وطني ضخم بهدا الحجم دون دراسة وإقرار من الجهاز البرلماني الوطني (أو من هو في حكم البرلمان) وأعني به مجلس الشورى. كما أنني أتصور صعوبة ثقتنا في مجلس الشورى لنقاش برنامج بهذا الحجم في ظل صلاحياته وتركبيته المتواضعة الحالية.
مجالس المناطق هي الأخرى تعمل كجهاز رقابي مساعد لحاكم المنطقة في إدارة شؤون المنطقة ومتابعة مشاريعها المختلفة وأداء إداراتها الحكومية المختلفة. وقد أدت تلك المجالس أدوارها الاستشارية والرقابية وفق أنظمتها و المتاح لها من صلاحيات بكل منطقة، لكن المؤكد أن أنظمة وصلاحيات تلك المجالس لم تتطور خلال عمرها المديد.
بعدياً عن التفاصيل لعمل كل من مجلس الشورى ومجالس المناطق واختلاف الصلاحيات والمرجعية الإدارية، أعتقد أننا بحاجة إلى رؤية أو خطة تحول لتلك المجالس لتواكب التحول والتطور التنموي والاقتصادي الذي ننشده ولتكون صمام الأمان والسند والعون لتنفيذ خططنا الطموحة الوثابة نحو المنافسة في عالم ديموقراطي متطور. هي طبيعة الأمور، التطور الوطني يجب أن يسير بشكل متواز في كافة المسارات بما فيها المسارات التشريعية والرقابية.
ربما حان الوقت لتحول مجلس الشورى ومثله مجالس المناطق إلى مجالس منتخبة، سواء بالكامل أو بشكل مرحلي. وفي نفس الوقت منحها صلاحيات أوسع في التشريع والرقابة والتقييم. لسنا نقلل من جهود تلك المجالس خلال عقدين من الزمان، وفقاً للمرحلة الزمنية والتنموية، لكننا أمام مرحلة وثابة جديدة تتطلب منا تطوير أدواتنا وآلياتنا التشريعية والرقابية. للأسف فإن تلك المجالس مرت بمرحلة جمود في الجانب التطويري التنظيمي، ولا أعتقد أننا نرغب لها الاستمرار في ذلك، وإلا فإنه الرضى لها بالتأخر عن مواكبة معطيات العصر وتطلعات الوطن. عدم التطوير والجمود حتى وإن كان مريحاً في ظاهره، يعني التأخر في حقيقته.