حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-
مجرد الوصول إلى قناعة بضرورة التحول من وضع قائم إلى وضع أفضل مؤشر إيجابي يدل على بداية الانتباه الجاد إلى تدارك كثير من أوضاعنا التي غفلنا عنها وملفاتنا التي تراكمت في أدراج التأجيل لزمن طويل. خطة أو استراتيجية التحول الوطني التي طرحها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قبل أيام تحت شعار «برنامج المملكة 2020» فكرة نبيلة ووطنية بامتياز، ولا يجب أن يكون منطلقها فقط مضاعفة مخرجات الاقتصاد الوطني وتفادي اعتماده على النفط وحده وما يتطلبه ذلك من إجراءات على أصعدة عديدة، ولكن مثل هذا المشروع أصبح يمثل حاجة ملحة لضرورة التحول إلى الدولة الحديثة بكل مفاهيمها ومعانيها واشتراطاتها ومحدداتها ومتطلباتها، الدولة التي تستطيع الاستمرار والتعايش والثبات والتقدم والإنتاج وضمان أمنها الشامل بكل أبعاده لأجيالها القادمة، وتجنيب جيلها الحاضر مخاطر التقلبات الحادة التي تمضي من سيئ إلى أسوأ.
هذا المشروع الوطني الذي من ضمن ما يهدف إليه المراقبة الدقيقة للأداء الحكومي وضبط إنفاق المال العام وحمايته ومحاربة الفساد وإعادة ترتيب الأولويات لا يمكن أن يتحقق إذا لم يتم التغيير الفوري لكثير من الأشياء. الأنظمة والقوانين الحديثة الفعالة في كل المجالات مسألة جوهرية لابد من توفيرها، فلا أمل أن يتغير شيء بأنظمتنا الراهنة المنخورة بالترهل والثغرات الواسعة التي ترحب بكل أشكال الفساد والتجاوزات والتعطيل والتعثر. الأحلام الطليعية ممكنة التحقيق إذا ما توفرت لها بنية قانونية ونظامية طليعية أيضا. وكذلك لا بد أن تتغير جذريا فلسفة اختيار القائمين على تنفيذ برامج الدولة إذا كنا جادين فعلا في تحقيق التحول، إذ لا يمكن تحقيق فكرة صالحة لعام 2020 بعقلية مسؤولين غير قابلة لتجاوز الماضي البعيد، أو لا علاقة لها بأي زمن. الكفاءة وحدها بعد الفرز الدقيق المحايد لكل كوادر الوطن المؤهلة هي المعيار الضامن لنجاح الطموحات المستقبلية وليس التزكيات ضمن دائرة ضيقة يتم الاقتصار عليها. وأيضا، إذا لم نضع مقاصل الحساب والعقاب على خزانة المال العام فإننا لو أخرجنا كل ثروات الأرض وأمطرت علينا كل ثروات السماء فإنه أيضا لن يتحقق شيء. يجب أن نعترف بأن ما يتم هدره في المسارب المختلفة للفساد يفوق بكثير أحيانا الميزانيات الفعلية التي تحتاجها مشارعينا التي يتهاوى كثير منها سريعا أو لا ينجز أو يستمر في عنبر الإعاقات الذي نسميه «التعثر». نحن شعب قادر ونستطيع تحقيق الأفضل لوطننا لو قمنا بجراحات استئصالية لكثير من العاهات التي أعاقتنا زمنا طويلا.