المدينة السعودية-
دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى نبذ أسباب الفرقة والانقسام، وشق الصف، مؤكدًا أن المواطنين سواء أمام الحقوق والالتزامات والواجبات، داعيًا إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية، والتصدِّي لكلِّ دعوات الشرِّ والفتنة أيًّا كان مصدرها، ووسائل نشرها.
وقال إن الدولة حريصة على الارتقاء بأداء الأجهزة بما يلبي تطلّعات وآمال المواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لهم.
وأضاف إن الدولة ماضية في مواجهة التحدّيات والمخاطر، مؤكّدًا أن الأمن من أهم النّعم، وركيزة استقرار الشعوب ورخائها، مشدّدًا على أن الدولة لن تسمح لكائنٍ مَن كان بالعبث في أمنها واستقرارها.
وأشاد بالجهود الجبارة للأجهزة الأمنية في التصدِّي للإرهابيين بكل حزم وقوة، وإحباط مخططاتهم. وقال إن تشكيل التحالف الإسلامي العسكري جاء لدعم تلك الجهود.
وأكّد أن المملكة تجاوزت تداعيات انخفاض أسعار النفط بما لا يؤثّر على استمرار مسيرة البناء. وأشار إلى أن خطة التنمية العاشرة ستكون مواكبة للتطلعات، ولأهم المستجدّات والتحدّيات، وتهدف لرفع مستوى الناتج المحلي، ورفع معدلات التوظيف، وتنمية القوة البشرية.
وأوضح أن الدولة سعت إلى تحفيز ملاّك الأراضي على تطويرها، والاستثمار فيها؛ بما يسهم في سدِّ الاحتياج المتزايد للسكن. وأكّد أن الدولة تنتهج سياسة نفطية متوازنة تراعي مصالح المنتجين والمستهلكين، وتضمن استقرار السوق، وحماية مصالح الأجيال الحالية والقادمة، مؤكّدًا أن الآفاق الاقتصادية «مبشّرة» والحمد لله.
وفيما يلي نصُّ خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي وجّهه لأعمال السنة الرابعة، من الدورة السادسة لمجلس الشورى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
يسرّني أن أفتتحَ أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، سائلاً المولى عز وجل أن يوفّقنا لأداء الأمانة، وتحمّل المسؤولية على الوجه الأكمل، إنه سميع مجيب.
يطيب لي من خلال هذا اللقاء أن أستعرضَ السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، وأبرز المستجدّات والتحدّيات في هذا الشأن، متطلّعًا إلى أن نتعاون جميعًا في تعزيز المكتسبات، ومعالجة المعوّقات؛ بما يسهم في الارتقاء بوطننا الغالي، ومستوى الخدمة المقدمة لمواطنيه.
مسيرة النماء
إن مسيرة النماء مستمرة على وتيرة راسخة، منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومن بعده أبناؤه البررة -رحمهم الله جميعًا- حتى اليوم الحاضر، ويأتي في مقدمة التزاماتنا ما شرّف الله به بلادنا من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجّاج، ومعتمرين، وزوّار، وهو التزام نفخر ونعتزُّ به، وقد عاهدنا الله -عزّ وجلّ- على بذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك، ويأتي في هذا السياق اهتمام الدولة بعمارة الحرمين الشريفين، وتوسعتهما.
برامج التطوير والتنمية
إن برامج التطوير والتنمية التي نشهدها تنطلق من ثوابتنا الدينية، وقيمنا الاجتماعية، بما يحفظ الحقوق، ويحدد الواجبات، وإنّنا عازمون على مواصلة تلك البرامج في جوانب التنمية السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، والخدمية، ومن هنا فقد وجّهنا بإعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء، وما استتبع ذلك من إلغاء العديد من المجالس والهيئات واللجان، ونقل اختصاصاتها إلى كلٍّ من (مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية)، ومن خلال هذين المجلسين بإشراف ومتابعة مجلس الوزراء، ستستمر الجهود في تعزيز مسيرة التنمية، والوصول إلى تكامل الأدوار، وتحديد المسؤوليات والاختصاصات، ومواكبة التطوّرات، وتحسين بيئة العمل، وتقوية أجهزة الدولة.
تطوير البنية التحتية
لقد أسهم ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية في تدفّق إيرادات مالية كبيرة، حرصت الدولة من خلالها على اعتماد العديد من المشروعات التنموية الضخمة، وتطوير البنية التحتية، إضافةً إلى تعزيز الاحتياطي العام للدولة؛ ممّا مكّن بلادنا -بفضل الله- من تجاوز تداعيات انخفاض أسعار النفط، بما لا يؤثّر على استمرار مسيرة البناء، وتنفيذ خطط التنمية، ومشروعاتها، ولقد واصل اقتصادنا -ولله الحمد- نموّه الحقيقيّ على الرغم من التقلّبات الاقتصادية الدولية، وانخفاض أسعار النفـط، والفضـل -بعـد الله- يعود إلى السياسات الاقتصادية المتوازنة والحكيمة التي تتبعها الدولة في ضبط الأوضاع المالية العامة، والمحافظة على الاستقرار والتوازن بين الموارد والإنفاق على المشروعات التنموية الكبيرة في جميع القطاعات.
لقد نجحنا -بفضل الله- في المحافظة على مستويات الدَّين العام التي لا تزال منخفضة، مقارنة بالمعدّلات العالمية، والمملكة حريصة على تنفيذ برامج تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط مصدرًا رئيسًا للدخل، ورؤيتنا في الإصلاح الاقتصادي ترتكز على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، والاستفادة من الموارد الاقتصادية، وزيادة عوائد الاستثمارات الحكومية، ولقد وجّهنا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع الخطط والسياسات والبرامج اللازمة لذلك، فبلادنا -ولله الحمد- بلاد خير وعطاء.
خطة التنمية العاشرة
لقد جاءت خطة التنمية العاشرة التي بدأت هذا العام على قاعدة اقتصادية تنموية راسخة، ومواكبة للتطلّعات، ولأهمّ المستجدّات والتحدّيات، وترمي خطة التنمية إلى رفع مستوى الناتج المحلي، وترسيخ دعائم التنمية الاقتصادية الشاملة، وتنمية القوى البشرية، ورفع معدّلات توظيفها، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية، وسيقوم مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من خلال آلياته بمتابعة ضمان نجاح سير العمل، ورفع مستوى الأداء، وفي هذا السياق تم إنشاء المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية، كما وجّهنا بناءً على ما أوصى به مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بأن ترفع الوزارات والأجهزة الحكومية إلى المجلس توجّهاتها، ورؤاها.
كما أننا حريصون على تحسين السوق التجارية السعودية، وتكوين بيئة جاذبة للعمل والاستثمار للشركات الوطنية والأجنبية، وتبسيط الإجراءات، وتسهيل الاستثمار في السوق السعودية، ولقد وجّهنا بفتح نشاط تجارة التجزئة والجملة للشركات الأجنبية، سعيًا لتنويع السلع والخدمات التي تقدم للمواطنين، وتوفيرها بجودة عالية، وأسعار تنافسية مناسبة، وفتح فرص جديدة للعمل والتدريب للشباب السعودي.
القطاع الصحي
يظلُّ القطاع الصحي من أبرز اهتماماتنا؛ فالدولة مسؤولة عن توفير الرعاية الصحية اللائقة للمواطنين، ولقد واصلنا توفير أوجه الدعم لهذا القطاع (البشرية والمالية)؛ ممّا أسهم في رفع مستوى هذه الخدمة، مع تطلّعنا إلى استمرار الارتقاء بها، بما في ذلك توفير المزيد من الكوادر البشرية الوطنية، من خلال التوسّع في افتتاح الكليات الطبية والصحية، ورفع نسبة المبتعثين في التخصصات الطبية.
قطاع التعليم
أمّا فيما يتعلّق بالتعليم، فقد حرصت الدولة على أن تكون أبرز استثماراتها في تنمية الإنسان السعودي، حيث وفّرت كلّ الإمكانات والمتطلّبات اللازمة لرفع جودة التعليم، وزيادة فاعليته، ورفع مستوى منسوبيه، وإكسابهم المهارات المطلوبة، وفي هذا السياق تمّ التركيز في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي على المواءمة بين مخرّجات التعليم، وحاجة العمل، بحيث يسهم في سد الفجوة باحتياجات سوق العمل من بعض التخصّصات، وبخاصة الطب وغيره من التخصّصات العلمية.
قطاع الإسكان
وفيما يخص قطاع الإسكان، فالجميع يدرك ما توليه الدولة من رعاية واهتمام بهذا القطاع، وما اعتمدت له من ميزانيات ضخمة، حيث وفّرت كل وسائل الدعم اللازم لتوفير السكن الملائم للمستحقين، وفي هذا الشأن شجّعت الدولة الاستثمار في هذا المجال، وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون شريكًا مكملاً لجهود الحكومة في تحقيق هذا الهدف، كما سعت إلى إيجاد توازن بين العرض والطلب، وتحفيز ملاّك الأراضي على تطويرها، والاستثمار فيها، بما يسهم في سد الاحتياج المتزايد للسكن، وتأتي موافقتنا على نظام رسوم الأراضي البيضاء سعيًا لتحقيق هذا الهدف.
العمل والموارد البشرية
وفي مجال قطاع العمل والموارد البشرية، فإن هذا الموضوع يحتلُّ مركزًا متقدمًا في سلم أولويات الحكومة، التي استمرت في تحديث ترتيباتها الإدارية والمالية، وبرامجها، وفي إطار رفع كفاءة أداء الأجهزة الحكومية وموظفيها تم إطلاق برنامج لتنمية الموارد البشرية، كما أنشأت الحكومة مؤخّرًا هيئة توليد الوظائف لدعم التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بسوق العمل، وتعزيز المشاركة بينها، والعمل على تنمية القطاعات المولّدة للوظائف، واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة لهذا الغرض، وكذلك الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والبرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات في الجهات العامّة، كما اهتمت الدولة بتوسيع مشاركة المرأة في التنمية بما لا يتعارض مع تعاليم الدِّين الحنيف، وقد أثبتت المرأة السعودية كفاءتها وقدرتها على أداء دورها في مختلف المجالات، ومن ذلك مشاركتها الفاعلة في الانتخابات البلدية التي أُجريت مؤخّرًا.
وبالنسبة لقطاع النقل الذي هو عصب التنمية، ضخّت الحكومة مبالغ كبيرة في سبيل توفير بنية الطرق في المملكة، واستمرت مشروعات النقل في التطوّر والتنوّع، فزادت مشروعات الطرق بين مدن المملكة، واعتُمدت مشروعات قطار الحرمين، ومشروعات الشركة السعودية للخطوط الحديدية، ومشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض.
اللُّحمة الوطنية
إننا مجتمع مسلم، يجمعنا الاعتصام بحبل الله، والتمسّك بكتابه، وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم (عقيدة، وشريعة، ومنهجًا)، فالشريعة الإسلامية تقوم على الحق والعدل والتسامح، ونبذ أسباب الفرقة، ولذلك فإن الجميع يدرك أهمية الوحدة الوطنية، ونبذ كل أسباب الانقسام، وشق الصف، والمساس باللُّحمة الوطنية، فالمواطنون سواء أمام الحقوق والالتزامات والواجبات، وعلينا جميعًا أن نحافظ على هذه الوحدة، وأن نتصدّى لكلّ دعوات الشرّ والفتنة أيًّا كان مصدر هذه الدعوات، ووسائل نشرها، وعلى وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا الجانب.
تحدّي الخطر
إن دولتكم ماضية في دعم الجهود لمواجهة التحدّيات والمخاطر التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية، ولقد وجّهنا مجلس الشؤون السياسية والأمنية باقتراح الخطط والبرامج والرؤى اللازمة لمواجهة هذه التحدّيات والمخاطر.
إن الأمن من أهم النّعم التي تفضّل اللهُ بها على بلادنا، وهو الركيزة في استقرار الشعوب ورخائها، ولقد كان المواطن السعودي -ولا يزال- مستشعرًا لمسؤوليته في هذا الشأن، فهو رجل الأمن الأول، وعضدٌ لقيادته وحكومته في دحر الحاقدين والطامعين، ولن نسمح لكائنٍ مَن كان أن يعبث بأمننا واستقرارنا.
محاربة الإرهاب
إن الإرهاب آفة عالمية اكتوى بنارها العديد من الدول والشعوب، فليس له دين، ولا وطن، ولقد كان لأجهزة الدولة الأمنية الباسلة جهود جبارة في التصدّي للإرهابيين بكل حزم وقوة، ولقد وفقوا -ولله الحمد- في ملاحقتهم، وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم، إضافة إلى تنفيذ عمليات أمنية استباقية، أسهمت بشكل فاعل في درء شرورهم، وإحباط مخططاتهم، ونحن عاقدون العزم -بحول الله وقوته- على دعم وتعزيز قدرات أجهزتنا الأمنية بكل الوسائل والأجهزة الحديثة، التي تمكّنهم من أداء مهامّهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه، وهي مصدر فخرنا واعتزازنا.
لقد عانينا في المملكة من آفة الإرهاب، وحرصنا -ولا زلنا- على محاربته، والتصدّي بكل صرامة وحزم لمنطلقاته الفكرية التي تتّخذ من تعاليم الإسلام مبررًا لها، والإسلام منها براء، ولا يخفى أن محاربة الإرهاب والتصدّي له، واقتلاع جذوره، وتجفيف منابعه مسؤولية دولية مشتركة، فخطره محدق بالجميع، ومن هذا المنطلق جاء تشكيل التحالف الإسلاميّ العسكريّ لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وتأسيس مركز عمليات مشتركة بمدينة الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب، ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، ووضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبّة للسلام، والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب، وحفظ السلم والأمن الدوليين، والمملكة بذلت، وسوف تستمر في بذل ما تستطيعه في هذا الشأن.
القضايا العربية والإسلامية
إن المملكة العربية السعودية حريصة على الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وفي مقدمة ذلك تحقيق ما سعت -وتسعى- إليه المملكة دائمًا من أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، وتؤكّد المملكة أن ما فعلته قوات الاحتلال الإسرائيلية مؤخّرًا من تصعيد وتصرفات غير مسؤولة، من قتل الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء العزل، واقتحام المسجد الأقصى المبارك، وانتهاك حرمته، والاعتداء على المصلّين لهو جريمة كبرى يجب إيقافها، كما يجب وضع حدٍّ لبناء المستوطنات الإسرائيلية، وإزالة ما أُنشئ منها، وتناشد المملكة المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته، واتخاذ التدابير الضرورية لحماية الشعب الفلسطيني من الممارسات العدوانية الإسرائيلية، التي تُعدُّ استفزازًا لمشاعر العرب والمسلمين كافة.
عاصفة الحزم
وفي سياق حرص المملكة على أداء واجباتها تجاه الدول الشقيقة ونصرتها، جاءت عملية «عاصفة الحزم»، بمشاركة عددٍ من الدول العربية والإسلامية، وبطلب من الحكومة الشرعية في اليمن؛ لإنقاذه من فئة انقلبت على شرعيته، وعبثت بأمنه واستقراره، وسعت إلى الهيمنة وزرع الفتن في المنطقة، ملوّحةً بتهديد أمن دول الجوار، وفي مقدمتها المملكة، ومنفذة لتوجهات إقليمية تسعى إلى التدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية، من خلال تحويل اليمن إلى بؤرة للصراع المذهبي والطائفي، الأمر الذي أملى على دول التحالف التعامل مع هذا الخطر المحدق بأمن اليمن، وشعبه، وأمن المنطقة العربية بما يعيد الشرعية والاستقرار إلى اليمن الشقيق، ويمنع التهديدات التي تمثلها هذه الفئة، ومَن يدعمها إقليميًّا، ويؤمن للمنطقة استقرارها، وسلامة أراضيها. وأعقب ذلك عملية «إعادة الأمل»، وبرامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية للشعب اليمني الشقيق عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك ليتجاوز ظروفه وأوضاعه، وليستعيد دوره الطبيعي إقليميًّا ودوليًّا، وينهض بوطنه في أجواء من الأمن والاستقرار.
والمملكة منذ بداية الأزمة حتى الآن تدعو إلى حل سياسي، وفقًا للمبادرة الخليجية، ومخرّجات الحوار الوطني الشامل، ولقرار مجلس الأمن رقم (2216).
الأزمة السورية
كما أن موقف المملكة من الأزمة السورية واضح منذ بدايتها، وهي تسعى للمحافظة على أن تبقى سوريا وطنًا موحّدًا، يجمع كل طوائف الشعب السوري، وتدعو إلى حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها، ويمكّن من قيام حكومة انتقالية من قوى المعارضة المعتدلة، تضمن وحدة السوريين، وخروج القوات الأجنبية، والتنظيمات الإرهابية التي ما كان لها أن تجد أرضًا خصبة في سوريا، لولا سياسات النظام السوري، التي أدّت إلى إبادة مئات الآلاف من السوريين، وتشريد الملايين.
وانطلاقًا من الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سوريا، استضافت المملكة اجتماع المعارضة السورية بكلّ أطيافها، ومكوّناتها؛ سعيًا لإيجاد حـل سياسـي يضمـن -بإذن الله- وحدة الأراضي السورية، وفقًا لمقررات جنيف (1).
العلاقات الخارجية
لقد حرصنا خلال الفترة الماضية على تعزيز علاقاتنا، وتطويرها مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة، من خلال تبادل الزيارات مع العديد من زعماء، وقادة العالم، ونحن ماضون في هذا المسار، بما يعزّز مكانة المملكة، ودورها الإقليمي والدولي، وفي هذا الإطار استضافت المملكة القمّة الرابعة للدول العربية، ودول أمريكا الجنوبية التي توجّت أعمالها بصدور إعلان الرياض المتضمّن التأكيد على أهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن المتعلّق بالأزمة اليمنية، ورفض أي تدخّل في شؤون دول المنطقة الداخلية من قبل قوى خارجية، انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ حسن الجوار، والتشديد على أهمية احترام استقلال الدول، ووحدتها، وسلامتها الإقليمية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، كما تضمّن الإعلان الاعتراف بدولة فلسطين، إضافة إلى عدد من القضايا السياسية، والاقتصادية التي تهم الدول العربية، ودول أمريكا الجنوبية.
كما شاركت المملكة في اجتماع قمة مجموعة العشرين، الذي استضافته الجمهورية التركية في تأكيد على المكانة المرموقة والمهمّة التي وصلت إليها بلادنا في خارطة الاقتصاد العالمي. ولقد أسهمت المملكة من خلال هذه القمة في خطط تطوير العلاقات الاقتصادية بين الدول، وتذليل العقبات والمعوّقات، وتشجيع ودعم تدفق الاستثمارات، وتبادل الخبرات، ونقل التقنية وتوطينها، والتعاون في المجالات كافة، بما يعود بالنفع والفائدة على الجميع.
وفي إطار التنسيق المستمر مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان انعقاد الدورة (36) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض يومي 27ـ 28 / صفر/ 1437هـ التي قدمنا خلالها رؤيتنا لأصحاب الجلالة والسمو لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وتم إقرارها من قِبل المجلس الأعلى، وتضمنها إعلان الرياض، وما صدر عن هذه الدورة من قرارات شملت مختلف المجالات، آملين أن يحقق ذلك آمال، وطموحات شعوب دولنا.
مجال الطاقة
وفي مجال الطاقة استمرت المملكة في الاهتمام، باستقرار السوق النفطية من خلال انتهاج سياسة متوازنة تراعي مصالح المنتجين والمستهلكين، وتضمن استقرار السوق وحماية مصالح الأجيال الحاضرة والقادمة، وهي حريصة على الاستمرار في عمليات استكشاف البترول، والغاز والثروات الطبيعية الأخرى في المملكة، وآفاق اقتصادنا مبشرة -ولله الحمد-.
تحقيق تطلعات المواطنين
إن دولتكم حريصة على الارتقاء بأداء أجهزتها بما يلبي تطلعات، وآمال مواطنيها في المجالات كافة، وهي تدرك أن أمامها العديد من التحديات إلاَّ أنها عاقدة العزم -بإذن الله- على تجاوزها، وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها، ونحن نقدّر ما يقوم به مجلس الشورى من أعمال، وما يقدمه من آراء سديدة في الشأنين الداخلي والخارجي، ونتطلّع إلى أن يستمر المجلس في ذلك بكل جدية وفاعلية.