تواصل » صحف ومجلات

"العمل": فتح الاستقدام خليجيا ليس قرارنا .. ومكاتب محلية: توصية "الشورى" ستفشل

في 2015/12/30

الاقتصادية السعودية-

في ظل عدم انفراج سوق الاستقدام في السعودية وارتفاع أسعار العمالة المنزلية، وفقدان السيطرة على سوق سوداء تدار باحترافية من أطراف عدة، وعدم نجاح عديد من قرارات وزارة العمل لتنظيم السوق، ومنها فتح الاستقدام من دول جديدة زاد عددها على عشر، وتحويل الخدمات إلى إلكترونية "مساند"، وإنشاء شركات ضخمة، وفتح باب تأجير العمالة، وليس انتهاء بإقالة رئيس لجنة الاستقدام .. خرج مجلس الشورى السعودي قبل أسابيع بمقترح أقره الأعضاء يقضي، بفتح الاستقدام من مكاتب دول الخليج، في محاولة أخرى منه لتوسيع قاعدة الاستقدام في المملكة، وللاستفادة من التجارب الخليجية في هذا المجال، وأيضا لقطع الطريق على المكاتب المحلية المتلاعبة التي ثبت، وفق بعض أعضاء الشورى، أنهم سبب رئيس في أزمة السوق التي زاد عمرها على عشرة أعوام. "الاقتصادية" وفي محاولة من جانبها لرصد واقع سوق استقدام العمالة المنزلية في عدد من دول الخليج، تواصلت مع ملاك مكاتب استقدام وسماسرة يعملون في السوق الخليجية، كما استطلعت آراء أصحاب مكاتب استقدام محلية في القرار، واكتشفت أن هناك فجوة في الأسعار ومدة الاستقدام بين السوقين المحلية والخليجية تصل في بعض الأحيان إلى 120 في المائة، كما تبين من خلال التحقيق أن هناك سوقا سوداء للعمالة المنزلية في الخليج تدار أصلا منذ فترة.

يقول أحد العاملين في مكتب "(س. ج) لاستقدام العمالة المنزلية في الإمارات – تحتفظ الصحيفة باسمه وعنوانه - إن العشرات من المواطنين السعوديين ومكاتب الاستقدام في السعودية لجأوا إلى استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية، عن طريق مكاتب الخدمات والاستقدام في دولة الإمارات منذ زمن. ويضيف" يتم إدخال تلك العمالة إلى الأراضي السعودية بطرق مختلفة أبرزها الدخول بتأشيرة زائر، حيث يتم استقدام العاملة إلى الإمارات بقيمة 16 ألف درهم، أي ما يعادل (16.344) ريالا وبراتب مقداره 1000 درهم (1021) ريالا كل شهر، ومن ثم تسفر إلى السعودية بتأشيرة زائر على أن تتم إعادتها إلى الإمارات كل ستة أشهر كي لا تسقط إقامتها الأصلية في الإمارات".

هذا مجرد مثال لما تمخض عنه هذا التحقيق، إلى جانب توقع مكاتب الاستقدام السعودية بفشل الفكرة التي طرحها "الشورى"، في إحداث انفراج في هذه السوق العصية، التي يزيد عدد العمالة المنزلية فيها وفق آخر الإحصائيات على 1.3 مليون عاملة منزلية .. وإليكم بقية المحصلة:

سوق خليجية سوداء

تشترط مكاتب الاستقدام الخليجية سواء في البحرين أو الإمارات أو الكويت على المواطنين السعوديين ومكاتب الاستقدام الراغبة في جلب عمالة منزلية عن طريقها، ضرورة تسجيل العاملة داخل الدولة الخليجية المعنية كل ستة أشهر، وذلك لتفادي إسقاط إقامة العاملة"، ومن ثم يقوم هؤلاء الممارسون للتجاوزات والمخالفات بتجديد التأشيرة كل ثلاثة أشهر للعاملة بعد دخولها إلى السعودية.

تدير هذه الشبكة مجموعة واسعة من السماسرة والمكاتب المرخصة وغير المرخصة ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي أحيانا أو المواقع الإلكترونية، التي تسهم في قصر مدة الاستقدام بغض النظر عن التكلفة، حيث لا تتجاوز في كثير من الأحيان ثلاثة أشهر، مقارنة بنحو سنة وأكثر يمضيها مقدم الطلب على عاملة منزلية في السوق المحلية، لذلك ترتفع الأسعار التي تطلبها المكاتب الخليجية في حال كانت العاملة ذاهبة إلى السوق السعودية لكنها تظل أيضا أقل من تكلفتها محليا.

يمكن أن تكون العاملة على كفالة مواطن خليجي كما يحدث من خلال عديد من المكاتب في الكويت، إذ يقوم أقرباء وأصدقاء باستقدام العمالة عن طريقهم ومن ثم إرسالها إلى السعودية أيضا بتأشيرة زائر مرافق، كما يقول صاحب مكتب (ش. ش) من الكويت.

الاستقدام أيضا تحت مسميات أخرى كممرضات أو بائعات أو مربيات ومن ثم إرسالهن كعمالة منزلية إلى السوق السعودية وعبر سماسرة محترفين ضمن الخيارات المطروحة في هذه السوق السوداء للعمالة المنزلية، التي غذاها ارتفاع الطلب وسوء إدارة المعروض كما يقول المراقبون.

الأسعار ومدة الاستقدام خليجيا

تبين من خلال واقع سوق الاستقدام في الخليج ومن خلال التواصل الهاتفي مع عدد من الشركات والمكاتب والسماسرة في البحرين والإمارات والكويت، أن هناك تفاوتا في الأسعار يصل إلى ما بين 10 و135 في المائة، إذ تراوح تكلفة استقدام العاملة الفلبينية في الإمارات على سبيل المثال ما بين 8500 و13 ألف درهم، أي ما يعادل (8683 إلى 13280) ريالا وبمدة وصول لا تتجاوز 40 يوما وبراتب 1500 درهم (1532) ريالا.

فيما تبلغ قيمة استقدام العاملة الإثيوبية في الدولة نفسها 5000 درهم (5107) ريالات، وبمدة وصول تراوح ما بين 15 يوما وشهر وبراتب 700 إلى 1000 درهم (715 إلى 1021) ريالا، بينما بلغت تكلفة استقدام العاملة الأوغندية والكينية مبلغ 6000 درهم (6129) ريالا، وبمدة وصول لا تتجاوز 15 يوما، وراتب مقداره 868 ريالا.

كما لا تتجاوز قيمة استقدام العاملة المنزلية النيجيرية في الإمارات 4000 درهم (4086 ريالا) وبمدة وصول تراوح ما بين 14 و20 يوما وبراتب مقداره 1328 ريالا.

وبالنظر إلى أسعار استقدام العمالة المنزلية في الكويت نجد أن قيمة استقدام العاملة الفلبينية تبلغ 900 دينار ما يعادل (11113) ريالا وبمدة وصول لا تتجاوز 30 يوما وبراتب مقداره 110 دنانير (1358) ريالا، وتبلغ قيمة استقدام العاملة النيبالية في الدولة نفسها (12348) ريالا وبمدة وصول لا تتجاوز 30 يوما وبراتب مقداره 864 ريالا.

فيما تأتي أسعار استقدام العمالة المنزلية للجنسية الفلبينية في البحرين بقيمة 1000 دينار ما يعادل (10.000) ريال وبمدة وصول لا تتجاوز 60 يوما وبراتب مقداره 120 دينارا (1200) ريال، وتبلغ قيمة استقدام العمالة الإثيوبية في الدولة نفسها 650 دينارا (6500) ريال وبمدة وصول لا تتجاوز 30 يوما وبراتب مقداره 70 - 80 دينارا ما يعادل (700 إلى 800) ريال.

وتبلغ قيمة استقدام العمالة الهندية في البحرين 750 دينارا (7500) ريال، وبمدة الوصول والتي لا تتجاوز 45 يوما.

وجاءت أسعار استقدام العمالة المنزلية للجنسية الفلبينية في قطر بقيمة 11500 ريال قطري ما يعادل (11.849) ريالا سعوديا وبمدة وصول لا تتجاوز 45 يوما، براتب قدره 1460 ريالا قطريا (1504) ريالات سعودية.

السوق السعودية .. مقارنة

وبمقارنة أسعار استقدام العمالة المنزلية في السعودية بدول الخليج، فقد وصلت تكلفة استقدام العاملة المنزلية من الفلبين في السوق المحلية إلى 22000 ريال مرتفعة بنسبة 120 في المائة على تكلفتها في البحرين وبارتفاع 108 في المائة عنها في الكويت و105 عنها في قطر وبزيادة 90 في المائة على تكلفة استقدامها في الإمارات، أما على صعيد مدة الاستقدام فإنها تراوح ما بين ستة وعشرة أشهر وبراتب مقداره 1500 ريال شهريا، في حال توافرها طبعا.

وبلغت قيمة تكاليف العمالة المنزلية الهندية في السعودية 19000 ألف ريال بنسبة ارتفاع 135 في المائة على البحرين وبمدة وصول تصل إلى شهرين وأكثر وبراتب مقداره 800 ريال شهريا، كما بلغت بقيمة تكاليف العمالة النيجرية المنزلية في السعودية إلى 7000 ريال مسجلة ارتفاعا بنسبة 30 في المائة عنها في الإمارات وبمدة وصول تصل إلى شهرين وأكثر، وعلى صعيد أسعار العمالة الأوغندية في السعودية فقد بلغت قيمة تكاليفها 7000 ريال بارتفاع 10 في المائة عن تكلفتها في السوق الإماراتية وبمدة وصول تصل إلى شهرين وبراتب مقداره 750 ريالا، فيما وصلت تكلفة استقدام العاملة المنزلية السريلانكية في السعودية إلى 26000 ريال وبمدة لا تقل عن 60 يوما، كما وصلت تكاليف استقدام العاملة المنزلية من فيتنام إلى 22000 ريال وبمدة لا تقل أيضا عن 60 يوما.

رأي وزارة العمل

في مسعى لتقصي الرأي الحكومي حول قرار مجلس الشورى أولا وحول السوق السوداء الخليجية التي تدار حاليا، قال لـ"الاقتصادية"، خالد أبا الخيل المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل، إن الوزارة لا تمتلك الموافقة على مثل هكذا نوع من القرارات المتعلقة بأنظمة العمل والإقامة في دول الخليج، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب موافقة الدول الخليجية والتنسيق معها وفق آليات وعبر مؤسسات رسمية أخرى.

وبشأن الفجوة بين مزايا سوق الاستقدام في الخليج والسوق السعودية، فقد ردت وزارة العمل بدراسة تقول إنها أجرتها في هذا الشأن ونفذتها بالتعاون مع إحدى الشركات الاستشارية عام 2014، مفادها أن تكاليف ومدد استقدام العمالة المنزلية متقاربة بين دول المجلس، فيما تعتبر السعودية الأقل بين دول المجلس في رسوم الإقامة، والإمارات الأعلى بما يعادل (5400) ريال، ثم الكويت بما يعادل (3600) ريال.

وبحسب الدراسة تشترك دول المجلس في أغلب الجنسيات الرئيسة للعمالة المنزلية المقيمة لديها، وهي من جنسيات الفلبين، وسريلانكا، والهند، وإندونيسيا، وتزيد الإمارات على هذه القائمة بالجنسية البنجلادشية، فيما تزيد عُمان بالجنسيتين البنجلادشية والكينية.

وفي مقارنة لرواتب العمالة المنزلية بين دول المجلس، بينت الدراسة أن رواتب العاملات في عُمان تعتبر الأعلى وتراوح بين (700 و2000) ريال، فيما تعتبر في البحرين الأقل وتراوح بين (650 و900) ريال، وتراوح رواتبهن في بقية دول المجلس بين (800 و1500) ريال.

وفيما يخص رواتب السائقين في دول المجلس، تعتبر الإمارات العربية المتحدة الأعلى، حيث تراوح بين (1100 و3500) ريال، وفي دول المجلس الأخرى تراوح بين (800 و1700) ريال.

وأكدت الدراسة أن قوانين الاستقدام الحكومية تتسم بالوضوح والشفافية في أغلب دول المجلس، وتتم إدارة الشكاوى والتفتيش فيها بشكل دوري. وتمر سوق استقدام العمالة المنزلية في الدول المستقدمة للعمالة وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي، بأزمات استقدام من جراء امتناع بعض الدول المصدرة للعمالة عن إرسال عمالة جديدة، بحسب الدراسة. ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها ضغوط برلمانية داخل تلك الدول، وكذلك ضغوط منظمات دولية، لإيقاف إرسال عمالتها وبالذات النسائية إلى خارج البلاد، كما توافرت أسواق بديلة لعمالة تلك الدول، وبعض هذه الأسواق قريبة في المسافة وفي الطبيعة والعادات والتقاليد من تلك الدول.

وأسفر هذا التغير في أسواق الاستقدام إلى إرباك الدول الأخرى المصدرة للعمالة من جراء تزايد طلبات الاستقدام منها إلى حد أكبر من السعة المحتملة، وعدم مقدرتها على مجاراة الزيادة الكبيرة في الطلب على عمالتها، أو توفير التدريب المناسب لعمالتها قبل إرسالها للدول طالبت الاستقدام.

رد إدارة الجوازات

المديرية العامة للجوازات من جانبها وفي رد على تساؤلات "الاقتصادية"، أكدت أن دورها يقتصر على تجديد التأشيرات والتأكد من نظامية الإقامات، مشيرا إلى أن الإجراءات الخاصة بتجديد تأشيرة زائر العائلية تتطلب من المواطن أو المقيم عدة خطوات تأتي الأولى في تقديم طلب التمديد عن طريق نظام "أبشر" حيث يقوم النظام بالتحقق من البيانات والتأكد من عدم وجود ملاحظات تمنع التمديد، يقوم بعد ذلك النظام بعرض المدة المسموح بها نظاما للتمديد حيث تكون مطابقة للمدة السابقة ولا يزيد إجمالي المدة على ستة أشهر، ثم يقوم المواطن أو المقيم بالموافقة على المدة التي يعرضها النظام بعد ذلك يتم التمديد إلكترونيا. وأشارت "الجوازات" إلى أنها قامت بتمديد نحو 1.385.011 تأشيرة زيارة منذ بداية الخدمة الإلكترونية لدى الجوازات.

تعليق مكاتب الاستقدام

علي القرشي عضو اللجنة الوطنية للاستقدام يقول بدوره، إن توصية مجلس الشورى المتعلقة بفتح باب استقدام العمالة المنزلية عن طريق دول الخليج ليست مدروسة بشكل جيد، وإن هذه التوصية لن ترى النجاح، مشيرا إلى أن سفارات الدول الأخرى لن تغير أنظمة الاستقدام من دول الخليج. وبين القرشي أن العوائق التي تواجه مكاتب الاستقدام في السوق المحلية ستنتقل تلقائيا إلى السوق الخليجية، التي منها ارتفاع الطلب مقارنة بالمعروض وهي التي ترفع التكلفة ومدة الاستقدام. وأضاف "بل قد تنشأ مشكلات أخرى تتعلق بالتباين بين قوانين العمل في دول الخليج، وأيضا المسؤوليات أمام سفارات الدول المصدرة للعمالة". من جهته، أوضح محمد الباهلي عضو اللجنة الوطنية للاستقدام أن التوصية ستفشل في حال تم إقرارها من قبل الجهات المختصة، مبينا أن مكاتب الاستقدام لا تستطيع العمل في حال كانت سوق الاستقدام مفتوحة من دول الخليج وأن هذا الأمر سيؤدي إلى إغلاق مكاتب وشركات الاستقدام في المملكة أو ستنتقل إلى دول الخليج وهذا ضرر كبير على الاقتصاد الوطني – على حد قوله. مكاتب وشركات استقدام في دول الخليج قالت من جانبها، إن قرار مجلس الشورى السعودي وفي حال تم إقراره سيكون مفيدا جدا لها، مؤكدين أن سوق الاستقدام السعودية من الأهداف الرئيسة التي كانوا يسعون إليها، وذلك لقوة الحراك الموجود في هذه السوق وحجم الطلب المتنامي على العمالة بشتى أنواعها، خصوصا العمالة المنزلية. ولفت أصحاب تلك المكاتب والشركات إلى أن أسعار استقدام العمالة المنزلية في السعودية مرتفع جدا وبشكل مبالغ فيه، وأنه في حال أقر نظام فتح الاستقدام من دول الخليج سيكون هناك تراجع في الأسعار بسبب حجم التنافس، الذي سيصب في مصلحة المواطنين الراغبين في استقدام العمالة. وبشأن اتفاقيات العمالة المنزلية التي تقوم به السعودية مع الدول الأخرى أكدوا، أنهم متابعون لآخر التطورات المتعلقة باتفاقيات المملكة مع دول الأخرى بشأن استقدام العمالة المنزلية.