خالد السليمان- عكاظ السعودية-
مما رشح عن ورش عمل برنامج التحول الوطني وبعض المشاركين فيها يبدو أننا أمام نقطة تحول مفصلية في مسيرة البلاد، ولن أبالغ عندما أصف برنامج التحول الوطني بأنه مخاض ولادة الدولة السعودية الرابعة !
فهناك ١٤ مبادرة لتحقيق ١١٧ هدفا يسعى البرنامج لتحقيقها لمواجهة تحديات المستقبل غير النفطي ترتكز على تغيير جلد المجتمع ومؤسساته الحكومية والخاصة والتحول من الحالة الريعية إلى الحالة الإنتاجية التي تلعب فيها الدولة دور المنظم، بينما يلعب القطاع الخاص الدور الأساس في دوران عجلة التنمية والاقتصاد !
البرنامج يواجه تحديا عظيما لتحقيق أهدافه خلال ١٥ عاما، وسر هذا الحاجز الزمني هو تقديرات بعض المؤسسات الاقتصادية وصول إنتاج البترول بمعدلات الإنتاج والاستهلاك الحالية إلى نقطة التعادل مع الاستهلاك المحلي، فلا نعود نملك ما نصدره للخارج، وبالتالي تكون الحاجة ملحة لاقتصاد غير نفطي قادر على تلبية احتياجات التنمية لمرحلة تراجع النفط كمصدر دخل أساسي !
وتحقيق ذلك يتطلب تغيير جلد كل شيء، نعم كل شيء، الإنسان والإدارة والمؤسسة، لذلك يضع البرنامج تطوير التعليم كأحد أهم أهدافه لبناء أجيال قادرة على قيادة المستقبل، فالإنسان هو أهم الأصول في عملية الاستثمار في المستقبل، وبالتالي فإن إعادة بناء وتشكيل شخصية الفرد السعودي في المجتمع ليكون مؤهلا ومنتجا يشكل تحديا أساسيا في نجاح البرنامج !
أما القطاع الخاص وهو الترس الأساس في آلة دوران بناء المستقبل وإنتاج الحاضر فنحن ربما نستعد لنشهد عملية تغير جذرية في هوية ومكونات القطاع الخاص تتراجع فيها الكيانات الفردية والعائلية بنمطيتها الحالية التي تشكل قطاعا خاصا أعرج يرتكز على الإنفاق الحكومي في مده بأسباب الحياة، لتبرز عمليات الاندماج وازدهار أعمال المؤسسات المتوسطة بما يعيد تشكيل وتأسيس آليات ومعايير الاستثمار المحلي والأجنبي خاصة مع فتح المجال للاستثمار في ٨ قطاعات منها قطاع التعدين الذي سيشكل رافدا موازيا للقطاع النفطي ومشتقاته !
أما الحكومة فإنها ستنتهي إلى التخلي عن لعب الدور المركزي الريعي لتلعب دور المنظم كما ينبغي لها أن تكون، ولكنها في مرحلة التحول ستلعب الدور الأساس في تنفيذ ومراقبة أداء مؤسساتها لضمان ذلك، ولعل قيام هيئة لتقييم ومراقبة أداء الوزارات والمؤسسات الحكومية بشكل دقيق وحازم خطوة على طريق التزام ونجاح كل مؤسسة حكومية بالدور المناط بها في خطة التحول الكبيرة ومحاصرة أسباب الفساد والقضاء على بيئته الحاضنة !
التحدي كبير والأهداف عظيمة، والأمر يتطلب التزاما كبيرا وإيمانا عميقا وصبرا عظيما !