تواصل » صحف ومجلات

أبرز التحديات التي واجهت السعودية خلال العام الأول للملك «سلمان»

في 2015/12/30

الخليج الجديد-

مع اقتراب نهاية العام الميلادي، بدأت مواقع عديدة تتحدث عن شخصية العام من الزعماء العرب، ورشح موقع تلفزيون روسيا الملك «سلمان»، ليكون الشخصية العربية الأولى لعام 2015، حسب استطلاع قام به. بيد أن رصد الأزمات التي واجهت الملك «سلمان» في عامه الأول يشير إلى تحديات خطيرة لم يواجهها ملك قبله.

وتمت مبايعة الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، ملكاً للمملكة العربية السعودية، في 23 يناير/كانون الأول 2015، ومع أن الملك «سلمان» بادر بسلسلة قرارات بدت ثورية فيما يخص الأوضاع الداخلية والخارجية، أبرزها ستة أوامر ملكية، حسم فيها الكثير من مقاعد السلطة والخلافة بعده، بتعيين الأمير «محمد بن نايف» وليا لولي العهد، وتعيين نجله الأمير «محمد بن سلمان بن عبد العزيز» في منصب مناصب نائب ولي العهد ووزير للدفاع ورئيس الديوان الملكي، وتخلص بها من أزمة صراع الأجيال مؤقتا، إلا أن القرارات الخارجية جلبت له أول أزمة حقيقية في اليمن.

حرب اليمن وصواريخ سكود

أخطر هذه الأزمات التي واجهت المملكة عام 2015 كانت حرب اليمن التي لا تزال تشهد تورطا عسكريا سعوديا، بينما يتم إطلاق صواريخ سكود لأول مرة من اليمن على الأراضي السعودية الحدودية، والتي أدت إلى مقتل وإصابة عدد من السعوديين.

وتعرضت السعودية عام 1991 خلال حكم الرئيس العراقي السابق «صدام حسين» لإطلاق 43 صاروخا أُطلقت جميعها من جنوب العراق، وكان أخطرها كان صاروخ سكود عراقي أصاب ثكنة للجنود الأمريكيين في مدينة الظهران، فقُتل 28 فرداً وجُرح مائة آخرون.

وكان الملك يتوقع أن تنهي الضربات الجوية للعملية «عاصفة الحزم» النفوذ الحوثي. ولكن الضربات الجوية وحدها لم تتكفل بحسم الصراع، وبات على المملكة التورط بريا في المعارك التي قتل فيها العشرات من الضباط والجنود السعوديين ولا تزال تستنزف المملكة.

كما نجحت الجماعات المتمردة باليمن في إشعال المناطق الحدودية مع السعودية، بهدف الضغط على التحالف وتشتيت عملياته العسكرية. حيث سيطر المتمردون على أجزاء واسعة من الحدود السعودية، وقتل عدد كبير من الجنود السعوديين، وأطلقوا العديد من الصواريخ التي عطلت الحياة بالمدن الجنوبية.

 كما نفذ المسلحون الحوثيون عددا من العمليات العسكرية ضد تحصينات للقوات السعودية في منطقتين جازان ونجران الحدوديتين جنوب المملكة أودت بحياة العشرات من الجنود السعوديين كان آخرها 26 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي شهد مقتل قائد قطاع حرس الحدود بالحرث العقيد الدكتور «حسن غشوم عقيلي»، ووكيل الرقيب «عبد الرحمن محمد الهزازي»، وإصابة أربعة أفراد من زملائهما بإصابات متفرقة.

استنزاف الاحتياطي النقدي

دخلت المملكة حرب اليمن وهي في حالة استقرار اقتصادي، لكن مع استمرار القتال بدأت تلاحقها الأزمات الاقتصادية، خصوصًا مع استمرار العمليات العسكرية والتي قدرت تكلفتها في شهرها الأول بـ 20 مليار دولار، وفي شهرها الخامس قدرت إجمالي التكلفة بحوالي 65 مليار دولار.

حيث تدهور الاقتصاد بصورة كبيرة في ظل استمرار الانفاق وتدني الدخل النفطي بسبب الانخفاض المستمر في أسعار وعوائد النفط، ومن ثم تزايد السحب من الاحتياطي النقدي، وهو ما دفع الكاتب «جوناثان باور» كاتب عمود الشؤون الخارجية في صحيفة «إنترناشيونال هيرالد تريبيون» للتساؤل حول «متي ينهار النظام في المملكة العربية السعودية؟»، على اعتبار أن «السعودية أصبحت بلد مريض اقتصاديا والنفط ينهار ومتورطة في حروب خارجية وفشلت في ادارة موسم الحج» بحسب قوله.

تم وضع الموازنة السعودية لعام 2015 على افتراض أن النفط سيباع بحوالي 90 دولارا للبرميل، وهو ما لم يحدث حيث وصل السعر حاليا إلى ما دون 40 دولارا، ما أدي لعجز في الميزانية بنسبة 20 في المائة، وتم استنزاف احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي بنسبة قياسية بلغت 12 مليار دولار شهريا.

وقد دفع هذا لتأخير إعلان الميزانية السعودية الجديدة، ما أثار تساؤلات حول أسباب تأخرها وتأخر إلقاء الخطاب السنوي للعاهل السعودي أمام مجلس الشورى.

أزمة تسريبات «ويكليكس»

بعد شهرين من بدأ عاصفة الحزم، بدأ موقع «ويكيليكس» بنشر نحو 70 ألف وثيقة كدفعة أولى من جملة أكثر من نصف مليون وثيقة ومستند من الخارجية السعودية تحتوي على مراسلات سرية من مختلف السفارات السعودية حول العالم.

وتتضمن هذه الوثائق تقارير سرية للغاية من مختلف المؤسسات السعودية الحكومية بما فيها وزارة الداخلية والمخابرات العامة للمملكة.

وكان من أبرز ما كشفته وثائق «ويكيليكس السعودية»، سعي المملكة لاستمالة وسائل إعلام عربية مصرية ولبنانية لخدمة سياساتها في المنطقة، وتقديم رشاوي إلى الصحفيين والإعلاميين.

كما وفرت الوثائق نظرة عن كثب حول طريقة سير العمل في المملكة وكيفية إدارة تحالفاتها وتعزيز مكانها كقوة إقليمية عبر استخدام المال لتوظيف الوكلاء ودعم الحفاء، كما اظهرت الوثائق «الهيكل البيروقراطي للمملكة شديد المركزية، حيث يتدخل كبار المسؤولين في أصغر وأدق التفاصيل».

 حادث رافعة الحرم وتدافع منى

وفي ذروة التفجيرات في مساجد الشيعة وتداعيات الاتفاق النووي الإيراني الذي أربك الرياض، وقعت حادثة رافعة الحرم وتدافع منى، لتزيد من ارتباك المملكة، وتضعها في موضع المساءلة.

 فأحداث رافعة الحرم والتي راح ضحيتها قرابة الـ 111 قتيل، أبرزت حالة الارتباك الفعلي لقيادات المملكة، ومع أنه أعقبها قرارات صارمة باستبعاد شركة «بن لادن» من العمل داخل الحرم وتجميد غالبية أعمالها في مكة، إلا أنه وبعد أيام من أحداث رافعة الحرم، أتت حادثة منى والتي راح ضحيتها قرابة الـ800 شخص (أكثر من 2000 ضحية وفق الأرقام غير الرسمية)، لتزيد من تفاقم الأزمة، خاصة بعدما سعت دول مثل إيران لاستغلال الحادثة في المطالبة بمحاسبة السعودية وتحميلها الأعباء الاقتصادية والقانونية للحادثة.

 الاتفاق النووي الإيراني

وجاء توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى ليشكل عامل ضغط كبير على السعودية، وتحدي للملك خلال عام 2015، ما دفع المملكة لتشكيل التحالف الإسلامي الموجة أساسا لنفوذ الايراني والشيعي بالمنطقة، وفقا لبعض التقديرات.

كان الاتفاق مثابة ضربة جيوسياسية للمصالح الخليجية، كما أنه أعاد تحديد العلاقات السعودية الأمريكية.

وقبل أن ينتهي عام 2015 المليء بالأحداث المأساوية، حاولت السعودية التقريب وتوحد قيادات المعارضة السورية، واحتضنت اجتماعا للمعارضة منتصف نوفمبر/تشرين الأول، لتسريع الحراك بين الهيئات السياسية للمعارضة وبين الفصائل المسلحة، وعقد الاجتماع الذي ضم قرابة 30 فصيلا مسلحا وتم الاتفاق وإخراج لجنة من المعارضة للتفاوض مع «الأسد» وروسيا منتصف يناير/كانون الثاني من العام 2016.

تفجيرات «الدولة الإسلامية» لمساجد الشيعة

من التحديات والأزمات الاخري التي واجهها الملك «سلمان» في عامه الاول نهاية أغسطس الماضي هو تنفيذ تنظيم «الدولة الإسلامية» عددا من التفجيرات لمساجد شيعية في السعودية، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وقبيل انتهاء عام 2015 أعلنت السعودية تشكيل تحالف عسكري إسلامي يضم 34 دولة لمحاربة الإرهاب سيكون مقره العاصمة السعودية الرياض، وجاء التحالف العسكري الجديد غامضا، خصوصا وأن الإعلان عنه جاء مفاجئا دون أي مقدمات له، كما أن حوالي 4 دول أعلنت أنه لم يتم استشارتها قبل إعلان التحالف. بينما أكدت دول أخري أنه مجرد «تحالف سياسي شكلي».