شؤون خليجية-
اعتبر مركز الإمارات للدراسات والإعلام، أن محكمة أمن الدولة بالإمارات "أداة" يستخدمها جهاز أمن الدولة لـ"قمع" الشعب الإماراتي، قائلًا: إن هذا الاستغلال يعد "أسوأ استغلال للسلطة الأكثر أهمية في البلاد، فقد تحولت من منصة لـ"العدل" إلى غُرف وزنازين للمعبرين عن آرائهم، أو أولئك الذين يطالبون بالإصلاحات السياسية".
وفي تقرير للمركز حول القضايا التي نظرت أمام محكمة أمن الدولة بالإمارات، والتي اختصت بتوجيه تهم "قمعية" ترتكز على "الإرهاب" قال المركز: "خلال العام المنصرم أجرت المحكمة الأمنية أكثر من (50 جلسة) محاكمة تتعلق بقانوني "الإرهاب" و"الجرائم الإلكترونية" اللذين وصفا بـ"سيئ السمعة"، لقرابة 19 قضية متعلقة بالقانونين، من بينها (14 قضية لها علاقة بحرية التعبير) و(5 قضايا متعلقة بقانون الإرهاب)".
وأضاف: "كما جرى إصدار قانون واحد يعتقد باستخدامه ضد حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى اثنين من المعتقلين لم يفرج عنهم رغم انقضاء مدة سجنهم، علاوة على عدد آخر من المعتقلين في سجون سرية ولم يتم محاكمتهم بعد. وأولئك الذين جرى الإفراج عنهم دون محاكمة، رغم اعتقالهم لأشهر عديدة من بينهم نساء إماراتيات، سيتم التطرق لهذه الإحصائيات في تقرير آخر".
وأحصى المركز 14 قضية متعلقة بحرية الرأي والتعبير داخل الدولة خلال عام 2015م، منها 10 قضايا جرى الحكم فيها، منها ثلاث قضايا جرى تبرئة المتهمين فيها، وسبع أخريات جرى الحكم فيها بين ثلاث سنوات وخمس، ولا تزال أربع قضايا في المحكمة الأمنية العليا.
ونظرت المحكمة خلال العام الماضي خمس قضايا متعلقة بـ"قانون الإرهاب سيئ السمعة"، وجرت محاكمات جماعية لـ"41″ في إحدى القضايا، و"11" شخصاً في قضية أخرى، و"أربعة أشخاص" بقضية أخرى أغلبهم من الإماراتيين.
وجرى الحكم في قضيتين فقط بحق مواطن عشر سنوات بتهمة الانضمام إلى جبهة النصرة في سوريا، وأربعة آخرين إحداها غيابياً بالإعدام والثاني عشر سنوات والثالث سنتين فقط. وتتعلق الاتهامات بالترويج لـ"جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية" عبر شبكة التواصل الاجتماعي وموقع على الإنترنت.
فيما يجري استمرار المحاكمة في ثلاث قضايا أخرى، أبرزها محاكمة "شباب المنارة" المتهمين بالتخطيط لقلب نظام الحكم، وتشوب القضية الكثير من الاستفهامات بخصوص الأدلة، وأغلب هؤلاء هم من "التيار السلفي" في الدولة، والذين اعتقلوا نهاية 2013م، بتهم جمع أموال للثوار السوريين.
وصدر قانون واحد بشأن مكافحة التمييز والكراهية. وهو القانون الذي حذرت منظمات حقوقية دولية من استخدام السلطات الإماراتية له لممارسة المزيد من قمع الحريات، والتضييق على المعارضين وتكميم الأفواه، فيما حذر نشطاء إماراتيون من ارتدادات عكسية للقانون، من شأنها أن تزيد من حجم الكراهية والاحتقان في المجتمع الإماراتي، الذي أصبح فيه المواطنون لا ينالون حقوقًا متساوية.
وأحصى المركز أيضًا في تقريره معتقلين اثنين في سجون جهاز أمن الدولة لم يتم الإفراج عنهم، رغم انتهاء محكوميتهم في السجون، أحدهم مصري الجنسية يدعى سامح بسيوني علام، والآخر سوري ويدعى عمر أحمد الدباغ (30 عامًا)، وتشوب محاكمة الشخصين الكثير من الخروقات.
قضايا الرأي والأحكام قضائية
في مايو: أصدرت محكمة أمن الدولة حكمًا بحق 5 قطريين في قضية أبو عسكور، أحدهم جرى الحكم عليه حضوريا ويدعى «حمد علي الحمادي»، بالسجن عشر سنوات، والآخرون بالسجن المؤبد، وتزعم المحكمة أنهم 5 ضباط قطريين ينتمون إلى جهاز أمن الدولة القطري، وتتهمهم بـ«الإساءة لرموز الإمارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وانستغرام».
وقضت محكمة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بالإمارات بالسجن 10 سنوات، على المواطن «أحمد عبدالله ناصر الواحدي» بتهمة الإساءة إلى الوطن.
في يونيو: تم الحكم بالسجن 3 سنوات على المواطن الإماراتي ناصر الفارسي (27 عامًا)، بسبب وصف سير قضية اتهم فيها بإثارة الكراهية تعود لعام 2012، بأنها مهزلة قضائية وتعرض بالإساءة لرئيس الإمارات وولي عهد أبوظبي. عبر حسابه في تويتر.
محكمة أمن الدولة تصدر حكمًا بترحيل مواطنة استرالية، في يوليو، بسبب منشور على فيسبوك وقبض عليها في أبوظبي، واتهامها بارتكاب جريمة إلكترونية، حيث نددت بتعامل مسؤول بالشركة التي تعمل فيها على حسابها في فيسبوك، بحسب ما ذكرته الحكومة الأسترالية.
في أكتوبر: أصدرت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا حكمًا على "محمد العمري" بالسجن 3 سنوات، وبالغرامة 50 ألف درهم "للانضمام لجمعية دعوة الإصلاح"، وإدارة حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعمهم.
في نوفمبر: أيضاً قضت محكمة أمن الدولة بسجن النائب الكويتي السابق، مبارك الدويلة، خمس سنوات، بتهمة الإساءة إلى حكام البلاد، في تصريحات تليفزيونية نهاية العام الماضي.
وأصدرت محكمة أمن الدولة في الإمارات، على المدون "عبدالله سعيد الظنحاني" حكماً بالسجن 5 سنوات وتغريمه مليون درهم، كأعلى حكم يصدر بحق أحد النشطاء الإماراتيين على شبكات التواصل الاجتماعي، منذ صدور قانون الجرائم الالكترونية في أغسطس 2012م. بتهمة إدارة حسابات على شبكات التواصل تندد بالانتهاكات الأمنية ومزاعم الإساءة لولي عهد أبوظبي.
محاكمات مستمرة
في سبتمبر: تمت أولى جلسات المدون "معاوية الرواحي"، 39 سنة عماني الجنسية، المعتقل منذ فبراير من نفس العام، والذي وجهت إليه النيابة العامة تهمتين، حيث أنشأ وأدار مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت متمثلة في قناة على موقع "يوتيوب"، وحساب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ومدونة بذات الاسم وحساب على موقع "فيسبوك"، ونشر عليها شائعات وأفكارًا ومعلومات من شأنها إثارة الكراهية والإخلال بالنظام العام والسلم الاجتماعي. كما نشر معلومات وعبارات على المواقع الإلكترونية، بقصد السخرية والإضرار بسمعة وهيبة ومكانة دولة الإمارات العربية المتحدة ورموزها.
في أغسطس: أحالت النيابة العامة بدولة الإمارات العربية المتحدة 41 متهمًا من عدة جنسيات، بينهم من يحملون الجنسية الإماراتية، إلى المحكمة الاتحاديـة العليا في قضية التنظيم الإرهابي.
في نوفمبر، عرضت الإمارات اثنين من «رجال الأعمال الليبيين» المعتقلين فيها لأكثر من سنة تحت إجراءات أمنية مشددة، على المحاكمة، ووجهت النيابة لهم تُهم تمويل "فجر ليبيا". في قضيتين منفصلتين مع مواجهتهم بنفس "التهم".
وتمت محاكمة "معاذ الهاشمي وعادل ناصف"، ووجهت لهم اتهامات تتعلق بالشأن الداخلي في بلادهم، تتعلق بتقديم أموال وإمدّاد منظمة إرهابية (كتيبة شهداء طرابلس وفجر ليبيا)، وتزويدهما بـ"مولد كهربائي" وأجهزة "لا سلكية". واتهما أيضاً بالتعاون مع منظمة الكرامة لحقوق الإنسان.
كما قامت المحكمة الأمنية العليا ببدء محاكمتين منفصلتين بتهم تتعلق بقانون "الإرهاب" سيء السمعة، بينهما "12" إماراتيًا؛ بمزاعم ارتباطهم بـ"داعش".
في ديسمبر، محاكمة عربي بتهم تتعلق بالنشر والمتهم بها (م.ع.ع)، وهو رمز نشرته الصحافة الرسمية، ولم يعرف اسمه، ويبلغ من العمر 38 عامًا، بإنشاء وإدارة حساب على موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك" باسم (عاشور محمد عوني)، ونشر معلومات كاذبة وإشاعات بقصد الإضرار بسمعة الدولة وهيبتها ومكانتها والإساءة للمسؤولين فيها، وأوضحت النيابة أن المتهم قد خالف القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2012، في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فيما أنكر المتهم جميع التهم المنسوبة إليه.
أحكام بالبراءة
في سبتمبر، برأت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا مالك قناة بداية خالد فهاد العجمي (46 عامًا) «كويتي الجنسية»، من تهمة "دعم التنظيم السري المنحل"، والتواصل مع عناصره والمشاركة في تسهيل إجراءات جمع الأموال لإنشاء قناة «حياتنا» الفضائية، وإبراز رموز التنظيم عبر قناة «بداية» الفضائية التي يديرها.
ويعمل "العجمي" مديراً تنفيذياً في شركة الإبداع للإعلام في مدينة الرياض ـ السعودية، مع قيادات جمعية دعوة الإصلاح في الإمارات، منهم عبدالرحيم الزرعوني، علي الحمادي، عبدالسلام درويش، أحمد المنصوري وغيرهم. بعد عام على اعتقاله، ولم يتم تعويض العجمي أو التحقيق في ادعاءات له بتعذيبه من قبل جهاز أمن الدولة.
وبرأت محكمة أمن الدولة، اثنين من المواطنين الإماراتيين في قضيتين منفصلتين لكل من محمد طالب محمد ومحمد سعد محمد، مما اسند إليهما من تهم الانضمام الى التنظيم السري المزعوم، والذي يقصد به "جمعية الإصلاح".
يحاكمون بقانون الإرهاب
قضت محكمة أمن الدولة بسجن الإماراتي خليفة ثاني المهيري 10 سنوات، بعد إدانته بالانضمام والمشاركة مع تنظيم "النصرة" في سوريا، الذي يصنفه جهاز أمن الدولة "منظمة إرهابية".
وحكمت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا برئاسة القاضي محمد جراح الطنيجي، في القضية 174/2015 والمتهم فيها أربعة أشخاص بالانضمام إلى منظمة إرهابية غيابياً، بالإعدام على المتهم الأول الهارب زايد يسلم علي لما أسند إليه من اتهامات، وحكمت حضورياً على المتهم الثاني محمد راشد عبدالله بالسجن 10 سنوات، ومصادرة المبالغ المالية المضبوطة معه والأجهزة الإلكترونية المضبوطة محل الجريمة، والمشار إليها في التقرير الفني، وإغلاق الموقع الخاص به اغلاقاً كلياً مع اتلاف المخرجات محل الاتهام.
كما حكمت حضورياً بمعاقبة المتهم الثالث منيف عوض ناصر بالحبس سنتين عن التهم المسندة إليه، وإتلاف الصور المستخرجة محل القضية، وذلك «باعتبار أن المتهم حدث».
القوانين الصادرة
في مايو، أصدر المرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية. وحذرت منظمات حقوقية دولية من استخدام السلطات الإماراتية لهذا القانون، لممارسة المزيد من قمع الحريات والتضييق على المعارضين وتكميم الأفواه، فيما حذر نشطاء إماراتيون من ارتدادات عكسية للقانون من شأنها أن تزيد من حجم الكراهية والاحتقان في المجتمع الإماراتي، الذي أصبح فيه المواطنون لا ينالون حقوقًا متساوية.
لا يزال معتقلًا
سامح بسيوني علام، لا يزال معتقلًا في سجون سرية، في الإمارات، رغم انتهاء مدة سجنه التي قررها القضاء، في قضية يشوبها العديد من الخروقات. وتعرض للتعذيب بشكل بشع. واعتقل يوم 11 فبراير بمدينة دبي، بتهمة "بلاغ كاذب عن جريمة"، وحكم عليه بالسجن شهر واحد في "أبريل"، ولكن لم يتم الإفراج عنه حتى الآن. واعتقل بسبب قرابته بمحاكمة شقيقة في مصر إلى جانب الرئيس المصري محمد مرسي، في قضية قتل ضابط أمن.
المواطن السوري عمر أحمد الدباغ (30 عامًا)، ما زال يقبع خلف قضبان سجن الوثبة الواقع في أبو ظبي، بعد أن مددت السلطات الإماراتية مدة عقوبته دون سبب قانوني، وهو ما اعتبره المركز اعتقالًا تعسفيًا وخرقًا للمادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما وردت معلومات تفيد بأن السلطات الإماراتية تحتجزه للتحقيق معه في خصوص إمداد تنظيم إرهابي بأموال، وهو اتهام لا أساس له من الصحة، حسب المعلومات التي وصلتنا.
ومنذ اعتقاله في 25 يونيو 2014، لم تعرف عائلة عمر الدباغ عن أخباره أو مكان تواجده شيئًا، على الرغم من المحاولات المتكررة للاستفسار في مركز شرطة أبو ظبي. ولقد مثل عمر الدباغ، في شهر ديسمبر 2014 أمام المحكمة الاتحادية العليا، وحكم عليه بالسجن 6 أشهر وبالترحيل من الإمارات. وأكد أفراد عائلته الذين حضروا المحاكمة أنه لم يكن موجودًا في بداية الجلسة، ولم يتم إحضاره سوى لمدة قصيرة ليستجوبه القاضي.