الشرق الاوسط السعودية-
قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لـ«الشرق الأوسط» إن تهديدات إيران لا تخيف الرياض٬ وإن السعودية ستعمل لحماية مصالحها ومصالح حلفائها بالطرق التي تراها مناسبة٬ في إجابة عن سؤال حول تصريحات المسؤولين الإيرانيين بأن لديهم 200 ألف مقاتل مسلح في المنطقة العربية.
الجبير٬ الذي تحدث للصحافيين أمس في مقر السفارة السعودية في العاصمة البريطانية لندن لمدة تزيد على الساعة٬ أكد أن إيران دولة راعية للإرهاب واستضافت إرهابيين بينهم قادة لتنظيم «القاعدة»٬ مشيرا إلى أن لطهران سجلا حافلا في الاعتداء على سفارات العالم والدبلوماسيين في جميع قارات الكرة الأرضية. ورفض الوزير السعودي الانتقائية في تصنيف الجماعات الإرهابية٬ ومحاولة التفرقة بين جماعة وأخرى على أساس طائفي أو سياسي٬ مؤكدا أن الجماعات التي دعيت لمؤتمر الرياض بشأن الأزمة السورية ليست مصنفة ضمن الجماعات الإرهابية ومنها «أحرار الشام» و«جيش الإسلام».
وعن لقائه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري٬ قال الجبير إنه ناقش معه ثلاثة ملفات هي اليمن وسوريا وإيران٬ موضًحا أن اللقاء تطرق لموضوعات أخرى٬ لكن الثلاثة ملفات المذكورة كانت الأبرز. وفي اللقاء الصحافي الذي عقد مساء أمس٬ استغرب الجبير من اتهامات إيران المتكررة للسعودية برعاية الإرهاب٬ ومن ثم اتهام المملكة باستهداف السفارة الإيرانية في اليمن ومقتل دبلوماسيين إيرانيين٬ وهو ما تبين لاحقا أنه غير صحيح. وأضاف: «لا يستطيع أي مسؤول إيراني أن يذكر أن هناك مسؤولا سعوديا رسميا على قائمة المطلوبين أمنيا عالميا٬ بعكس بعض المسؤولين الإيرانيين الذين هم على قائمة المطلوبين٬ ولا يذكر أن السعودية تورطت باغتيال سياسي في العالم أو باستهداف سفارة أو برعاية جماعة إرهابية٬ بينما إيران مصنفة كدولة راعية للإرهاب ولديها مؤسسات على قائمة الإرهاب٬ ومسؤولون مطلوبون بسبب تورطهم في الأعمال الإرهابية٬ وكل هذه النقاط متوفرة لدى إيران٬ كما استهدفت عدة سفارات في العالم واحتجزت دبلوماسيين وفجرت أبراج الخبر في السعودية 1996م٬ وغيرها من الأحداث التي تثبت تورط طهران في رعاية الإرهاب والإرهابيين».
وعن اتهامات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للمملكة برعايتها للإرهاب قال الجبير إنه ظن أن المتحدث من كوكب آخر٬ مستطرًدا: «الكل يعرف من هي الدولة التي رعت الإرهاب واستضافت الإرهابيين واستهدفت السفارات في جميع قارات العالم».
وعن دور روسيا في الأزمة السورية وأن دخولها على الخط سيعقد الحل٬ قال الجبير إن ذلك بلا شك عقد المسألة٬ معولا على الروس في لعب دور إيجابي للإسراع بحل الأزمة. وأمل الجبير في حديثه أن تنسق روسيا مع قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في ضرب تنظيم داعش٬ بدلا من العمل بشكل فردي٬ مبينا أن ذلك سيساهم في فعالية الضربات الروسية٬ وقال: «قالوا إنهم ضربوا أهدافا لـ(داعش)٬ ثم تبين لاحقا أنها أهداف للمقاومة٬ ولو كان هناك تنسيق لكانت فعالية الأداء أفضل وأكثر وأدق».
وفيما إذا كانت حركتا «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» مصنفتين ضمن الجماعات الإرهابية٬ قال الجبير: «هاتان الجماعتان ليستا على قوائم الإرهاب المرفوعة للأمم المتحدة حسب علمي٬ وهناك جماعات إرهابية اتفق عليها الجميع وأبرزها (داعش) و(جبهة النصرة)٬ أما (جيش الإسلام) و(أحرار الشام) فلا٬ وهناك مسألة غريبة أيًضا أن الجماعات المقاتلة إلى جانب بشار الأسد كـ(حزب الله) اللبناني وفيلق القدس٬ أو بعض الجماعات العراقية لا تصنف من قبل بعض دول العالم أنها إرهابية٬ وهذا أمر غريب». حديث الوزير السعودي جاء في معرض رد على سؤال عن بعض الجماعات التي دعيت إلى مؤتمر الرياض بشأن الأزمة السورية٬ وقال: «كل جماعة دعيت إلى الرياض فهي تصنف أنها جماعة معارضة وليست على قوائم الإرهاب».
واستغرب الجبير من انتقائية البعض في تصنيف الجماعات الإرهابية٬ مؤكدا أن الإرهاب واحد لا طائفة له٬ فالذي يقتل بريئا فهو إرهابي٬ سواء أكان القاتل سنيا أم شيعًيا.
وشدد الجبير أن السعودية ستعمل إلى جانب المجتمع الدولي للإسراع بحل الأزمة السورية وفق مقررات «جنيف٬«1 لكنه أكد أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من الحل٬ مضيًفا: «كيف يمكن لشخص دمر بلاده وهجر الملايين ومتورط بتجويع النساء والأطفال أن يحكم البلد مجددا أو يشارك في أي عملية سياسية.. هذا مضيعة للوقت».
ورفض الوزير السعودي الاتهامات المتكررة بدعم الرياض لبعض الجماعات الإرهابية٬ وقال إن هذا مثير للاستغراب٬ وأضاف: «داعش مثلا يهاجم السعودية ونفذ أعمالا إرهابية في المملكة واستهدف مساجد فكيف تدعمه السعودية ويستهدفها؟ هذا أمر غير منطقي٬ وادعاءات نرفضها بلا شك٬ المملكة الآن دعت إلى تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب٬ ووافقت 37 دولة على المشاركة فيه٬ والسعودية تحارب الإرهاب».
وقبل اللقاء عقد الوزيران السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي جون كيري مؤتمرا صحافيا٬ قال كيري فيه إنه يقدر جهود السعودية في المباحثات المتعلقة بالأزمة السورية٬ وإن العلاقة بين الرياض وواشنطن متينة٬ مؤكدا أن بلاده تتفهم رفض الدول العربية للتدخل في شؤونها التدخلات الإيرانية ٬ وأن الرئيس أوباما تعهد بالوقوف جنبا إلى جنب مع الحلفاء في الشرق الأوسط٬ مضيًفا: «نحن نتمنى أن تعمل الدبلوماسية وتنجح للمضي قدما في حل المشكلات٬ والتصعيد لا يخدم أحدا ولا نريد ذلك». وفي سؤال لكيري حول إذا كان لقاؤه مع الوزير الإيراني ظريف سيحمل نفس الملفات التي ناقشها مع الوزير الجبير٬ قال كيري: «دائما أتحدث مع ظريف عن عدم التدخلات وعن السعي للسلام والاستقرار». الجبير قال إن الرياض تعمل مع واشنطن لتجنب التحديات الحالية ولحلحلة الأزمات القائمة في المنطقة٬ ومنها تدخلات إيران في الدول العربية والأزمة السورية وملف اليمن.
وكان وزير الخارجية السعودي التقى في العاصمة البريطانية لندن كذلك بوزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط توباياس إلوود٬ وناقش معه الوضع الراهن في المنطقة العربية٬ وقبله عقد لقاء ثنائيا مع وزير الخارجية الأميركي ثم مؤتمرا صحافيا مشتركا٬ ثم لقاء بمجموعة صحف غربية حضرته «الشرق الأوسط» في مقر السفارة السعودية بلندن.