د. شملان يوسف العيسى- الاتحاد الاماراتية-
تعددت في الفترة الأخيرة الرؤى والسيناريوهات التي تحاول استشراف مستقبل المنطقة العربية بشكل عام وإقليم الخليج بشكل خاص، وذلك لعدة أسباب، أهمها الانخفاض الملحوظ لأسعار النفط في الأسواق الدولية، وانتشار سرطان الحروب الطائفية والدينية التي يخشى الكثيرون من أن تؤدي إلى تمزق العديد من البلاد العربية.
وربما يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط إلى تراجع أهمية بعد الدول العربية والخليجية في ميزان الاستراتيجيات الدولية، ليس فقط بسبب التراجع الكبير في قيمة النفط خلال الآونة الأخيرة، إذ تراجعت من 110 دولارات للبرميل إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل، ولكن أيضاً بسبب توفر مصادر طاقة جديدة في الغرب، حيث أصبح لدى الولايات المتحدة اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة، لذلك فقد خفضت وارداتها من النفط بنحو 4.5 مليون برميل يومياً، وكان أكثر من نصف هذا الخفض من نصيب دول «أوبك» وعلى رأسها دول الخليج العربية، والسبب يعود إلى زيادة الإنتاج الأميركي من النفط الصخري.. كما سعت الولايات المتحدة إلى تطوير مصادر بديلة للطاقة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فضلا عن المفاعلات النووية التي تنتج جزءاً مهماً من الطاقة الكهربائية المستهلكة في أميركا. كما بدأت الدول الأوروبية تقلل من اعتمادها على النفط الصخري بسبب وجود الطاقة المتجددة كبديل واعد وتحظى تقنيات إنتاجه بالكثير من الاهتمام والتطوير.
والسؤال الذي نود طرحه هنا هو: أين نحن في منطقة الخليج العربي من كل هذه المتغيرات؟ وما هو مستقبل المنطقة بعد أفول أهمية النفط وانخفاض أسعاره؟ وهل لدى الدول الخليجية خطط جادة لإيجاد بدائل عن النفط كمصدر للدخل؟
المفارقة الغريبة هي أن التقارب الإيراني الغربي بعد رفع الحصار الاقتصادي عن إيران وضعنا في موقف حرج، حيث كانت دول الخليج تعتبر نفسها الحليف الاستراتيجي للغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، بينما كانت إيران هي الدولة المشاغبة في المنطقة، حيث شجعت الإرهابيين وحاربت المصالح الغربية في مناطق عديدة من العالم.
أما الآن ومع ظهور الجماعات الجهادية، مثل «داعش» و«النصرة» وغيرهما من الجماعات الجهادية.. فقد أصبح ينظر إلى دول الخليج العربية من منظور آخر، لأن إيران عملت جاهدة على أن تكون هي البديل عن دول الخليج والعرب بشكل عام.
والسؤال هو: كيف ستتعامل دول الخليج مع هذه المتغيرات السريعة، خصوصاً وأن القوة المالية لبعضها قد تراجعت؟
علينا أن نركز أكثر على بلداننا وأن نعزز وحدتنا الوطنية ونعيد هيكلة اقتصاداتنا بعيداً عن هيمنة الاقتصاد الريعي، بإيجاد فرص جديدة للعمل للشباب في القطاع الخاص بدلاً من الوظائف الحكومية.
رفع الحظر الدولي عن إيران يعطيها قوة اقتصادية تمكنها من إعادة إعمار البلاد وإصلاح بنيتها التحتية وإصلاح المنشآت النفطية وغيرها. كل الدول الغربية التي ناصبت إيران العداء في السابق تعود الآن للعمل في طهران، لأن المصالح أهم من التركيز على الخلافات. ودول الخليج أيضاً لها علاقات تجارية مهمة مع الجميع.. لنركز على مصالحنا، فالمواقف السياسية تتغير بسرعة.