ناصر اليحمدي- الشبيبة العمانية-
الأزمة الخانقة التي يعاني منها سوق النفط بعد انهيار أسعار الذهب الأسود دفعت كثيرا من الدول خاصة النفطية للبحث عن إجراءات وبدائل تنهض باقتصادها وتعوض الخسائر الفادحة التي تكبدتها جراء تراجع أسعار النفط .. ففي الوقت الذي تضطر فيه بعض الدول لبيع برميل النفط بأقل من تكلفة إنتاجه الفعلية من تنقيب وحفر ومعالجة وبناء منشآت وأنابيب ومعدات كبريطانيا والبرازيل وكندا وغيرها نجد أن بلدانا مثل دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت على لسان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن بلاده سوف تحتفل بآخر برميل نفط تصدره بعد تنفيذ برنامج وطني شامل يتخلى عن النفط ويحقق اقتصادا مستداما للأجيال القادمة.
السؤال الذي يفرض نفسه .. متى يمكن للسلطنة ودول الخليج الاخرى الاستغناء عن النفط كمورد اقتصادي رئيسي ؟.
لاشك أن السياسة التي تسير عليها الدولة في الفترة القادمة والاستراتيجية التي وضعتها في خطتها الخمسية التاسعة تسعى للوصول لهذا الهدف من خلال التركيز على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمورد رئيسي للاقتصاد الوطني ولكن حتى ذلك الحين لابد من اتباع إجراءات تجنب بلادنا استنزاف المزيد من الخسائر ومنها ما أعلن عنه معالي الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز بأن السلطنة مستعدة لخفض إنتاج النفط بما يتراوح بين خمسة وعشرة في المائة لدعم الأسعار.
بالتأكيد هذه الخطوة ضرورية لتقليل التخمة التي يعاني منها سوق النفط والتي طفحت بعد زيادة إيران لصادراتها النفطية بمعدل 500 ألف برميل يوميا على إثر رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها إلا أن هذا الإجراء لابد أن يتخذه جميع منتجي النفط حتى يصبح على الأقل المعروض مساويا للمطلوب فتعود الأسعار لسابق عهدها لأن إغراق السوق بكميات زائدة عن الحد يؤخر من استعادة توازنه.
الخبراء يتوقعون أن يظل سوق النفط متخما وتظل الأسعار دون المستوى حتى نهاية هذا العام 2016 على الأقل خاصة في ظل جو الشتاء الدافئ الذي قلل من اللجوء لاستخدام الطاقة للتدفئة والله وحده أعلم بما سيحدث في الأعوام القادمة لذلك فإن الأوان قد آن للإسراع قدر المستطاع للوصول لعصر ما بعد النفط وتوفير اقتصاد مستدام للأجيال القادمة يكون عماده ما تملكه بلادنا من مقومات تدر لها الدخل المناسب لتحقيق التنمية المستدامة.
إن أزمة النفط كشفت مدى الهشاشة التي يتصف بها اقتصاد الدول الخليجية التي تعتمد على النفط وبالتالي فإن سياسة تنويع مصادر الدخل التي تسعى لتطبيقها حكومتنا الرشيدة ستقوي من متانة اقتصادنا وتحقق له الاستدامة مثل الاعتماد على السياحة والتجارة والصناعة والاستثمارات الداخلية والخارجية والموانئ والخدمات اللوجستية .. فبلادنا ولله الحمد تمتلك مفردات سياحية ساحرة وموقعا جغرافيا استراتيجيا يربط الشرق بالغرب ويتحكم في مرور البضائع من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك إلى جانب توافر كوادر بشرية مخلصة يمكن توجيهها لزيادة النمو الاقتصادي بالإضافة إلى أنشطة إعادة التصدير وتجميع الصناعات وغير ذلك مما يساهم في التغلب على التطورات الاقتصادية وتذبذات السوق النفطي غير المضمونة.
إننا جميعا نأمل أن تحقق الخطة الخمسية التاسعة أهدافها وتنخفض مساهمة النفط في جملة الناتج المحلي إلى 26% فهذا يخرجنا من البقاء تحت تهديد تذبذب أسعاره ويقوي من شوكة اقتصادنا الوطني ويحقق الاستقرار والأمان للشعب الوفي .. إلا أن هذا يتطلب جهدا وعرقا وصبرا فلا يتعجل المواطنون جني ثمار الخطة المرسومة لأن ثمارها ستظهر في المستقبل القريب .. فالحكومة ماضية في دعم المشاريع التي تقودنا لهذا الهدف مثل تطوير الموانئ والمطارات والطرق وسكك الحديد وغيرها من المشاريع التي ستظهر نتائجها بعد سنوات قليلة .. وإن غدا لناظره قريب.
أخيرا عادت إيران لأحضان المجتمع الدولي
أخيرا وبعد أكثر من 13 عاما تخلصت إيران من العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها بعد التزامها بتنفيذ بنود الاتفاق التاريخي الذي أبرمته مع مجموعة الدول الكبرى الست والتي تضم أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا وبشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها خفضت من أنشطتها النووية الحساسة لتفتح الباب أمام اقتصادها للانطلاق وتعويض سنوات العقوبات العجاف .. إلا أن الرياح تأتي دائما بما لا تشتهي السفن حيث إن رفع العقوبات تزامن مع انهيار أسعار النفط وهو ما لا يبشر لطهران بأن تجني الأرباح المرجوة من زيادة صادرات الطاقة خاصة أنها تملك رابع احتياطي نفطي في العالم والثاني على مستوى الغاز إلا أن الأمل مازال كبيرا في تنمية القطاع المصرفي وغيره من القطاعات التي يعول عليها الشعب الإيراني للنهوض بالاقتصاد.
لقد أثبتت إيران حسن نيتها وأن برنامجها النووي منذ بدأت العمل عليه مخصص للأغراض السلمية إلا أن إسرائيل كانت دائما ما تؤلب العالم على طهران وتشكك في نواياها وتدعي أنها تخطط لتصنيع قنابل ذرية وحثت أكثر من مرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على شن هجوم على إيران أسوة بالعراق لإثنائها عن استكمال برنامجها النووي .. إلا أن الأخير لم ينصع للدعاوى الإسرائيلية المغرضة وراهن على الحل الدبلوماسي السلمي حتى تحقق له مأربه ولتمت الدولة العبرية كمدا وغيظا.
لا أحد ينكر أن للسلطنة دورا كبيرا في التوصل لهذا الاتفاق التاريخي بفضل الفكر الحكيم والرؤية السديدة والعقلية المستنيرة والدبلوماسية الناجحة لحضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه .. فجميع الأطراف كانت متشددة لرأيها ومتصلبة في وجهة نظرها ولكن إقناع السلطنة هذه الأطراف بالاستماع لصوت العقل غلب على التشدد والعصبية ونجحت في لم شمل الأطراف المتناحرة حول طاولة المفاوضات وقربت بين وجهات النظر المختلفة حتى تم التوصل لهذا الإنجاز التاريخي الذي لم يعد على طهران وحدها بالخير بل على المنطقة بأسرها بالاستقرار والأمان والابتعاد عن شبح الحرب التي كانت تريد إسرائيل اندلاعها في المنطقة وهو ما سيذكره التاريخ دائما للسلطنة وقائدها المفدى حفظه الله ورعاه.
الغريب أن أمريكا ما لبثت أن رفعت العقوبات عن إيران حتى فرضت عليها عقوبات جديدة أخرى وكأنها أصبحت إدمانا وهذه المرة بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية .. ولكن العقوبات الأخيرة محدودة وأخف وطأة من الأولى ولن تؤثر على الاقتصاد الإيراني كثيرا.
الشيء الجميل أن العزلة والحصار والعقوبات لم تمنع الدولة الإسلامية من بناء نفسها ويمكن القول إنها من الدول المتقدمة عسكريا واقتصاديا وعلميا .. وما تشهده الآن من انفتاح سيزيد من مكانتها الدولية ويمنحها حقها في وضع موطئ قدم لها في مصاف الدول المتقدمة عن جدارة.
مبارك على إيران العودة لأحضان المجتمع الدولي ونتمنى وهي تفتح صفحة جديدة أن تندمج مرة أخرى وتستعيد عافيتها المالية وتتفاعل سياسيا واقتصاديا بما يعود على الجميع بالخير والنماء.
لوبيز الأمل الجديد للمنتخب الوطني
طوى المنتخب العماني صفحة مدربه الفرنسي السابق بول لوجوين ليفتح صفحة جديدة مع الإسباني خوان لوبيز ويبدأ مشواره الكروي بين الترقب لخططه وكيفية تعامله مع لاعبي المنتخب وبين الأمل في الحصول على بطولات اشتاقت لها النفوس.
لقد استمر اتحاد الكرة العماني في البحث عن بديل للوجوين وبعد أكثر من 50 يوما طرح علينا اسم لوبيز ليبدأ المحللون النبش في تاريخه لمعرفة كم البطولات التي حققها طوال مسيرته الكروية لكن للأسف خرج الجميع خالي الوفاض حيث لم يسبق له تحقيق أية بطولة مع أي فريق وليس لديه سجل من الإنجازات مع المنتخبات كما كان لوجوين الذي تعد قيادته للمنتخب الكاميروني لكأس العالم هي النقطة البيضاء الوحيدة في سجله .. وهو ما يجعلنا نتساءل بعد الاطلاع على سيرته الذاتية الهزيلة هل يعتبر لوبيز إضافة للكرة العمانية وهل سيستطيع تحقيق النقلة النوعية التي ننتظرها جميعا لوضع المنتخب خليجيا وعربيا وآسيويا ودوليا؟.
لاشك أننا جميعا نتمنى أن يحقق لوبيز ما فشل فيه سابقه من بطولات وانتصارات لمنتخبنا الوطني .. وتعتبر المباراتان القادمتان أمام جوام وإيران هي المعيار والاختبار الحقيقي لهذا المدرب الجديد فالمهم أن يستطيع التعامل مع لاعبي المنتخب بصدر رحب ويتمكن من تحسين معنوياتهم والعبور بهم لدرب الانتصارات.
عموما لن نتعجل الأيام ونتمنى ألا يصيبنا لوبيز بخيبة أمل وأن ينجح في دحض كل من يتوقع له الفشل ويخرج بالمنتخب من عنق الزجاجة ويقوده نحو نيل البطولات.