يطلّ التلفزيون السعودي خلال شهر رمضان المبارك مختلفاً هذا العام؛ فبعد أن كان السعوديون خلال الشهر الفضيل ينتظرون "طاش ما طاش"، ودروس الداعية علي الطنطاوي، والشيخ عبد العزيز بن باز، سيكونون على موعد مع عادل إمام وجرأته المفرطة.
عادل إمام المعروف بأفلامه ومسلسلاته غير المناسبة للأسرة سيكون على مائدة السعوديين الصائمين من خلال مسلسل "عوالم خفية"، ومهّدت للمسلسل حملة أطلقها القائمون على التلفزيون السعودي منذ أيام، ويستهدفون بها التهام النصيب الأكبر من كعكة المشاهد، بدءاً من الموسم الرمضاني.
لكن السؤال المهم هو هل ستُعرض هذه المسلسلات بعيداً عن "مقصّ الرقيب"؟ خاصة أن عادل إمام معروف بأعماله "الخادشة للحياء"، فقد اعتاد "حرّاس الشاشة" السعودية شطب المشاهد التي لا يرونها مناسبة للذوق العام المحافظ.
- غصب متغيّر للجمهور
غرابة الإعلان جعلت الجميع يخمّنون حقيقة ما يُخفيه بعد هذه الحملة القوية والكبيرة على مستوى المملكة، فالناس في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون عن سرِّ الإعلان الغامض.
لكن فئات عديدة من الجمهور السعودي عارضت الإعلان ومحتواه، محذّرة من تبعاته على الجمهور، في حين اعتبره آخرون ناجحاً لتسويق القناة التي اعتبروا مشاهدتها كانت إجباراً لهم.
الاتصال في حملة #غصب للقنوات السعودية مبني على رأي القائم عليها وليس على مدارك الجمهور "insights”. لو كانت هناك دراسة عن علاقة الجمهور الجديد بغصب 1 و 2 لكانت النتيجة ضعيفة بسبب تغير الجيل والأغلبية الساحقة هي من مواليد حديثة. pic.twitter.com/qL5yoIObQh
— محمد التميمي Brαɴdιɴɢ l (@BenTamimi) ١٢ أبريل ٢٠١٨
كما طالب المغرّد السعودي جميع المختصّين النفسيين بشرح "مخاطر تعريض العامة لكلمات سلبية".
تبعات إعلان #غصب على العقل الباطن سيئة و هذا استخدام سلبي للقوة الناعمة ضد الشعب السعودي.
— محمد باحارث Mohammad Bahareth (@mbahareth) ٩ أبريل ٢٠١٨
اتمنى من وزارة الداخلية و وزارة الإعلام و وزارة التجارة ايقافه و تغريم المعلن. @MOISaudiArabia@moci_ksa @SaudiMCI
ارجوا من جميع المختصين النفسيين شرح مخاطر تعريض العامة لكلمات سلبية pic.twitter.com/S9PoQiQot9
- انقلاب يهزّ الشاشة
ومنذ تأسيس التلفزيون السعودي، عام 1962، كان حريصاً على بثّ برامج ومسلسلات تناسب المجتمع السعودي المحافظ، مع تركيزه على عرض مواد إعلامية تسلّط الضوء على التراث والماضي وذكرياته بشكل رتيب.
وتأتي هذه التطوّرات في أوساط الإعلام الرسمي بوتيرة متسارعة ومتزامنة مع التغييرات التي شملت مختلف المجالات وأهمها، لا سيما الاقتصادية والأمنية؛ من خلال تغيير المسؤولين والقادة، وذلك مع تولّي محمد بن سلمان ولاية العهد، في حين لم تغب تلك التغييرات عن القطاع الثقافي والمجتمعي.
وبحسب ما أوضحت التغييرات التي طالت مفاصل عديدة بالسعودية، فإن للإعلام نصيباً من هذا التوجه.
الشريان الذي بدأ عمله في الإعلام من خلال الصحافة في سبعينيات القرن الماضي، ذاع صيته كثيراً في برنامجه الجريء "الثامنة"، الذي انطلق من خلال قناة "إم بي سي" السعودية في 2012، واستمرّ على مدى خمس سنوات، حقّق من خلالها شهرة واسعة.
ويدخل الانقلاب في الشاشة السعودية ضمن ما تشهده البلاد من تغييرات اجتماعية "دراماتيكية" غير مسبوقة؛ إذ شهد شهر سبتمبر 2017 اتخاذ السلطات عدة قرارات تستهدف دمج المرأة في المجتمع، والسماح لها بقيادة السيارة ودخول المدرجات الرياضية. كما سمحت بالحفلات الغنائية، ورخّصت دوراً للسينما، وغيرها من المظاهر الانفتاحية بالمجتمع السعودي.