د. شملان يوسف العيسى- الاتحاد الاماراتية-
علن البيت الأبيض أن الرئيس أوباما سيزور السعودية في شهر أبريل الجاري، حيث سيشارك في قمة تعقدها دول مجلس التعاون الخليجي.
ما إن أُعلن عن الزيارة حتى تعددت الرؤى والسيناريوهات التي تحاول استشراف طبيعة الزيارة وهدفها، خصوصاً بعد المقابلة المطولة مع جريدة «ذي أتلانتيك» الصادرة في نيويورك.
والسؤال: ماذا سيقول قادة الخليج للرئيس الأميركي؟ وماذا سيكون موقف الرئيس الأميركي من دول الخليج؟ وما هو موقف الولايات المتحدة من المنطقة العربية في المرحلة القادمة، خصوصاً مع انتهاء رئاسة أوباما.
قادة دول الخليج العربية سوف يطلعون الرئيس الأميركي على مخاوفهم من السياسات الأميركية الجديدة في المنطقة، خصوصاً ما صرح به الرئيس من أن على العرب الاتفاق مع إيران. والكل يتساءل: هل واشنطن تسعى إلى خلق توازن طائفي بين السنة والشيعة، بين إيران والدول العربية، مع أن الخلاف السعودي الإيراني لا علاقة له بالدين أو المذهب؟ عرب الخليج لا يوافقون على التمدد الإيراني في بلاد العرب، وتحديداً في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهم يسألون الرئيس: هل هدف واشنطن خلق تحالف إقليمي متعدد الأطراف؟
الرئيس الأميركي سوف يؤكد لقادة الخليج ما أكده سابقاً من أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن دول الخليج ضد أي اعتداءات خارجية عليها، لكن واشنطن ترى بأن الخطر الحقيقي الذي يواجه أمن الخليج ليس إيران، وإنما المشاكل الداخلية التي تعاني منها بعض الدول.
كلام الرئيس الأميركي لم يأت من فراغ، بل جاء انطلاقاً مما كتبه أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد، صامويل هنتنجتون، في كتابه الشهير «النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة»، والذي قال فيه إن التصدع السياسي والفجوة السياسية التي تنشأ عن عمليات التحديث الاجتماعي وتراجعها على المستوى السياسي، يؤدي إلى تنامي العنف، وإن التمايز السياسي الأهم بين البلدان لا يتعلق بشكل الحكومة، بل بدرجة القدرة على الحكم.
والسؤال هو: ما علاقة ذلك بواقعنا العربي؟ المفكر العربي عبد الإله بلقزيز يؤكد أن استخدام العنف والقهر لا يعكس إلا هشاشة الدول القطرية التي يعاني بعضها من غربة منذ النشأة وضعف التمثيل المجتمعي، فضلاً عن هشاشة المجتمع نفسه، جراء ضعف فكرة الدولة في المخيال العام.
وماذا عن الإرهاب وتمدده في المنطقة؟ حتماً سيثير قادة الخليج قضية الإرهاب وموقف واشنطن منه بعد التحولات الجديدة في سوريا مع انسحاب بعض القوات الروسية.
الرئيس الأميركي سيؤكد لقادة الخليج أن واشنطن ملتزمة بتعهداتها في محاربة الإرهاب، لكن لن يكون هناك حل لمشاكل الإرهاب الإسلامي إلى أن يتصالح الإسلام نفسه مع الحداثة، كما فعلت المسيحية، وسوف يعتبر أوباما أن دول الخليج هي المسؤولة عن ارتفاع الغضب الإسلامي والتطرف في السنوات الأخيرة.. وسيوضح للقادة إعجابه الكبير بالتجربة الإسلامية في آسيا، وتحديداً في إندونيسيا التي عاش فيها بعض طفولته، إذ يعتقد أن المسلمين في آسيا أقل ارتباطاً بالعنف وأكثر توافقاً مع قيم التقدم والتنمية والحداثة، فالإسلام في آسيا انتشر عن طريق التجارة والرحالة المسلمين، ولم يصطدم بالثقافات والقيم المحلية، بل توافق معها.
يخطئ من يظن أن واشنطن سوف تتخلى عن المنطقة بالتوجه إلى آسيا، فما تريده واشنطن هو إعادة ترتيب الأولويات في السياسة الخارجية الأميركية حول الأمن القومي، إذ تؤكد الوثائق الاستراتيجية الأميركية ما ذكره أوباما من التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة، واستمرارها في محاربة الإرهاب.
بقي على دول الخليج أن تتخذ سياسات جديدة نحو الحداثة وحكم دولة القانون والدولة المدنية.. فاستقرار الدول يعتمد اعتماداً كلياً على تعزيز مفهوم المواطنة والعدالة والمساواة بعيداً عن زج الدين في السياسة.