صباح أمس الاثنين صدر حكم محكمة القضاء الإداري، الأخير والبات في قضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والمعروفة إعلاميًّا بقضية «جزيرتي تيران وصنافير».
ورفضت المحكمة الطعن المقدم من الحكومة، وأيدت «مصرية الجزيرتين»، وأن «الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة تثبت أن الجزيرتين سعوديتان».
البداية مع خلاف سعودي إماراتي
خرجت أصوات سعودية وخليجية متباينة، ومعارك كلامية دارت رحاها على شبكات التواصل الاجتماعي، حول الحكم الذي قد يلغي الاتفاقية بين البلدين.
كان أكثر هذه الحوارات جدلًا بين مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية الإماراتي من جانب، ومن جانب آخر الداعية السعودي عوض القرني، حيث طالب الأول في تغريدة على موقع تويتر باحترام أحكام القضاء قائلًا: «هكذا حكمت قبل قليل المحكمة الإدارية العليا في مصر، وألغت اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية. يجب احترام قرار القضاء».
فيما رد عليه الأخير: «لو حكمت محكمة إيرانية بأن الجزر الثلاث إيرانية هل يجوز لأي خليجي أن يقول: يجب احترام قرار القضاء؟! أما كان يسعك السكوت؟».
يقصد القرني هنا قضية النزاع بين دولتي الإمارات، وإيران على جزر «طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى».
وكانت مداخلة الإعلامي السعودي خالد المهاوش أكثر حدة، حيث طالب عبد الخالق «بعدم دس أنفه في أمور ليست تخص بلاده» على حد تعبيره، والاهتمام بأمر الجزر الإماراتية المحتلة، فقال: «إماراتي خليجي يدس أنفه بجزرنا ليتك تصمت وتطالب بجزرك المحتلة من #إيران ووقفتنا مع الإمارات لاستردادها، وأنت هنا تقف ضدنا».
وتداخل الصحافي القطري «عبد الله العذبة» مع تغريدة عبد الخالق، بسؤال عن وجوب احترام وصية «أم الجنرال السيسي».
مذكرًا إياه بخطاب السيسي أمام «الأسرة المصرية» في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي الذي قال فيه: «أمي قالت لي أوعى تبص للي في إيد الناس».
وقال العذبة: «الغريب أن نظام الجنرال السيسي لم يتلزم بوصية أم الجنرال، ولم يقدم أدلة تثبت أن تيران وصنافير سعودية»، كاتهام للنظام المصري بالتواطؤ في حكم الإدراية العليا.
تدويل القضية
ورجح الأكاديمي الإماراتي في تغريدة أخرى أن الأمر سوف يصل لمحكمة العدل الدولية: «حكومة مصر مقتنعة، والخبراء مقتنعون، والوثائق تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أنها جزر سعودية، ومحكمة العدل الدولية ستقول القول النهائي».
وأطلق رواد «تويتر» بالمملكة العربية السعودية وسم «تيران_وصنافير_سعودية» من جانب، ومن جانب آخر كان تفاعل المصريين على وسم «#تيران_وصنافير_مصرية» خلال مدة مداولات القضية.
الإعلامي السعودي «عبد الله السالم» كتب أيضًا على تويتر تغريدة «اللي ما سمع يسمع واللي ما شاف يشوف #تيران_وصنافير_سعودية، بمستندات الأمم المتحدة ومنذ عام 1950 ، حق وعاد لأصحابه ، ترا في اتفاقيات كثيرة».
ملوحًا بإلغاء حكومة بلاده للاتفاقيات المبرمة أثناء زيارة الملك سلمان للقاهرة في أبريل (نيسان) العام الماضي.
الكاتب السعودي خالد العلكمي قال إن تأخر تسليم الجزيرتين إلى المملكة، سيرافقه مزيد من الاحتقان الشعبي ضد مصر، ملوحًا في الوقت عينه بأن الخطوة الأخيرة ستكون محكمة العدل الدولية.
«بالحكمة أو بالمحكمة، الجزر ستعود للسعودية، تأخر عودتها سيرافقه مزيد من الحرج، والاحتقان الشعبي، على النظام المصري».
وتساءل الكاتب السعودي محمد الدويش عن مصير الاتفاقيات التي وقعتها السعودية مع القاهرة.
إجابة كانت قاطعة من جانب الكاتب صالح الفهيد الذي يبدو أنه عالم ببواطن الأمور، ورد على الدويش «أجل، يجب أن يشعر الجانب المصري أن لعناده ورفضه إعادة الجزر #تيران_وصنافير لأصحابها ثمنًا كبيرًا يجب دفعه».
الكاتب السعودي خالد بن منير أوصل الأمر إلى حد الخداع والمناورة من قبل النظام المصري، فكتب: «ما جرى اليوم جزء من عملية خداع، وتبادل أدوار يمارسها النظام المصري الحالي بحكومته، وعسكره وقضائه مع الداخل والخارج».
حكم تاريخي في القاهرة
على الجانب الآخر، وصفت أوساط السياسيين والمشاهير في مصر على مواقع التواصل حكم المحكمة الإدراية العليا بـ«التاريخي».
حمدين صباحي المرشح السابق للرئاسة عبر عن سعادته بالحكم، موجهًا التحية للشعب المصري والحركة الوطنية، والمحامين «البواسل» والقضاة.
وطالب الكاتب والطبيب المصري علاء الأسواني بمحاكمة كل من قال إن الجزيرتين سعوديتان، والاعتذار للشعب المصري، قائلًا: «كل من قال إن تيران وصنافير سعودية، ولم يكن في موقع مسؤولية يجب أن يعتذر للمصريين، وكل مسؤول في الدولة شرع في التنازل عن أرض الوطن يجب أن يحاكم».
ووجه الصحافي والكاتب محمد الجارحي التحية للقاضي «أحمد الشاذلي» صاحب الحكم التاريخي.
أما حازم عبد العظيم «مسؤول الشباب في حملة السيسي الانتخابية» السابق، طالبه فورًا بالتنحي، واعتبره فاقدًا لشرعيته وغير مؤهل لحكم مصر، وإن كانت نواياه طيبة.
واتفق معه جمال سلطان الكاتب، ورئيس تحرير جريدة المصريون، فاعتبر أن الحكم «أخطر طعن في شرعية السيسي».
وإبان الاتفاقية خرجت مظاهرات دعت لها عدة تجمعات شبابية، وحزبية غاضبة من القرار، فيما سُمي بجمعة الأرض، وقبض على عدد كبير، قبل أن يتم الإفراج عن معظمهم بعد مدة قليلة، فيما يقبع داخل السجون حتى الآن عدد آخر.
وطالب المحامي الحقوقي جمال عيد بالإفراج الفوري عن الشباب، والاعتذار، ورد الأموال التي دفعت كفالات.
ومن النواب الذين دافعوا عن مصرية الجزيرتين، عبر المهندس هيثم الحريري عضو مجلس النواب المصري عن رفضه لعرض الاتفاقية على المجلس، معتبرًا أن الشعب والقضاء قد أسقطا الاتفاقية.
وتعجب المحلل السياسي أيمن الصياد من وصول الأمر إلى هذا الحد بين البلدين، اللذين هما في غنى عن كل ما حدث.
أما المرشح الأسبق للرئاسة، ورئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح، اعتبر أن الحكم بمصرية الجزيرتين من الأمور المسلم بها، مثل القدس عربية، وأم الرشاش مصرية، ما حدث في القضية «مشروع صهيوني»، وهو خطر على الإنسانية جميعها، بحسبه.
وعلق الفنان حمزة نمرة، بأهمية الانتظار والالتزام حتى صدور الحكم، وأنها بالوطنية، والقانون، والأدب مصرية.
خالد فودة- ساسة بوست-