انتشر قبل أيام في مواقع التواصل الاجتماعي تعميم صادم وعديم المسؤولية لأحد مسؤولي وزارة الصحة في منطقة تبوك، ينص صراحة بالتفرقة في تقديم الخدمة الصحية بين المواطنين وبعض الشخصيات الاعتبارية في المجتمع من شيوخ قبائل ورجال أعمال، بعض الصحف الورقية نشرت خبر ذلك التعميم على استحياء، بل إن البعض منها ركز على تصريح وزير الصحة الذي ينفي فيه مثل هذه التعليمات.
الغريب أن الفئات، والتي حدد الخطاب المسرب أن تحظى بخدمات خاصة وأن يكون لها غرف جاهزة في حال الحاجة إليها، ليست بالفعل من الناحية المادية بحاجة إلى المزاحمة على الخدمات الصحية للمواطنين، فتلك الفئات لديها القدرة المادية على أن تذهب إلى المستشفيات الخاصة، وإن لم يعجبها تستطيع أن تسافر إلى الخارج وتتعالج في أحسن المراكز العالمية.
الجهات الرسمية لدينا لا ترضى بمثل هذه الممارسات غير المسؤولة من بعض الجهات الرسمية، خصوصاً في الخدمات الصحية، وكلنا يعرف أن حق الخدمة الصحية هي من أقل حقوق أي مواطن في أي دولة، والمملكة لديها مستشفيات عدة وهي تقبل الجميع بعد إجراءات ليست بالمعقدة، ما يدلل على عدم التفرقة لدينا في تقديم هذه الخدمة.
على العموم، كلنا يعرف أن ملف الخدمات الصحية لدينا معقد ولم ينتشل منذ عشرات السنين، وأنا أتحدث عن ملف التأمين الطبي للمواطن والذي نسمع فيه منذ سنوات وكل وزير صحة يأتي إلى كرسي الوزارة يكون له فلسفته في معالجة هذا الموضوع، ولكن الأكيد أنه متوقف ومعطل لأسباب غريبة.
الكثير منا لا يوجد لديه خيار سوى الذهاب إلى المستشفيات الحكومية، والتي على ضعف أدائها إلا أنها للأسف يوجد لديها تصنيفات محددة في تقديم الخدمة، وهذا ما كشف عنه الخطاب المسرب أخيراً، ولكنني على قناعة تامة بأن وزير الصحة توفيق الربيعة سيحقق في ملابسات الموضوع ويكشف لنا عن الحقيقة وليس كما برر وبسرعة غريبة أن الهدف من ذلك الخطاب هو للرصد الإعلامي، وهذه جزئية غير واضحة بالنسبة لي على الأقل.
إن مبدأ العدل والمساواة مهم، وخصوصاً في تقديم الخدمات الصحية، وعلينا تأصيله في مؤسسات الحكومية والابتعاد عن المحسوبية والانتقاص من بعض الفئات على حساب فئات أخرى، ولا نحب أن نسمع ونقرأ عن اضطرار بعض المواطنين للسفر على حسابهم الخاص للطبابة في دول مجاورة بسبب تردي الخدمات أو عدم توافر الغرف في المستشفيات الحكومية لدينا، ولا نحب أن نسمع أن هناك أدواراً مخصصة في مستشفياتنا لفئات كبار الشخصيات، وإن صدقت مثل هذه الحالة فإنها بلا شك تدخل في باب الفساد، وهو قد يكون أخطر من الفساد المالي لأنه يترتب عليه حياة الإنسان.
هل نطالب الجهات الرقابية وعلى رأسها «نزاهة» بأن يكون لها دور فاعل في مثل هذه الملفات، أم أن القضية ستمر وتنسى كما هي العادة؟ آمل بغير ذلك.
عقل العقل- الحياة السعودية-