عادل المطيري-الأنباء الكويتية-
منذ أكثر من أربعة أعوام، دعيت الحكومة الكويتية لمتابعة ما يغرد به الكويتيون في «تويتر»، باعتباره أداة لاستفتاء الرأي العام الكويتي نحو أداء الحكومة ومعرفة آراء وتوجهات المواطنين نحو القضايا العامة المطروحة للنقاش وخاصة مع غياب وسائل قياس الرأي العام الأخرى والمعتمدة في العالم الغربي.
ولكنني وبعد مطالعة حثيثة لأغلب ما غرد به الكويتيون تجاه ما يمر علينا من قضايا مهمة أو نحو بعض الشخصيات العامة، أعود عن رأيي السابق وبكل شجاعة، فقد تبين لي أن عددا ليس قليلا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالكويت وبالأخص «تويتر» كانوا يكتبون آراء غير مقتنعين بها، فمن جانب طغت المجاملات الاجتماعية والسياسية على طرح العقلاء منه، فتماشوا مع الاتجاه العام وتحاشوا معارضته - ومن الجانب آخر استخدمه بعض السيئين شر استخدام للتشهير بكل من يقف ضد توجهاتهم وما يغردون فيه، فكان الوطن وقضاياه وشخصياته الوطنية هم ضحايا ما يسمى بحرية استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي.
مما لا شك فيه - أن ثمة فراغا تشريعيا كان موجودا، استطاع من خلاله أن ينجو بعض المغردين من المساءلة القانونية على جرائمهم الشنيعة، ففي السابق كانت الجرائم التي ترتكب في وسائل التواصل الاجتماعي تصنف على أنها جرائم «سب وقذف» أو «إساءة استخدام هاتف»، كما كان من السهل جدا إنكار ارتكابها من الأساس.
ولكن بعد قيام شركات وسائل الاتصال الاجتماعي بإلزام مستخدميها بإعطائها معلومات موثقة عن هويتهم، أصبح من الممكن معرفة هوية المستخدم وإن تخفى باسم مستعار.
وبعد إصدار قانون الجرائم الإلكترونية الذي استطاع تنظيم الفضاء الإلكتروني بما فيه من وسائل اتصال اجتماعي متعددة وصحف ومواقع إلكترونية، حيث حصر القانون الجديد مجموعة من الجرائم المستجدة والتي لم تكن موجودة في القانون الجنائي وقام بتوصيفها وتحديد عقوبات لها تتناسب مع حجمها وتأثيرها على المجتمع.
لا أتصور أحدا يرفض معاقبة من ينشر الوثائق السرية أو الوثائق والصور الشخصية دون إذن أصحابها، أو من يمارس القرصنة الإلكترونية أو تخريب المواقع الإلكترونية أو تزوير البصمات وشيفرات الدخول، أو مكافحة الطرق الإلكترونية الجديدة لغسيل الأموال أو المواقع التي تروج للإرهاب أو التي تهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي.
الاختلاف بين مؤيدي القانون والرافضين له - كان على بعض ما جاء بالمواد (6) و(7) لأن القانون يساوي بين الصحف الإلكترونية ومواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بوسائل الإعلام التقليدية كالمحطات التلفزيونية والاذاعية والمجلات والصحف، حيث أحاله المشرع في المادتين السابقتين إلى قانون المطبوعات والنشر ليطبق نفس المحظورات والعقوبات التي وردت فيه.
تنطلق رؤية المشرع الكويتي في قانون الجرائم الالكترونية من إدراكه بأن وسائل الاتصال الاجتماعي لم تعد وسائل اتصال شخصية بل أصبحت وسائل إعلام ولها نفس تأثيرها.
ختاما- أصبح مستخدمو الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بالتحديد، مراسلين ينقلون الصورة والحدث ويعلقون عليها، ويناقشون القضايا العامة من على منبر عام كما يفعل الصحافيون والإعلاميون اذن فليتحملوا مثل ما يتحملون من مسؤولية اجتماعية وقانونية.
الخلاصة - بعد تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية قل التغريد السياسي في تويتر، وكادت تختفي الإشاعات وظاهرة التشهير بالأشخاص والإساءة لهم، ولو كانت هذه هي الميزة الوحيدة للقانون الجديد لكان جديرا بالتأييد.