تواصل » تويتر

المحــرض التقنـي

في 2016/06/02

كشف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية في عدد من التصاريح السابقة عن وجود أكثر من نصف مليون حساب قابل للزيادة في "تويتر" يدار من خارج المملكة يتناول القضايا المحلية السعودية، بهدف النيل من استقرار الوطن وزعزعة الأمن واللحمة الوطنية.

هذا الرصد والاهتمام من وزارة الداخلية يعد مؤشرا لخطورة أهداف هذه الحسابات القائمة على التحريض ونشر الفوضى بأنواعها، وحيث ان كثيرا من التجارب المماثلة تفيد أن أفضل طرق مكافحة هذا النوع من الحسابات الحقيقية أو الوهمية الواقعة خارج نطاق السلطة الأمنية المحلية هو نشر الوعي الأمني والثقافة الوطنية وتبيان خطرهم من خلال بيانات رسمية أو مؤتمرات علمية أو حملات اعلامية. أحد أوجه الفوضى والتمرد التي يسعى إليها أصحاب الحسابات التحريضية هي تلك المتعلقة بالأمن المعلوماتي التي تهدف إلى إيقاع الضرر الإلكتروني بالفرد والمؤسسات الحكومية والخاصة.

المراقب والمتمعن للحسابات الحقيقية أو الوهمية في "تويتر" ومواقع التواصل الأخرى، يسهل عليه ملاحظة أن عددا من الحسابات التحريضية الداعية للتمرد ونشر الفوضى إلكترونياً انها ليست حصراً على حسابات من خارج المملكة فقط، بل ان عددا منهم يتواجد داخل المملكة. هؤلاء أصحاب الحسابات التقنية التحريضية يمكن تصنيفهم في الغالب إلى قسمين، الأول يعلم أنه محرض ويدعو للتمرد ومخالفة الأنظمة المعلوماتية صراحةً، وهذه الفئة ولوضوح أهدافها وسهولة تمييزها يسهل مكافحتها وتحجيم خطرها ورصدها إما عن طريق أجهزة مختصة في وزارة الداخلية أو عن طريق بلاغات يتقدم بها المواطن رجل الأمن الأول.

أما القسم الثاني والذي لا يقل خطورةً عن سابقه وهم أصحاب الحسابات التقنية الذين يجهلون أو يتجاهلون أنهم محرضون ودعاة للتمرد والفوضى الإلكترونية بحجج واهية مثل ادّعاء نشر المعرفة والتثقيف, مواقع التواصل الاجتماعي سهّلت تواجد عدد من حاملي هذا الفكر المتمرد الذي يستهدف الأمن المعلوماتي الخاص بالفرد والمؤسسات الحكومية والخاصة، يتسم هؤلاء بكثير من الصفات ومنها توفير مواد تعليمية وتدريبية لغرض مخالفة الأنظمة والقوانين المعلوماتية, من خلال نشر أدوات الاختراق والتجسس الالكتروني بعد تغليفه بذرائع ركيكة وضعيفة مثل تعليم الاختراق "الأخلاقي" دون ادنى اعتبار لطبيعة أو هوية المتلقي وكأن إضافة كلمة "أخلاقي" في المواد التعليمية التحريضية يعفي من المسؤولية القانونية. لا يقف هذا التمرد عند هذا الحد، بل يمتد الى استعراض وتبادل النصائح حول أحدث طرق التخفي أثناء تصفح الانترنت لكي يصعب على السلطات المحلية تعقبها ورصدها ويرون أن سلطات الرصد والضبط الأمنية غير أهل للثقة مستدلين بذلك بمرجعتيهم الحقوقية "سنودن" وما ينقله في تسريبات "ويكيليكس". أما عند الدخول لقنواتهم وحساباتهم في "التيليغرام" أو "الواتساب" يخيل للقارئ أنها وضعت لغرض التذمر والتحذير من مراقبة السلطات الأمنية لتحركاتهم بحجة أن هذا انتهاك للخصوصية، ويتم بعدها نشر أساليب التخفي والتمويه لمحاولة البقاء بعيدا عن أعين السلطات المعنية وكذلك تقدم خدمات إضافية تهدف إلى نشر وسائل تعليمية تتناول طرق تخطي الحجب وغيرها. وتتواصل هذه التجاوزات إلى التشكيك بقدرة السلطات الأمنية على حماية مواطنيها إلكترونيا عن طريق نشر اشاعات تتعلق بتسرب معلومات حساسة مثل بصمات المواطنين لجهات معادية جراء تقصير أمني إلكتروني، أو التشكيك بكفاءة المؤسسات والشركات الخاصة المزودة لخدمات حساسة لأجهزة الدولة عن طريق تضخيم الأحداث والكذب دون دليل أو بيان تحت ذريعة النقد البناء.

قد يكون ضربا من ضروب المبالغة أن نطالب بمركز مناصحة ورعاية معني بتأهيل وتصحيح الأفكار المنحرفة المتعلقة بتقنية المعلومات عند بعض المستخدمين أو التقنيين أو المحترفين الذين حادوا عن جادة الوطنية، ولكن بالتأكيد هم بحاجة لمعالجة فكرية يقوم عليها نخبة من أصحاب العلم والخبرة.

د. عدي بن محمد الحضيف- الرياض السعودية-