تضامن حقوقي وإلكتروني واسع، شهدته الساحة الإماراتية، خلال اليومين الماضيين، مع الحقوقي البارز «أحمد منصور الشيحي»، الذي اعتقلته السلطات من منزله أمس الأول، واقتادته إلى مكان غير معلوم.
وأمس، أمرت نيابة جرائم تقنية المعلومات الإماراتية، بحبس «منصور الشحي» احتياطيا على ذمة التحقيق، بعدما وجهت له تهمة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت في نشر معلومات مغلوطة وإشاعات وأخبار كاذبة والترويج لأفكار مغرضة من شأنها إثارة الفتنة والطائفية والكراهية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، والإضرار بسمعة الدولة ومكانتها، وتحريض الغير على عدم الانقياد لقوانينها.
تضامن حقوقي
منظمة «العفو الدولية»، طالبت بالكشف عن مكان احتجاز الحقوقي «منصور»، وإطلاق سراحه.
وفي بيان لها أمس، قالت المنظمة: «نخشى أن يكون احتجاز أحمد منصور، نوعاً من ضروب الإخفاء القسري، بالنظر إلى أن السلطات لم تقم بإعلان مكان احتجازه، ولا قامت بتوفير معلومات عن أسباب احتجازه، أو أي تهم موجهة ضده».
وأضافت: «سبق أن قامت السلطات الإماراتية بالاخفاء القسري في عدد من الحالات، ويُخشى أن يكون أحمد منصور عُرضةً لسوء المعاملة أثناء اخفائه».
وعن ملابسات الاعتقال، قالت المنظمة الحقوقية الدولية، إن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور، الحائز على جائزة «مارتن إينال» للمدافعين عن حقوق الإنسان للعام 2015، وعضو المجلس الاستشاري لقسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا بـ«هيومن رايتس ووتش»، قد تم احتجازه ليلة 19 مارس/ آذار، وتم اقتياده الى مكان غير معلوم.
وأضافت: «تؤكد المعلومات المتوفرة أن مجموعة من العناصر الذين يتبعون غالباً لجهاز أمن الدولة، قد داهموا شقته في دبي، في وقت متأخر من الليل، وقاموا بتفتيش المنزل، وصادروا كل الأجهزة الإلكترونية من كمبيوتر وموبايل، بما فيها تلك التي تخص أطفاله، بعد أن قاموا بتفتيش محتوياتها».
وقع على بيان منظمة «العفو الدولية»، مجموعة المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وهي تضم مجموعة من النشطاء العاملين والعاملات في مجال حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المؤمنين بمرجعية القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، والتي يسعون من خلالها إلى نشر وتعزيز قيم ومبادئ ومعايير حقوق الإنسان والدفاع عنها في المنطقة وكل دول العالم.
من جانبه، اعتبر مركز «الخليج لحقوق الانسان»، اعتقال «منصور» بمثابة «ضربة قاسية ومدمرة لحقوق الإنسان في الإمارات، ويوضح نية السلطات غسكات المدافعين عن حقوق الإنسان».
وفي بيان له، قال إن توقيفه قد يكون مرتبطا بتغريدات على «تويتر»، دعا فيها «منصور» إلى إطلاق سراح ناشط آخر يدعى «أسامة النجار».
وقبل اعتقاله بساعات، كتب «منصور» على حسابه في «تويتر»: «الحرية لأسامة النجار، فقد انتهت مدة حكمه ولم تطلق السلطات في الإمارات سراحه في بادرة خطيرة وغير مسبوقة وربما ستشكل نهج قادم لسجناء الرأي».
ودعا المركز الحقوقي، المجتمع الدولي أن ينهي الصمت على انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الإمارات، وقال: «على آليات الأمم المتحدة المختلفة في مجال حقوق الإنسان والحكومات الغربية واجب احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان عن طريق مضاعفة الضغط على سلطات الإمارات إلى الإفراج فورا ودون قيد أو شرط عن منصور، ووقف المضايقات له مرة واحدة وإلى الأبد».
وأضاف البيان أن «اعتقال أحمد منصور واحتجازه في مكان مجهول مقلق للغاية»، مشيرا إلى أن «السلطات الإماراتية عمدت بشكل روتيني على تعذيب المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين الذين يحتجزون في مراكز اعتقال سرية من دون السماح لهم بالاتصال بمحامين أو عائلاتهم».
أين «أحمد»؟
مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت أيضا تضامنها مع «منصور»، ودشن المغردون وسما بعنوان «أين أحمد؟»، طالبوا فيه بالكشف عن مكانه، وإطلاق سراحه.
الناشط «حمد الشامسي»، غرد، تحت الوسم، قائلا: «في يوم السعادة، الأجهزة الأمنية تعتقل أحمد منصور الشحي في مكان مجهول بسبب نشاطه الحقوقي.. السعادة عندهم أن تجهل حقوقك».
وأضافت «روز العتيبي»: «حكومة الإمارات ككُل الحكومات العربية تُمارس النفاق تعطي من الحقوق ما يكفل بقائها وتنتزع ما يُعري سوءاتعا».
وتابع «الهدف»: «أحمد رجل مواقف لم يدع معتقل في وطننا العربي لم يناصره».
ودعا «عبد الرحيم البخاري»، قائلا: «الحرية له ولجميع معتقلي الرأي في دول القمع والظلم».
وتساءلت «حصة الماضي»: «أين الحر الذي كان يدافع عن من انقطعت بهم السبل وأصبحوا في غياهب معتقلات لا يعلم بأي حال هم!؟».
نشاط «منصور»
ويُعتبرُ «أحمد منصور» من الأصوات النادر وجودها في الإمارات العربية المتحدة، والتي تُجاهر بالرأي المستقل، وذو المصداقية، فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان وتطوراتها في بلده.
ودأب على نقد وانتقاد ممارسات مثل الاعتقالات التعسفية والتعذيب أو سوء المعاملة، وإخفاق الحكومة في الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وعدم استقلال القضاء، والقوانين الوطنية التي لا تتماشى مع وتنتهك القانون الدولي لحقوق الانسان، بالإضافة إلى العديد من انتهاكات الحقوق المدنية.
وكان قد اعتقل في وقت سابق، وظل لغاية احتجازه ليل أمس ممنوعاً من السفر خارج البلاد.
وفي 2011، صدر بحقه حكما بالسجن 3 سنوات بعد إدانته بتهمة «سب» السلطات، إثر محاكمته مع أربعة آخرين، إلا أنه أطلق سراحه بعد 8 أشهر بعفو.
وفي أغسطس/آب الماضي، كانت الحكومة الإماراتية، وراء محاولة التجسس عن بعد على هاتف «آي فون» الخاص بـ«منصور»، وكان من شأن هذه المحاولة، في حالة نجاحها، أن تتيح الوصول عن بعد إلى جميع البيانات الموجودة على الهاتف، والتحكم عن بعد في تطبيقاته، وفي مكبر الصوت والكاميرا.
يشار إلى أن «منصور»، شارك مجموعة من النشطاء الحقوقيين من العالم العربي في توجيه رسالة، صدرت أمس، تُخاطب الزعماء والقادة العرب المشاركين في القمة العربية المُنعقدة أواخر الشهر الحالي، مًطالبةً إياهم باتخاذ إجراءات لضمان حرية التعبير واطلاق سراح الآلاف من المعتقلين السياسيين.
الخليج الجديد-