أكد وزير الخارجية القطري الشيخ «محمد بن عبد الرحمن آل ثاني» أن اختراق وكالة الأنباء القطرية «قنا» جريمة يحاسب عليها القانون ويتم التحقيق فيها، وسيتم كشف نتائجه بعد التحقيق، معربا عن استغرابه من الحملة المنسقة ضد بلاده.
وأضاف في مؤتمر صحفي، مع نظيره الصومالي «يوسف جراد عمر» اليوم الخميس أن «قطر أصدرت توضيحات بشأن الهجوم الإلكتروني تفند ما تم تداوله»، مؤكدا «أننا سنلاحق مرتكبي جريمة الاختراق وفقا للقوانين الدولية».
وقال وزير الخارجية القطري إن «ما يسمى باختراق وكالة الأنباء القطرية (قنا) هو ليس اختراق فقط، بل جريمة الكترونية، وفق كافة القوانين، ويحاسب عليها القانون، وهجوم الكتروني استهدف الوكالة، وبث تصريحات كاذبة على لسان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهي تصريحات لم يقلها، ولم يصرح بها».
وأشار إلى «تشكيل فرق تحقيق، سيتولى القيام بتحقيق جنائي للتوصل إلى كشف هوية مرتكبي الجريمة، وتقديم مرتكبيها للقضاء، وكشف نتائج التحقيق بكل شفافية، بما في ذلك سير عملية التحقيق، وكشف نتائجها».
وعن تفاصيل الجريمة ومصدر انطلاقها، قال «آل ثاني» «لا دليل لدينا حول منشئ الهجوم، لكن فور حصولنا على أدلة كافية، يمكن أن تُقدم أمام القضاء، كدعوى، فهذا سيتم وفق الإجراءات القانونية المعتمدة، مضيفا “هناك قوانين دولية تحكم جرائم مماثلة، وخاصة الأزمات التي تتعلق بالقرصنة، وسيتم مقاضاتها وفق القانون».
وحول الإجراءات التي تنوي قطر اتخاذها مستقبلا لمنع أي قرصنة جديدة، قال الوزير القطري: «نظام الأمن المعلوماتي المتوفر في دولة قطر، والمراكز المتوفرة على أعلى مستوى، وتستعمل أحدث تكنولوجيا، وهناك تطور مستمر في مسألة الهجمات الإلكترونية، وليس من الضروي أن التطورات التي تواكب تحديث أنظمة الحماية، بنفس سرعة التطورات التي تشهدها العناصر الهجومية، في مسألة الأمن المعلوماتي».
وأضاف: «قطر ستتخذ خطوات لزيادة جهودها في وضع حاجز على المعلومات لتأمينها، ولكن وسائل الحماية المتوفرة حاليا في كافة القطاعات على مستوى، واختراقها صعب جدا، وما تم في وكالة الأنباء مازلنا نتحقق عن سبب الاختراق، والفجوة التي دخلوا من خلالها، ومعالجتها بشكل فوري. أما النظام المعلوماتي لدولة قطر، فهو نظام قوي وصلب ومتجدد، وكافة جهات الدول تتعاون بشأنه، وتعتمد تحديث أنظمتها أول بأول تحت إشراف هذه المظلة الحكومية».
حملة إعلامية ضد قطر
وحول إصرار وسائل إعلامية على نشر تصريحات ىتم تكذيبها رسمياً من الحكومة القطرية، قال وزير الخارجية: «بالنسبة لوسائل الإعلامية التي تبنت الأخبار الكاذبة، نحن نستغرب تعاملها مع أخبار كاذبة، رغم صدور بيانات تكذيب واضحة، وشن حملة مسيئة لدولة قطر”، مضيفا «في النهاية، ما يتم نشره يعكس مهنية وسائل الإعلام تلك. وما لمسناه من الرأي العام في الشارع الخليجي، أن هناك مستوى وعي يرتقي أكثر بكثير من المستوى الذي نزلت إليه وسائل الإعلام تلك».
وعن سؤال حول التخطيط الذي بدا واضحا للحملة الإعلامية لقطر، وتجهيز محللين في ظرف قياسي، بعد دقائق فقط من قرصنة موقع وكالة الأنباء الرسمية القطرية، بالتزامن مع نشر تقارير في صحف أمريكية ضد قطر، قال وزير الخارجية: «بالنسبة للحملة المستمرة على دولة قطر، وخصوصا في الولايات المتحدة، من المستغرب أنه خلال السنوات السابقة لا تُذكر دولة قطر إلا من قبل رسميين قطريين، ولكننا نفاجأ في الخمس أسابيع السابقة، أن هناك 13 مقال رأي من كتاب مختلفين في الولايات المتحدة.
وتابع «وفي الوقت الذي تم الهجوم على موقع وكالة (قنا)، كان هناك مؤتمر يتحدث عن قطر، لم ندع له، بينما دعي للمؤتمر جميع الكتاب الذين كتبوا مقالات الرأي تلك في الصحف الأمريكية، وفي الليلة نفسها حدث الهجوم على موقع وكالة الأنباء الرسمية”، متسائلاً: «هل حدث الأمر صدفة؟ لا نعلم لحد الآن، ولا نعلم إن كان الأمر مرتبط. والأكيد أن التحقيق جاري في الجريمة الالكترونية، ولا نستعجل النتائج من الآن، الأكيد هناك حملة إعلامية تستهدف دولة قطر، وسنتصدى لها إن شاء الله».
وأشار إلى أن «العلاقات القطرية الأمريكية تحظى بتقدير كبير من الجانبين».
وقال «لم يتم إثارة موضوع الإخوان المسلمين في اللقاءات والاجتماعات، لأنه ليس هناك أي دليل على أن قطر لها علاقة بالإخوان المسلمين، بل إن ذلك يتم تداوله في الإعلام، ونحن قلنا إننا في قطر لا نتعامل مع الأحزاب السياسية، بل نتعامل مع الحكومات، وإن كان الإخوان المسلمون في حكومة بتونس أو مصر أو أي دولة، فسنتعامل معها، وإلا فسنتعامل مع الحكومات».
وبين أن بلاده لم تتلق «أي طلب من مسؤولين أمريكيين لقطع علاقاتنا بأي طرف»، مشيرا إلى أن البلدين عقدا نقاشات إيجابية بين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تلك العلاقات، وهناك تقدير للعلاقات من الجانبين».
وأردف: لم نجر أي اتصالات مع أشقائنا في الخليج بخصوص توضيح أزمة اختراق وكالة الأنباء القطرية.
علاقة قطر بالخليج
كما أكد «آل ثاني» على قوة علاقة قطر بالخليج، قائلا: «نتمتع بعلاقات ودية وأخوية مع دول الخليج فمصيرنا واحد ونتأثر جميعنا بالأزمات التي تحيط بنا في المنطقة»، منوها إلى ضرورة الوحدة بين الدول والتغلب على المشاكل.
ورفض الوزير الربط بين تحامل وسائل إعلامية خليجية على قطر، بالأزمة التي حدثت بين الدوحة ودول مجلس التعاون الخليجي عام 2014، لافتاً إلى أن قطر أبقت دوما على علاقات ودية وأخوية مع دول الخليج، لأننا نؤمن أن مصيرنا واحد، ونتأثر بالأزمات التي تحيط بمنطقتنا كلنا، ولا علاقة لما يحدث بأزمة عام 2014″، مستشهدا بأن “قمم الرياض قبل يومين من الهجوم الالكتروني سادتها نقاشاتنا إيجابية بشأن علاقات قطر بدول مجلس التعاون، وإن كان هناك أمر آخر، فنحن لا علم لنا به».
وأكد أن قطر دوما تفضل الإبقاء على علاقات قوية وأخوية مع دول مجلس التعاون الخليجي. وأن الظروف الحالية، وما يحيط بالمنطقة من أزمات إقليمية، يدفع لأن تبقى دول المجلس موحدة، وتتغلب على المشاكل الصغيرة الثنائية، مشدّدا على أن بلاده لا تنظر إلى ما حدث على أنه كبير ومهم.
وردا على سؤال حول احتمال نقل قاعدة العديد الأمريكية من بلاده قال: إن «آل ثاني»كان هناك شيء سيحدث للقاعدة، فسيتم التعامل معه وفق الاتفاقية بين قطر والولايات المتحدة، وعلاقاتنا قوية، والرئيس ترامب نفسه تحدث عن دور قطر في مكافحة الإرهاب في خطابه، وقال إن قطر شريك حيوي واستراتيجي، وهذه طبيعة العلاقة دوما بين قطر والولايات المتحدة، ولا نرى ربطا بين ما حدث في الهجوم الالكتروني أو القرصنة، وبين الإدارة الأمريكية الجديدة».
وتصر وسائل الإعلام الإماراتية وإعلام سعودي، على صحة التصريحات المزعومة، رغم نفي قطر لها، واستدعاء ضيوف خصوم لمناقشتها بوتيرة محمومة، والقيام بملء مواقعها الإلكترونية بتفاصيلها، بحيث انقلب الأمر من تغطية إعلامية إلى حملة قاسية ضد توجّهات قطر السياسية عموما استخدمت فيها وسائل التحريض والتأجيج الذي يستهدف تحجيم تأثير هذه الدولة السياسي والإعلامي ضمن المسار الخليجي واستعداء البلدان والنخب والجمهور العربي عليها.
وفي وقت سابق، نفت «وكالة الأنباء القطرية» (قنا) نشر تصريحات منسوبة لأمير الدولة «تميم بن حمد آل ثاني»، وأكدت أن موقعها تعرض لاختراق من جهة غير معروفة، وتعرض حسابها على «تويتر» للاختراق أيضا في وقت لاحق، وطلبت من وسائل الإعلام تجاهل ما ورد من تصريحات ملفقة لأمير دولة قطر.
وتقدمت فضائيتا «العربية» و«سكاي نيوز»، صحفا سعودية وإماراتية ومصرية، حملة ممنهجة للهجوم على قطر وأميرها الشيخ «تميم بن حمد»، بعد تصريحات مزعومة نسبت إليه، ونفتها الدوحة، وقالت إن الوكالة الرسمية كانت مخترقة.
وقال رئيس تحرير جريدة «الشرق» القطرية «صادق محمد العماري» لفضائية «الجزيرة» إن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية «قنا» منتصف الليلة قبل الماضية هو جريمة قرصنة إلكترونية تقف وراءها جهات استخباراتية، مؤكدا أن القنوات التي نقلت التصريحات المزيفة كانت مستعدة مسبقا لتغطيتها بهدف النيل من دولة قطر.
وكان الخبر نسب تصريحات لأمير قطر حول العلاقة مع الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، وتوتر في العلاقات مع السعودية ومصر والإمارات والبحرين والموقف من «حماس» وإيران.
وكالات-