اسين السليمان - الخليج أونلاين-
ظهر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الاثنين، وهو يتقبّل التعازي بوفاة والدته، التي غاب عن جنازتها، وذلك في أول ظهور علنيّ له منذ 7 شهور، والثاني له منذ أربعة أعوام، في ظل تصدر واضح لشقيقه محمد بن زايد، الذي بات يسيطر بصورة غير رسمية على زمام الأمور في البلاد.
ويغيب الرئيس الإماراتي (70 عاماً) عن أي أنشطة رسمية علنية، منذ أن تعرّض لوعكة صحية بعد جلطة ألمّت به (حسب الإعلان الرسمي)، في 24 يناير 2014.
ونشرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) صورة للرئيس خليفة ويجلس بجواره محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، وقد بدت آثار المرض واضحة على رئيس الدولة في الصورة التي نُشرت.
وغاب خليفة بن زايد، الذي يتولّى رئاسة دولة الإمارات منذ 3 نوفمبر 2004، عن أداء صلاة الجنازة على والدته، الأحد، وسط توقعات بأن غيابه يعود لأسباب صحية.
#رئيس_الدولة يستقبل #محمد_بن_زايد و طحنون بن محمد ويتقبل التعازي بوفاة #الشيخة_حصة_بنت_محمد.#وام pic.twitter.com/YscWYqcRAG
— وكالة أنباء الإمارات (@wamnews) January 29, 2018
وكان أول ظهور له بعد إصابته بوعكة صحية في يونيو الماضي، بأول أيام عيد الفطر المبارك وبعد 41 شهراً من غيابه، لكنه غادر بلاده بعد نحو أسبوع، دون الإعلان عن الوجهة والسبب، لكن ظهوره المفاجئ أجاب عن تساؤلات حول سلامته.
وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام)، قالت إن الشيخ خليفة غادر البلاد، السبت (1 يوليو 2017)، في زيارة خاصة إلى خارج الدولة، وتُعدُّ هذه أول زيارة خارجية بعد أن ظهر في (25 يونيو)، كاشفاً قدرته على الحركة والكلام، لأول مرة منذ الإعلان عن مرضه عام 2014، حيث تقبّل التهاني بعيد الفطر من الحكام، ونواب الحكام، وولاة العهود.
وكان من المفاجئ ظهور الشيخ خليفة في وقت تشهد دول الخليج أزمة عصفت بعلاقاتها، تعتبر الإمارات طرفاً فيها بجانب السعودية والبحرين، بعد أن قطعت الدول الثلاث علاقاتها مع قطر، ومع ذلك لم يصدر أي تعليق أو حديث على الخلاف من رئيس الدولة خلال مرات ظهوره الأخيرة.
- غياب عن الأنشطة العلنية
وقبل ظهوره الأخير، غاب رئيس دولة الإمارات (69 عاماً) عن أي أنشطة رسمية علنية، منذ أن تعرّض لوعكة صحية بعد جلطة ألمّت به (حسب الإعلان الرسمي)، في 24 يناير 2014، وطوال تلك الفترة غادر بلاده ثلاث مرات، لم تُبثّ خلالها أي صور في أثناء مغادرته أو عودته، آخرها في مارس الماضي، في حين لا تُعلن الدول المستضيفة له أهو للعلاج أم لغيره.
وبين الفينة والأخرى تُظهر الحملات التي يبثها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مدى شغف الإماراتيين برؤية رئيس بلادهم، الذي اعتادوا على رؤيته كممثل للإمارات في المحافل الدولية، بعد وفاة والده عام 2004، لكن شقيقه محمد بن زايد أصبح واجهة البلاد الرسمية في المحافل كافة.
وهذا الظهور لا ينفي حقيقة أن ولي عهد أبوظبي هو الممسك فعلياً بزمام الأمور، وأنه صاحب كل القرارات التي تصدر باسم شقيقه، فضلاً عن أنه هو من يقوم بكل الجولات الرسمية كافة، ويستقبل كل الضيوف الرسميين الذين يزورون الإمارات، ويُجري المباحثات كافة على كل الأصعدة، خصوصاً بما يتعلق بالأزمة الخليجية وحصار قطر.
ومع أن إصدار القرارات الرئاسية لا تزال موسومة باسم (الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة)، رغم غيابه، يطرح هذا الأمر باستمرار تساؤلاً لدى المواطنين ومطالبات للاطمئنان عن صحته، وسط تطورات سياسية في المنطقة تؤدي أبوظبي دوراً مشبوهاً فيها.
- من هو الشيخ خليفة بن زايد؟
الشيخ خليفة بن زايد هو أكبر أبناء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، وكان ولياً لعهده، فخلف والده بعد وفاته في حكم إمارة أبوظبي، وانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004، واعتبرته صحيفة التايمز، في وقت سابق، من القادة الخمسة والعشرين الأكثر تأثيراً في العالم، ويصنّف كرابع أغنى حاكم في العالم.
وبناء على طلب الشيخ خليفة كلّف المجلس الأعلى لحكام الإمارات، في 5 يناير عام 2006، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتشكيل الحكومة الجديدة وتولي رئاسة مجلس الوزراء، بعد انتخابه بيوم لولاية الحكم في إمارة دبي، ونائباً لرئيس دولة الإمارات، عقب رحيل أخيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، في يوم 4 يناير من العام نفسه.
ولد الشيخ خليفة بن زايد عام 1948، في المنطقة الشرقية لإمارة أبوظبي، وتلقّى تعليمه الأساسي بمدينة العين، حاضرة المنطقة ومركزها الإداري.
ويُعتبر ثاني رئيس لدولة الإمارات، التي أُعلن عن تأسيسها في 2 ديسمبر عام 1971، والحاكم الـ 16 لإمارة أبوظبي، كبرى إمارات الاتحاد الـ 7.
والشيخ خليفة متزوج وله ثمانية أولاد، اثنان من الذكور؛ هما: الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان، والشيخ محمد بن خليفة آل نهيان، وست من البنات، ولديه عدد من الأحفاد.
- قدراته السياسية.. هل تم تحييده؟
وفي ظل قدرات وظيفية ظهرت خلال مسيرته، بات من اللافت غياب الشيخ خليفة رغم الأزمات التي أقحمت بلاده نفسها فيها، وخصوصاً مشاركتها في افتعال الأزمة مع قطر والحرب في اليمن التي كلفتها الكثير.
فقد واكب الشيخ خليفة مسيرة والده التنموية في جميع مراحلها، وكان أول منصب رسمي يشغله هو "ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، ورئيس المحاكم فيها"، وذلك في 18 سبتمبر عام 1966، وكان لهذا المنصب أهمية كبيرة في حياته، وخلال وجوده بمدينة العين أُتيحت له فرصة واسعة للاحتكاك اليومي بالمواطنين.
عُيّن ولياً لعهد إمارة أبوظبي في 1 فبراير عام 1969، ورئيساً لدائرة الدفاع، وتولّى بحكم منصبه قيادة قوة الدفاع في الإمارة، وأدّى دوراً أساسياً في تطويرها، وتحويلها من قوة حرس صغيرة إلى قوة متعددة المهام، مزودة بمعدات حديثة.
وفي 1 يوليو عام 1971، تولّى الشيخ خليفة رئاسة أول مجلس وزراء محلي لإمارة أبوظبي، إضافة إلى تقلّده حقيبتي الدفاع والمالية في المجلس. وذلك قبل إعلان الدولة الاتحادية.
وفي فبراير عام 1974، وبعد إلغاء مجلس الوزراء المحلي، أصبح الشيخ خليفة أول رئيس للمجلس التنفيذي، الذي حل محل مجلس وزراء الإمارة، وخلال رئاسته للمجلس التنفيذي أشرف على مشاريع تطوير وتحديث الإمارة، وأشرف على صياغة السياسة النفطية.
تولّى خلال الفترة نفسها رئاسة المجلس الأعلى للبترول (لا يزال يشغله حتى الآن)، إذ يعدّ المجلس المرجعيّة العُليا في العلاقة مع شركات النفط العاملة في إمارة أبوظبي، وهو المشرف الأعلى على سياسة الصناعة البترولية بالإمارة؛ تنظيماً، وتنقيباً، وإنتاجاً.
كما تولّى رئيس الدولة عام 1976 تأسيس ورئاسة جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة، ضمن رؤية استراتيجية لتنمية الموارد المالية وللمحافظة على مصادر دخل مستقرّة للأجيال المقبلة.
وقد أسهم هذا الجهاز في تدريب وتأهيل نخبة من العناصر الوطنية التي تبوّأت مناصب رفيعة في الأجهزة الحكومية.
تولّى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بعد قرار المجلس الأعلى للاتحاد، في مايو عام 1976، دمج قوى الدفاع المحلية في كل إمارة من إمارات الاتحاد تحت مظلة قيادة اتحادية واحدة، ولتصبح شؤون الدفاع من بين المسؤوليات الحصرية للدولة الاتحادية.
وبعد توليه مقاليد الرئاسة أطلق مبادرة لتطوير تجربة السلطة التشريعية، لتعديل أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بين الانتخاب والتعيين، تتيح في نهاية المطاف اختيار أعضاء المجلس عبر انتخابات مباشرة، لكن بلاده اليوم تمر بأسوأ فترة قمع لأي تيار سياسي يحاول إبراز موقفه، وهو ما جعلها من بين أكثر الدول في إسكات المعارضين السياسيين، بحسب ما تؤكد منظمات دولية.
ويبرز هنا حرص محمد بن زايد على تقديم نفسه كولي للعهد وحاكم فعلي للإمارات مع ضعف أخيه المريض، وهو ما أشار بوضوح إلى رغبة الأخ الصغير في فرض قراراته السياسية داخلياً وخارجياً وإبعاد أخيه بذريعة المرض.