محمد أبو رزق - الخليج أونلاين
لا تترك السعودية أي نافذة للإرهابيين لترويج أفكارهم والوصول إلى مواطنيها والتأثير عليهم، خاصة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الأكثر انتشاراً.
وعملت السعودية على إبرام اتفاقيات تعاون مع عدة شركات وتطبيقات للتواصل الفوري، والتي كان أبرزها تطبيق "تليغرام" المستخدم من قبل الإرهابيين وتنظيماتهم بشكل لافت؛ بسبب حالة الأمان التقني التي يوفرها لمستخدميه.
ويرى خبراء أن اهتمام التنظيمات الإرهابية بـ "تليغرام" يعود إلى ما يوفره من مزايا رئيسية أبرزها قوة التشفير الخاصة بالتطبيق بصورة تجعل المراسلات عليه أكثر أمناً مقارنة بتطبيقات أخرى، ما يصعب اختراقه من جانب الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى أنه يتيح إمكانية تحديد الجمهور المستهدف بدقة.
وتتعاون السعودية من خلال المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، الذي تأسس في الرياض عام 2017، مع منصة "تليغرام" لإزالة المحتوى المتطرف الذي يقف خلفه متطرفون وإرهابيون.
واتفق المركز مع "تليغرام" على تعزيز التعاون المشترك وتوسيع التنسيق فيما بينهما حيال الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (PCVE).
ووفق ما أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس)، في فبراير 2022، اتفق الجانبان على توسيع نطاق التنسيق فيما بينهما من خلال رصد وإزالة المحتويات العربية الممنهجة التي تمجد الإرهاب.
نتائج التعاون
ونجح المركز الذي يعمل على محاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً، بالتعاون مع "تليغرام"، في إزالة أكثر من 7 ملايين و200 ألف محتوى متطرف خلال الربع الثاني من العام الحالي.
كما نجح المركز، وفق بيان له، الثلاثاء 4 يوليو الجاري، بإغلاق 1554 قناة متطرفة بالتعاون مع "تيلغرام".
وحسب المركز، تصدرت المحتويات المتطرفة التابعة لتنظيم "القاعدة" المحتويات المُزالة، بعدد يزيد على 3 ملايين ونصف المليون محتوى، تلاته "هيئة تحرير الشام" بأكثر من مليون و951 ألف محتوى، فيما بث تنظيم "داعش" أكثر من مليون و744 ألف محتوى متطرف.
وأوضح أن يوم 18 أبريل 2023، الذي صادف 27 رمضان، شهد أعلى نشاط في بث المحتويات المتطرفة بأكثر من 615 ألف محتوى متطرف، وإنشاء 81 قناة متطرفة، مشيراً إلى ملاحظة الفريق كثافة نشاط تنظيم القاعدة في بث محتوياته المتطرفة وللمرة الأولى منذ فبراير 2022 حتى الآن.
وكمحصلة للنتائج بلغ عدد ما أزيل أكثر من 28 مليوناً و233 ألف محتوى متطرف، وإغلاق أكثر من 10 آلاف قناة، منذ بدء التعاون في فبراير 2022 حتى يونيو 2023.
ويهتم المركز بمحاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً، وتعزيز التعايش والتسامح بين الشعوب، وترسيخ المبادئ الإسلامية المعتدلة في العالم، إضافة إلى رصد وتحليل نشاطات التطرف، والوقاية والتوعية والشراكة ومواجهة الفكر المتطرف.
وللمركز فريق رصد يهتم بالنشاط الرقمي الدعائي المنشور باللغة العربية على منصة "تليغرام" والتابع لتنظيم "القاعدة" و"هيئة تحرير الشام"، وتنظيم "داعش".
ويجري المركز ضمن تعاونه مع "تليغرام" تقييماً لآلاف من القنوات التي يُشتبه في احتوائها على مواد دعائية للإرهاب للكشف عن أنماط إساءة الاستخدام لخدمات المنصة.
ويشارك المركز النتائج مع "تليغرام" من أجل مراجعة ما رصد مما تنشره "الجماعات الإرهابية" على المنصة، وكانت الإزالة النهائية للمواد المشار إليها تأتي بشكل تطوعي من قبل المنصة المعنية، مع الأخذ في الحسبان مراعاة الشروط والأحكام الخاصة بها.
وافتتح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، في مايو 2017، على هامش القمة لعربية والإسلامية الأمريكية التي عُقدت في الرياض، وعمل على إنشائه نحو 200 مهندس وأكثر من 2000 عامل، بحسب ما تشير شبكة "سي إن إن".
تطبيق تليغرام
"تليغرام" هو تطبيق تواصل فوري وخدمة تراسل يتيح للمستخدمين إرسال الرسائل والصور ومقاطع الفيديو والملفات الأخرى عبر الإنترنت، وتأسس في عام 2013، ويشتهر بسرعة وأمان التواصل وتشفير الرسائل، ويُعد بديلاً شهيراً لتطبيقات التراسل الأخرى.
ويتميز التطبيق بأنه يعد واحداً من أكثر التطبيقات أماناً في مجال التراسل الفوري، حيث يوفر تشفيراً قوياً للرسائل والمحادثات، ويتيح استخدام المحادثات السرية التي تحذف تلقائياً بعد مدة.
ويعد التطبيق سريعاً في إرسال الرسائل وتسليمها، وهو ما يجعله مناسباً للمحادثات الفورية والمهمة، كما يوفر سعة تخزين كبيرة للملفات والوسائط المرسلة، حيث يمكن للمستخدمين إرسال ملفات كبيرة الحجم دون قيود.
ويسمح " تليغرام" بإنشاء المجموعات والقنوات، مما يتيح للمستخدمين التواصل ضمن مجموعات كبيرة من الأشخاص، أو الاشتراك في قنوات مهتمة بالمواضيع التي يفضلونها.
وتقول الشركة التي تدير التطبيق، ومقرها الإمارات، إن لديها مئات الملايين من المستخدمين حول العالم.
أشهر التطبيقات
المختص واستشاري التسويق والإعلام الرقمي، خالد صافي، يوضح أن تطبيق "تليغرام" يعد واحداً من أشهر تطبيقات التراسل الفوري والمحادثات، ويقدم مجموعة كبيرة من الخدمات، من بينها التواصل بالرسائل النصية وتبادل الصور والمقاطع المرئية، بالإضافة لخدمة البث المباشر.
ويتميز التطبيق، وفق حديث صافي لـ"الخليج أونلاين"، عن "واتساب" بوجود القنوات التي تسمح بانضمام عدد مفتوح من الأعضاء، مع إمكانية نشر رابط القناة للجمهور وتخزين المحتوى على سيرفرات التطبيق بغض النظر عن الحجم، كما يتعامل مع الملفات الكبيرة بأنواعها المختلفة.
ويرى أن لجوء بعض المنظمات المتطرفة لاعتماده كتطبيق تراسل لظنها أنه أكثر أماناً، وأن المعلومات المنشورة عبره يتم تشفيرها بين الطرفين المرسل والمستقبل ولا يطلع عليها طرف ثالث، وهو ما نجحت الشركة في ترويجه وترسيخه كعلامة مميزة لها مقابل منافسها "واتساب"، وعززت ذلك من خلال اعتماد اسم القناة وليس رقم الهاتف؛ مما يزيد الخصوصية.
ويقول: "يعزز ما روجت له الشركة اتجاهان؛ الأول الصورة النمطية لدى المستخدم الذي يعتقد أن التشفير والأمن والحماية من الاختراق على أعلى مستوياته في روسيا، والثاني: أن التطبيق لا يتعاون ولا يتكامل مع تطبيقات أمريكية في مجال مشاركة البيانات كما هو الحال في معظم التطبيقات الأمريكية التي تتشارك فيما بينها في تبادل بيانات المستخدم دون سابق موافقته، وفي معظم الأحيان دون علمه".
ويشير إلى أن هناك "العديد من المزايا المفيدة للجهات الرامية للخصوصية والأمن والحماية، منها خدمة التدمير الذاتي للحساب، وتصفح الويب من خلال التطبيق، والاستهلاك الأقل للبيانات مقارنة بغيرها من تطبيقات التراسل مثل ماسنجر وسكايب".
اتهامات للتطبيق
دائماً كان تطبيق "تليغرام" في دائرة الاتهام من قبل الحكومات والدول بأنه يستخدم من قبل المتطرفين في ترويج أفكارهم، ونشر أخبارهم وأنشطتهم.
من أبرز هذه الاتهامات، التحذير الذي أطلقه رئيس مكتب الجنائية الاتحادية الألمانية، هولغر موينش، خلال (يناير 2022) من أن المكتب أنشأ فرقة عمل للتحقيق مع عدد من المشتبه فيهم بارتكاب جرائم اعتماداً على تطبيق "تليغرام".
وبين موينش أن هناك مخاوف من أن تطبيق المراسلة أصبح "وسيلة للتطرف"، محذّراً من أنه يستخدم لاستهداف السياسيين والعلماء والأطباء لدورهم في مواجهة جائحة كورونا.
أيضاً حاولت الحكومة الألمانية منذ سنوات، دون نجاح، إلزام تليغرام بقواعد البلاد المتعلقة بإزالة المحتوى "غير القانوني".
وخلال عام 2018 خاطب جهاز الأمن الاتحادي الروسي مطوري "تليغرام" بأنه يحتاج إلى الاطلاع على رسائل مستخدمين للقيام بمهام تشمل حماية البلد من الهجمات الإرهابية، لكن إدارة التطبيق رفضت؛ بدعوى أن الطلب ينتهك خصوصية المستخدمين.
وسبق أن أعلنت السلطات الإندونيسية، في عام 2017، منع استخدام منصة "تليغرام" التي كُشف عن استخدامها من قبل عناصر في تنظيم "داعش" للتخطيط لـ"هجمات إرهابية"، من ضمنها الهجوم الذي نُفذ في العاصمة الإندونيسية جاكرتا 2016.