الخليج اونلاين-
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وأخذها حيزاً في حياة المجتمعات، أخذت تطبيقات رئيسية مكانها في صدارة اهتمامات المستخدمين للهواتف الذكية والمواكبين لوسائل الإعلام الحديث، وتعد تطبيقات الماسنجر وأبرزها "واتساب" و"فيسبوك ماسنجر"، من أكثرها انتشاراً.
حيث تخطى عدد مستخدمي موقع فيسبوك 1.55 مليار شخص حول العالم؛ ممّا يشكّل ارتفاعاً بنسبة 14% مقارنة بالفترة الزمنية نفسها عام 2014، أما برنامج المحادثات الذي أطلقته الشركة "فيسبوك ماسنجر" فيستخدمه 700 مليون شخص شهرياً، قبل أن تشتري لاحقاً برنامج الماسنجر المنافس "واتساب" الذي يستخدمه أيضاً 900 مليون شخص شهرياً.
وبالرغم من فوائدهما، إضافة إلى البرامج الأخرى الأقل انتشاراً منهما، أدخلت تلك البرامج والتطبيقات المجتمعات، وخاصة العربية منها، عالماً آخر من العلاقات التي يبدو ظاهرها "افتراضياً" إلا أنها تتحول لأزمات اجتماعية على أرض الواقع، غيرت من حياة كثير من الأسر بمشاكلها المبنية على الشكوك من العلاقات "المشبوهة".
وقد كان للمجتمع الخليجي النصيب الكبير من تلك المشاكل؛ إذ انعكست طبيعته المحافظة على ارتفاع مثل هذه المشاكل، وأصبح أحد أسباب الطلاق أو العنف الأسري أو فسخ الخطوبة وانتهاء العلاقات العاطفية، بسبب رسالة "واتساب" أو "فيسبوك".
ويعزو اختصاصيون اجتماعيون 60% من المشكلات الأسرية إلى"التقنيات الحديثة"، وبخاصة برامج المحادثة.
- تداخل مفصلي مع المجتمع
وكانت اللجنة المنظّمة لقمة رواد التواصل الاجتماعي العرب في الإمارات، قد أصدرت تقريراً في 2015، كشف قيام المستخدمين في العالم العربي بخلق استخدامات جديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إجراء المحادثات أو البقاء على اطلاع على الأحداث الراهنة أو تبادل الأفكار والصور والمقاطع المصورة وغيرها، أو الحصول على معلومات حول مواضيع محددة، أو التواصل مع العالم عبر الإنترنت.
ومن سلسلة اختراقه كل تفاصيل حياة المستخدمين، خلُص رأي قانوني إلى أن حالات الطلاق التي تقع عن طريق إرسال رسالة عبر تطبيق "الواتساب" أو الرسائل النصية الهاتفية تكون نافذة قانونياً، لكن التي تقع عبر مواقع التواصل الاجتماعي فلا يأخذ القضاء بها.
وأوضح المحامي يوسف البحر، في مقال له نشر في صحيفة الإمارات اليوم، مؤخراً، ورداً على سؤال: "هل يقع الطلاق بين الزوجين عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي؟"، أن قانون الأحوال الشخصية الإماراتي حدّد طرق وقوع حالات الطلاق وثبوتها، وفق المادة 99، البند ثانياً، التي تنص على أنه "يقع الطلاق باللفظ أو الكتابة، وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة".
وأضاف: "وهنا نذكر أيضاً أن العلّامة ابن الحاجب قال: إذا كتب بالطلاق عازماً عليه، وقع ناجزاً، ما يدلل صراحة على الأخذ بوقوعه كتابة، وهو ما يعني أن الطلاق وقع من تاريخ إرسال الرسالة أو كتابتها"، بحسب تقديره.
إلا أنه استدرك أنه يجب الوقوف بدقة ووضوح عند موضوع مهم جداً، والمتمثل في إثبات أن صاحب الرسالة أو كاتبها هو نفسه الشخص (الزوج)، ومن ثم التأكيد للقضاء أن هذا الفعل صادر عن إرادة الزوج وقراره الشخصي، خصوصاً في حال إنكاره أو تنصله أو تراجعه.
وفي حالة وقوع الطلاق عن طريق رسالة "الواتساب" أو الرسائل النصية الهاتفية، فإن القضاء يأخذ بها، لكن بعد التواصل مع شركة الاتصالات الخاصة، وتبيان أن الرقم الهاتفي مُسجل باسم الزوج؛ ما يعني امتلاكه الشخصي له، وتحكمه بالرسائل الصادرة عنه، إضافة إلى شرط وجود شاهد إثبات يدعم موقف الزوجة، ويؤكد أن الزوج كان عازماً ولديه نية التطليق. حسبما يشير البحر.
وأضاف: "أما وسائل التواصل مثل (سناب شات) و(فيسبوك) و(تويتر) و(إنستغرام)، فلا يأخذ القضاء برسائل الطلاق فيها، إلا في حال إثبات أن الحساب عائد للزوج صاحب الصلة؛ لأنه قد يكون حساباً مُفتعلاً، ويجب أن تدعم الزوجة موقفها بشهود الإثبات، وفي حال إنكار الزوج فعليه أن يدفع للمحكمة بشهود نفي".
وقد كثرت مثل هذه الحالات في المجتمع السعودي، حيث كان مسح في سبتمبر/أيلول الماضي، قد كشف أن تطبيق التراسل الفوري الشهير "واتساب" يحظى بشعبية كبرى بين مستخدمي الهاتف الجوال في المملكة العربية السعودية بنسبة تصل إلى النصف.
- "الدردشة" تقلق الأمن
وعدا المخاطر والمشاكل الاجتماعية بدأت تظهر مشاكل أمنية؛ حيث بدأت تظهر بعض الإجراءات الاحترازية من الحكومات لمعالجة الأمن، إذ تحدثت صحيفة الرأي الكويتية الصيف الماضي، أن الحكومة الكويتية تدرس إمكانية حجب مكالمات "الواتساب"، في إجراء أمني وقائي مماثل لما اتخذته دول خليجية كالسعودية والإمارات وعدد من الدول العربية، بحسب الصحيفة.
ويشير مصدر مطلع للصحيفة إلى أن صعوبات عدة تواجه إمكانية حجب برامج المكالمات عبر الإنترنت مثل "فايبر" و"تانغو"؛ بسبب كثرة التطبيقات التي تقدم مثل هذه الخدمات بشكل مجاني، مبيناً في الوقت نفسه أن "الجهات المختصة تدرس جميع الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع لاتخاذ الإجراءات المناسبة".
وبعد المراقبات التي تجريها دول خليجية لإيقاف الاختراقات الأمنية، برز الحديث عن التهم التي تواجه "مدير جروب" المحادثات العامة فيما ينشر من تجاوزات على مجموعته، حيث ناقشت صحيفة الرياض السعودية مع محامٍ سعودي مختص في ذلك، وقد أوضح أن المسؤولية الجنائية شخصية والعقوبة شخصية؛ أي إن المسؤولية تقع على مرتكب الفعل عند قيام أحد الأعضاء بنشر محتوى مخالف في المجموعة، فهو المسؤول الأول عن هذا التصرف لأن مدير المجموعة لا يعلم مسبقاً بمحتوى الرسالة.