الوطن العمانية-
سماحة الشيخ: ما هي الطرق المثلى التي يمكن للمسلم أن يتبعها في تربية أولاده في ظل متطلبات الحياة المغرية بحيث يستطيع أن يوازن بين التزامه بالتربية الإسلامية وبين عدم حرمان الأولاد من التمتع ببعض متطلبات العصر مع التسليم بأن التربية الصالحة تفوق أي اعتبار آخر؟
لا ريب أن الله تبارك وتعالى لم يحرّم على عباده ما فيه منفعتهم وما فيه مصلحتهم، وإنما حرّم عليهم ما فيه مضرتهم، فالانتفاع بالحياة المعاصرة وغير المعاصرة لا يتصادم مع الدين بشرط ألا يكون ذلك إلا في إطار ما أباحه الله تبارك وتعالى أي في إطار الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، فإن كان في هذا الإطار فمن الذي حرّم على الناس أن ينتفعوا بمتع هذه الحياة (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، فالله تعالى أباح لعباده أن ينتفعوا بمتع هذه الحياة التي ليس فيها ما حرّم عليهم، وإنما حرّم الله سبحانه تعالى ما حرّم لأجل ما فيه من المضرة والمفسدة للعباد، والإنسان يستطيع في هذا الوقت أن يوفر لأولاده ما تدعو إليه الحاجة سواءً ما كان من ناحية التغذية أو كان من ناحية اللباس أو كان من ناحية مرافق الحياة أو كان من ناحية الترفيه عليهم بشرط أن يكون ذلك كله في حدود الفضيلة ولا يتجاوزها إلى ما عداها.
أبوان عودا أبناءهما على تقبيل يديهما ورأسيهما عند الاستيقاظ أو عند مصافحتهما، ولكن يقوم أجداد هؤلاء الأبناء بتأنيبهم بسبب هذا احتجاجاً بأن هذا ليس من الرجولة.. فما قولكم؟
ليس في ذلك أي حرج، ما كان ينبغي لأولئك الأجداد أن يفعلوا ذلك.
ما هو السن الأمثل الذي يكون فيه الطفل قادراً على استيعاب التربية العقدية؟
ذلك يختلف باختلاف مدارك الأطفال، فمن الأطفال من يكونوا مهيئين في مرحلة مبكرة على إدراك مثل هذه القضايا، ومنهم من يكونون بليدي الأذهان فتراعى هذه المدارك وتفاوتها، فمن كان ألمعياً قادراً على الاستيعاب يُغذى بالمعارف في مرحلة مبكرة، ومن كان بخلاف ذلك يراعى فيه أيضاً هذا الجانب ويعطى من الجرعات بقدر ما تحتمله مداركه.
في بعض الأحيان يخطئ الآباء في تربية أبنائهم فعندما يوبخون أبناءهم يسكبون عليهم جملاً من العبارات التوبيخية ولا يسكبون هذه العبارات على الفعل وإنما على الولد كقولهم أنت لا تنفع، أنت ليس لديك ذكاء فيصاب الولد بإحباط ويحتقر نفسه؟
هذا أسلوب فاسد، أسلوب جهلة، أسلوب الذين لا يفرقون بين التمرة والجمرة، ولا بين الفاسد والضار، فلذلك لا حيلة لهم إلا أن يأتوا بهذه الأساليب التي ليس من ورائها أي جدوى، وإنما الأسلوب الحسن أن يعنّف على تركه ما هو قادر عليه من فعل الخير، ويبين له أنه كان بإمكانه أن يفعل خيراً بدل من أن يفعل شراً، وتثار في نفسه النخوة من أجل فعل الخير، هكذا ينبغي لا أن يوبخ ويقرع بما لا يعود عليه إلا بالإحباط.
سائل يقول: لدي بنت أبعثها كل يوم إلى المدرسة وأحاول جاهداً أن تكون ملتزمة بالمبادئ والأخلاق، ولكن تعود من المدرسة محملة ببعض الأفكار من زميلاتها فيطالبنها بنوع معين من اللباس حتى يكون موضة في الفصل، ويطالبنها كذلك بأن تشتري بعض الصور التي ترمز في حقيقتها إلى أعداء الإسلام، فأمام هذا الضغط الذي يأتي من المدرسة ومن المجتمع أيضاً كيف أتصرف مع ابنتي؟
نعم، في هذه الحالة ينبغي أن يربيها من أول الأمر على البعد عن الزميلات الفاسدات، فعليه وعلى أمها أن يربياها على أن تنتقي الزميلات الصالحات اللواتي يُعِنَها على الخير حتى إن كان بالإمكان أن ينقلها من هذه المدرسة إلى المدرسة الأخرى التي تجد فيها الزميلات الصالحات فذلك أولى من أن يتركها لتكون ضحية لهذه الزمالة الفاسدة.
أبوان ربيا أولادهما على القيم الأخلاقية النبيلة ولكن عند خروج الأولاد من البيت وعند زيارة أرحامهم يتعلمون السب والشتم وما شابه ذلك فكيف تحل هذه المشكلة؟
على أي حال ينبغي أن يُعوّد الأولاد من أول الأمر على التقزز على الكلمات المستهجنة وألا يُعودا إلا على الأخلاق الفاضلة.
كثير من الآباء يستخدم وسيلة الضرب لتقويم سلوك الأبناء، فهل الضرب وسيلة ناجعة للتربية؟ وإذا لم تكن فهل هناك وسائل أخرى؟
لا يصار إلى الضرب إلا مع عدم جدوى غيره، والضرب يكون ضرب أدب، ضربا غير مؤثر ولا مبرح، أما الضرب المؤثر والمبرح فهو من الخطأ وقد يعكس آثاراً نفسية سلبية في نفسية الطفل فلا ينبغي ذلك، وعلى أي حال ينبغي أن يحس الطفل بإشفاق والديه عليه وحبهما له ورحمتهما به وأنهما يدفعانه إلى الخير دفعاً.
كيف يمكن لنا أن نزرع في نفوس أبنائنا قوة الإرادة والثقة بالنفس؟
إنما ذلك بما يرونه في الآباء أنفسهم، فمن الضرورة أن يكون الأب نفسه قبل كل شيء قوي الشخصية ليغرس هذه الشخصية في نفسية أولاده.