الوطن العمانية-
بعض الناس يحرمون النساء من الميراث ويتذرعون بكتابة عقود صورية تتضمن أنهم باعوا هذا البيت لابنهم أو نحو ذلك؟
كل من فعل شيئاً من ذلك فقد تعدى حدود الله، فإن الله سبحانه وتعالى بعدما شرع من مواريث وقسّمها بعدله بين الذين يستحقونها من ذكور وإناث قال:(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء 13 ـ 14)، فترون أن الله سبحانه وتعالى توعد هذا الوعيد الشديد لأولئك الذين يعصون الله ورسوله ويتعدون حدوده، الذين يفعلون هذه الأفعال المنكرة بحيث يريدون أن يتدخلوا في حكم قضى الله فيه بنفسه لم يكله إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب.
وحرمان الإناث من الإرث عادة جاهلية هكذا كان العرب في جاهليتهم، كانوا يحرمون المرأة من الإرث، بل كانت المرأة نفسها تورث كما يورث المتاع، فالرجل لو مات أبوه وعنده امرأة هي غير أمه يضع عليها ثوبه وتصبح أسيرة في يده فإن شاء جعلها زوجة له من بعد أبيه، وإن شاء زوّجها من شاء، وإن شاء عضلها عن الزواج حتى تفتدي منه بكل ما عندها من مال، هكذا كانوا يتصرفون في النساء، وما كانت الزوجة ترث أبدا ولا كان الأطفال يرثون ولا كانت البنات يرثن، هكذا كانوا يفعلون فلما جاء الإسلام بهذا الحكم العدل من الله سبحانه وتعالى قُسم الميراث بين الجميع بحسب ما يستحقون، أعطى الله الأنثى حقها، وأعطى الذكر حقه.
أعطى الله سبحانه وتعالى الإناث من البنات والأخوات نصف ما يُعطى الذكور مراعاة لما يتحمله الذكر، ذلك لأن الذكر ينوء بتكاليف اجتماعية تكلفه نفقات مالية، فهو من ناحية مسؤول عن إكرام الضيف وهو أيضاً مطالب بالجهاد بماله ونفسه، وهو مطالب بما يطالب به من التكاليف التي لا تُطالب بها الأنثى، ومن ضمن تلكم التكاليف النفقة على نفسه وعلى أولاده وعلى أهله، فهو يؤمر بأن ينفق على المرأة، ولا تؤمر هي بأن تنفق عليه، ويؤمر بأن ينفق على أولاده ولا تؤمر هي بأن تنفق على أولادها، وبسبب هذا كان حق الذكر ضعف حق الأنثى (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) (النساء ـ 11)، هذا من العدل الذي جاء في القرآن مراعاة لما ينوء به كل واحد من الصنفين من تكاليف تكلفه نفقات مالية.
أما الحرمان فإن الإسلام أبى أن يحرمهم (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) (النساء ـ 11)… إلى آخره، ثم إن الله سبحانه وتعالى بعد هذا كله قال:(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء 13 ـ 14).
فحسب هذا الذي يريد أن يحرم الإناث من الميراث، ويريد أن يخص الذكور بجميع الإرث ويتذرع إلى ذلك بما يتذرع به من إنشاء بيع صوري أو غير ذلك من الأمور المبتدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان حسب أولئك أن الوعيد الذي ينتظرهم هو ما دل عليه قول الله تعالى (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء ـ 14)، والله تعالى المستعان.
الفقير إذا اجتمعت عنده أموال من أعطيات الزكاة وبلغت النصاب وحال عليها الحول فهل عليها زكاة؟
نعم، لما حال عليها الحول أصبح بذلك غنياً ولا تحل له فيها هذه الحالة أن يأخذ الزكاة من أحد.
المقاول يبني المساكن ثم يبيعها بالأقساط والمبالغ التي يحصل عليها من الأقساط يداولها في نشاطه بحيث لا تبقى لديه مبالغ حرة وليست لديه مساكن جاهزة بحيث يبيع ما يجهز أولاً بأول، ولديه مساكن تحت الإنشاء وله ديون الأقساط وعليه ديون لأنه يشتري مستلزمات البناء بالأقساط، فكيف يزكي؟
إن كان عنده مال مما يباع ويشترى بلغ النصاب وكان هذا المال خالياً من الدين الحالّ ـ أي الواجب الذي حل أجله ـ فإنه عليه أن يزكيه.
أما إذا كان الذي عنده غارقاً في الديون بحيث ليست عنده ديون ففي هذه الحالة ليس عليه أن يزكيه.
وإن كان الدين يستغرق بعضه فإنه يُسقط من الزكاة بمقدار ذلك الدين ويزكي الباقي.
ومما يجب أن يراعى في هذه الأحوال أيضاً الدين الذي للإنسان، إن كان هذا الدين حالاً أجله وهو على وفيّ مَليّ فإنه عليه أن يزكيه.
هل ما يقوم به من تشييد المباني وقد أعده هو للتجارة يحسبه ضمن ماله ولو لم يعرضه أصلاً في تلك الحالة للبيع؟
ما دام هو معدوداً للبيع وعملية البيع مستمرة كلما فرغ من بناء باعه فنعم يدخل ذلك في وعاء الزكاة.
شخص لديه مال وأقرضه لآخر ولم يحدد فترة لرد هذا الدين كيف يزكي؟ هل يحسب ما أقرضه ضمن ماله أو لا؟
القرض في القول المشهور عند العلماء أنه لا يؤقّت بوقت بخلاف الدين.
القرض هو أن يأخذ شيئاً ويرد مثله، أي لا يرد ثمناً عنه، فهذا القرض لا يؤقت بوقت، بخلاف الدين فقد يكون البيع إلى أجل مسمى.
ولكن أجد دليلاً شرعياً يدل على منع توقيت وقتاً للقرض.
أما ما قيل من أن التوقيت إنما هو لمصلحة المقرض فأرى ذلك مرود بأن التوقيت ليس من مصلحة المقرض لأن التوقيت يمنع المقرض من أن يتقاضى المُقرَض حتى يصل الوقت، فليس ذلك من مصلحته حتى يقال بأنه من مصلحته وكل قرض جر نفعاً فهو ربا، ليس كذلك، هذا لا يُسلّم، فلذلك لا أجد دليلاً يمنع.
والأصل في الدين الذي لم يحضر أجله أنه يسقط من الزكاة التي تجب على الإنسان.
إذا كان له دين على غيره والدين لم يحضر أجله فإنه يسقطه من الزكاة، فكذلك القرض إن كان مؤجلاً.
أما إن كان غير مؤجل إلى أجل، أو حضر أجله فإنه يزكيه بشرط أن يكون المقترض وفياً ملياً، أي أن يكون وفياً لا يماطل، وملياً يتمكن من الوفاء بما عنده من المال.
هل هذا الحكم نفسه إذا كان المقرض هو جمعية إقراضية دفع فيها مبلغ؟
نفس الشيء.