من هنا وهناك » من هنا وهناك

سوق سوداء (منتعشة) لبيع القمل... و (الأسترالي) ينافس (الخليجي)!

في 2016/03/18

الحياة السعودية-

أن يعلن شخص ما في المواقع والأسواق الإلكترونية بيع أثاث مستعمل أو حتى «بول إبل»، أو «جلد ضب»، فقد تبدو هذه الإعلانات ومثيلاتها عادية جداً، إلا أن ما لم يكن في الحسبان أن يعلن أحدهم توافر «150 قملة للبيع»، ما أثار موجة من الضحك والاستهزاء والدهشة لكل من وصله هذا الإعلان الغريب. وحدد البائع سعر الحبة بمبلغ 15 ريالاً، إلا أنه عرض المجموعة كاملة بمبلغ 1200 ريال فقط، بحسب قوله «إنه عرض مغر».

ولم يكن هذا الإعلان الوحيد محلياً، إذ ظهرت إعلانات مماثلة في دول خليجية وعربية، حولت القمل من دلالتها المعروفة بأن وجودها يؤكد عدم نظافة الرأس الذي تسكنه إلى سلعة لا تباع إلا في السوق السوداء، وبأسعار تنافسية، إذ يعتقد بائعها ومشتريها أنها تحمل فوائد طبية خارقة، وتغني عن الأدوية التي تعج بها الصيدليات.

وجاء نشاط سوق بيع القمل بعد اعتقاد من يزرعونها ويقتنونها بأنها «علاج فعَّال لتساقط الشعر»، وبمجرد سكنى بعض القمل في الرأس، ستمتع صاحبه بشعر كثيف وقوي متفوق على المستحضرات الطبية الأخرى، وهو بحسب اعتقاد مستخدميه «سبب رئيس لمنع حدوث تجلطات الدم في الرأس، لأن القمل يقوم بعمل تدليك خاص لفروة الرأس ويمتص الدم الفاسد الذي يتغذى عليه، ما يجدد نشاط الدورة الدموية في الرأس».

وفي السابق كانت الأمهات يضعن أطفالهن الذين يعانون ضعفاً في الشعر وكثرة تساقطه، في فراش واحد مع الكبار أو الأطفال الذين تحوي رؤوسهم قملاً، لينتقلوا إلى رأس طفلها، فيعالجه القمل.

وتستدل النساء على وجود القمل في رؤوس الأطفال والكبار من طريق حك فروة الرأس بصورة مستمرة، وأيضاً من طريق التفتيش الذاتي للشعر والذي يعرف محلياً بـ«الفلاي»، والذي تتخصص فيه الجدات بصورة خاصة، وبعد انتهاء فترة المعيشة للقمل في الرأس والتي لا تتعدى 3 أسابيع، تتحول النساء إلى مرحلة الصلع بعد أن تتخلصن من شعورهن في انتظار الشعر الجديد، وهي مرحلة تحمل انعكاساً نفسياً سيئاً بالنسبة لهن، إلا أن النتائج التي تأتي بعد ذلك تنسيهن هذه المرحلة.

وفي الوقت التي تنفر سيدات من المرأة المصابة بالقمل، تلتصق أخريات بالمصابات لنقل العدوى «الحميدة» لهن. وربما تتحول الرؤوس المليئة بالقمل إلى مصدر تجارة مربحة مستقبلاً، في حال أكدت دراسات طبية هذه الاعتقادات التي تشير إلى فوائد القمل الجمة.

إلا أن هذه التكهنات لم تثبتها دراسات طبية، ولكن الاعتقاد بوجود هذه الفوائد دفع كثيراً من السيدات لمحاولة الحصول على هذه الحشرة التي ستمنحهن شعراً جذاباً وكثيفاً، وستقوي صحة الرأس بحسب الحكايات القديمة، وفي الوقت الذي تنشط فيه صيدليات لتوفير أدوية لمكافحة القمل، يقابلها نشاط غير عادي لمروجي وبائعي القمل على النساء، وبأسعار متفاوتة، ليدخل على الخط القمل الأسترالي المنافس للقمل المحلي.

وقال عطار (رفض ذكر اسمه) التقته «الحياة» في محله بسوق القيصرية في الأحساء: «لا يمكن أن أنفي أو أثبت وجود هذا النوع من التجارة، لكن في السابق أعرف عطارين كانوا يبيعون القمل بشكل سري، ليس لخوفهم من الضرر الذي يمكن أن يسببه القمل وحسب، بل منعاً للإحراج، فمعرفة الزبائن بوجود هذه الحشرة تشكل مصدراً للاستهزاء».

وأوضح أن هناك نساء كثيرات يؤمنَّ بفاعلية علاج القمل، «لأن وضعه في الرأس وطريقة حركته وقرصاته في أماكن تجمع الدم تؤكد رواياتهن التي يعتقدن بها، ووجود حالات استفادت من القمل يجعل الموضوع محل ثقة بالنسبة لهن»، مضيفاً: «يباع القمل في علب مثقوبة وبتهوية جيدة، فيجب أن يكونوا أحياء ليؤدوا مهماتهم، فهم لا يعيشون طويلاً في العلب المغلقة».

ويختلف سعر القمل باختلاف جنسه، فالطلب يزداد على الإناث أكثر من الذكور، وتباع بسعر مرتفع، لأنها - بحسب اعتقاد مروجي القمل - «تسير بهدوء ولا يشعر بتنقلاتها وقرصاتها، بعكس الذكور منها والذين يتمتعون بنشاط أكبر وحركة محسوسة، ويتشبثون بفروة الرأس بطريقة مزعجة يصعب احتمالها، لذا فإن سعر القمل الأنثى أعلى». ويفرق باعة القمل بين الإناث والذكور بحجم رأسها، فالذكر برأس وعيون أكبر من الإناث.