لم تمنع درجة الحرارة التي تلامس الخمسين في بعض الأحيان، من وجود تلال ثلجية يتسلقها الأطفال صعوداً ويتزلجونها هبوطاً، فيما تقذفهم أمهاتهم بكرات بيضاء، وكأنهم ليسوا في قلب العاصمة السعودية الرياض، حيث الحر والجفاف عنوانان رئيسيان للبلاد، ناهيك عن محظورات على المرأة يبدو أنها آخذة في التكسر تحت ضربات رؤية المملكة 2030، ولو بشكل بطيء.
ففي مركز للتسوق جنوب الرياض تقف نسوة متشحات بثيابهن السوداء التلقيدية ليقذفن أطفالهن بكرات الثلج بينما الأطفال يتسلقون التلال البيضاء وينزلقون من فوقها على زلاجات جليدية في أنابيب قابلة للنفخ، صارخين من شدة المتعة، وربما من عدم قدرتهم على استيعاب أن ذلك يحدث في بلادهم وليس في القطب الشمالي.
وكانت شركة العثيم للسياحة والترفيه، قد أعلنت منتصف يوليو/تموز الجاري، اكتمال كافة الاستعدادات لإطلاق أول وأكبر مدينة ثلجية (Snow City) بمدينة الرياض، وتحديداً في مجمع (مول) الربوة.
- أجواء أوروبية
ووفقاً للشركة فإن المدينة الثلجية ستضم أحدث المواصفات العالمية، وأفضل معايير السلامة والأمان لتوفير بيئة ثلجية واقعية وآمنة، تجعل الزوار يعيشون تجربة الثلج لأول مرة في المملكة، وستمكنهم من قضاء أجمل الأوقات بأجواء أوروبية ممتعة وباردة طوال العام، بأقل من 3 درجات مئوية تحت الصفر، وفق صحيفة "الرياض".
فهد بن عبدالله العثيم، الرئيس التنفيذي للشركة، قال إن إطلاق هذا المشروع السياحي الكبير، "يأتي مواكباً لرؤية المملكة 2030، وتوجهات الحكومة الرامية لتعزيز السياحة الداخلية وتطويرها، وتحويلها إلى صناعة ذات جذب ومنافع اقتصادية واجتماعية"، مؤكداً أهمية هذا المشروع الحديث والمبتكر لتنويع الخدمات والأنشطة الترفيهية الجاذبة في العاصمة الرياض.
وأقيمت المدينة على مساحة 5000 متر مربع بتكلفة إجمالية تقدر بـ100 مليون ريـال، وبطاقة استيعابية كبرى تصل إلى 350 شخصاً في الساعة، لتكون أول وأكبر مدينة ثلجية متكاملة في المملكة، بحسب العثيم.
وتمتاز المدينة الثلجية بتعدد الأنشطة الترفيهية والمتنوعة التي تصل إلى 12 نشاطاً مثل زلاجات الثلج، ومسارات السلالم والحبال، وسيارات الجليد، والمنحدرات بأطوال مختلفة تتيح للمتزلجين الاختيار وفقاً لرغباتهم وقدراتهم، فضلاً عن العديد من الألعاب المثيرة والممتعة.
وتعد المدينة الثلجية نقلة نوعية وقفزة كبرى في عالم الترفيه والسياحة في المملكة، وتتميز بابتكارات رائعة، وتصاميم أنيقة لأكواخ الثلج بإطلالتها الساحرة وألوانها الزاهية، وبها كذلك أماكن للمناسبات والحفلات، وساحة تضم سلسلة من أفخم المطاعم الشهيرة لتلبية كل الأذواق.
وفي بلد لا يزال علماؤه مختلفين على حرمة قيادة المرأة للسيارة، وتبقي قواعده العامة على العزل بين الجنسين في معظم الأماكن العامة، يصبح لهو المرأة بالثلج مع أبنائها، في مكان يختلط فيه الجنسان، كمدينة الثلج، محض خيال تجسد، ويضحي فرصة نادرة للسعوديين من جميع المشارب للترويح عن أنفسهم، كما أنها تعكس تغيراً جذرياً في نظرة المجتمع وتعاطيه مع مفردات التطور.
كذلك فإن عروض الترفيه والأنشطة البدنية محدودة للغاية، في البلد المحافظ، لا سيما خلال شهور الصيف شديدة الحرارة، وهو ما دفع الإصلاحيين بقيادة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى محاولة تغييره، في إطار برنامج واسع النطاق لتحويل الاقتصاد والمجتمع السعوديين.
- أسلوب صحي
رؤية المملكة 2030، التي أعلنت في أبريل/ نيسان من هذا العام، تعهدت بإنشاء مقار ثقافية جديدة، والدخول في شراكات ترفيهية، وإيجاد مصادر جذب سياحي، وبناء أندية رياضية؛ أملاً في تنشيط القطاع الخاص، والإيعاز للسعوديين باتباع أسلوب صحي أكثر. وهي كذلك تستهدف أن تستوعب الثقافة والترفيه 6% من إنفاق الأسر السعودية بحلول 2030 ارتفاعاً من 2.9% حالياً.
وتوجد مدنُ ملاهٍ تستوحي أفكاراً معينة، لكن خلافاً لمدينة الثلج يخضع معظمها لتحديد أوقات معينة لكل جنس؛ لمنع اختلاط الرجال والنساء غير المرتبطين. ويتدفق كثير من السعوديين على دول الخليج المجاورة حيث الملاهي المائية، وصالات التزلج متاحة منذ سنوات. غير أن هذا النوع الجديد من الملاهي بدأ يجتذب نحو 1500 سعودي يومياً، بحسب القائمين عليه.
وتفتح المدينة أبوابها أمام الزوار من الساعة الرابعة عصراً حتى منتصف الليل من كل يوم، وتراوح أسعار الدخول بين 40 و1200 ريال، (الدولار يساوي أكثر من 3.5 ريال).
الخليج أونلاين-