البيان الاماراتية-
أية حرب هي في الوقت ذاته عادلة لطرف مدافع وغير عادلة لطرف معتد، وفي كلا النوعين ثمّة ضحايا ودماء وخسائر. لكن حتى في الحروب العادلة، ليس القتل هدفاً ولا مصدراً للمتعة واستحضار النشوة. لذلك يشعر المقاتل دفاعاً عن نفسه بالحزن على من يُقتلون في أي جانب.
لكن يبدو أن حزب الله لا يرى الأمور على هذا النحو وهو يحوّل قتاله في سوريا إلى لعبة يضعها بين أيدي الأطفال وهنا مكمن الخطورة، إذ إن من شأن هذه اللعبة أن تحقن الأطفال باكراً بالكراهية واعتياد مشهد الدم، وتسلب منهم براءتهم وطفولتهم التي ينبغي أن تكون مجرّدة عن أهواء السياسيين وغايات الحزبيين، لأنها أكبر منهم وليست ملعبهم.
حزب الله أطلق لعبة إلكترونية ثلاثية الأبعاد تحاكي قتال عناصره في سوريا، وتجسّد مجموعة من المعارك التي شارك فيها الحزب في دمشق، وحتى معارك الحدود اللبنانية السورية في رأس بعلبك. ويحدد الحزب ثلاثة أهداف للعبة الموت هذه، أوّلها محاكاة معاركه مع خصومه، والثاني «تحفيز الجمهور المستهدف»، والثالث توثيق ما يعتقد الحزب الإرهابي أنه الانتصار في المنطقة.
محاكاة المرفوض
وإذا كانت منظمات إنسانية عديدة أثارت منذ زمن وعلى نحو انتقادي مسألة الألعاب الإلكترونية وتأثيرها السلبي على الأطفال من حيث توجيههم نحو العدوانية، فإن الحزب يستشهد بالألعاب الأميركية، وبدلاً من رفضها يحذو حذوها. تقول مواقع إخبارية مقرّبة من الحزب إن لعبة الموت منافسة للألعاب المنتشرة في سياق الحرب الناعمة.
وتتلخص مراحل اللعبة في مرحلة زيارة مقام السيدة زينب وفيها التعبئة الروحية والدخول في سيناريو المعارك، تليها، أولى المعارك وهي الدفاع عن المقام وصدّ الهجوم إنطلاقاً من باحة ركن الآليات. بعدها، معارك الحَجّيرة وهي على مرحلتين، الأولى تدمير مدافع الهاون التي ترمي المقام بالقذائف والثانية السيطرة على مركز القيادة. تليها معركة القصير، وهي على مرحلتين أيضاً، الأولى تحرير رهائن والثانية استكمال السيطرة على المنطقة.
ويبدو أنه من أجل كسب تعاطف اللبنانيين، فإن المعركة الأهم والأبرز كما يعتقد الحزب هي معركة القضاء على الهنداوي«أي على عبد السّلام عبد الرّزّاق الهنداوي وهو ملقّب بـ»أبي عبدو«المعروف بمشاركته في نقل انتحاريين وتجهيز السيارات المفخخة وإرسالها إلى لبنان.
أما آخر المعارك وهي معركة رأس بعلبك، فيزعم الحزب، المصنّف على قوائم الإرهاب في العديد من الدول، إنها تجسّد الدفاع عن الأراضي اللبنانية في وجه هجوم من جهة الأراضي السورية.
الخطورة في هذا النهج لا تكمن في التفاصيل فحسب، إنما في المبدأ أساساً، إذ إن الحروب وكل ما يتبعها ويترتب عليها، إن كانت ظالمة فكل ما يرتبط بها ظالم، وإن كانت عادلة، فهي خيار اضطراري مثل»أبغض الحلال"، وفي كل الأحوال من غير الإنساني أن تتحوّل إلى لعبة.