الخليج اونلاين-
استبشر العرب من المحيط إلى الخليج بتقدم المملكة المغربية رسمياً بملف الترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، نسخة عام 2026، إلى الاتحاد الدولي للعبة، بمقره في مدينة زيوريخ السويسرية، وسط آمال عربية بالمنافسة بقوة على احتضان المونديال، للنسخة الثانية بعد قطر.
ويتطلع المغرب هذه المرة لنيل شرف استضافة النهائيات العالمية، بعد 4 محاولات سابقة لم تُكلل بالنجاح، أعوام 1994 و1998 و2006 و2010، خاصة أن الملف الجديد تجاوز النقائص التي رافقت الملفات السابقة، وفقاً لمسؤولين بارزين في الرباط.
ويمتلك المغرب 8 ملاعب من "الجيل الحديث" و"المستوى العالي" المؤهّل لاستضافة المباريات والبطولات الدولية، كما أن لديه خبرة في تنظيم المسابقات العالمية؛ إذ احتضن كأس العالم للأندية، عامي 2013 و2014.
ويُمني المغرب النفس بأن يكون البلد العربي الثاني الذي يحظى بتنظيم "العرس الكروي العالمي"؛ بعدما باتت قطر أول دولة "خليجية" و"عربية" و"شرق أوسطية" تظفر بحق تنظيم نهائيات كأس العالم، وهنا يدور الحديث حول مونديال 2022.
لكن تحقيق الأمر ليس بالسهل؛ إذ تواجه الرباط منافسة شرسة من قِبل ملف مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، في حين سيصوت أعضاء الفيفا في 13 يونيو المقبل بالعاصمة الروسية موسكو على البلد الذي سيحظى بشرف التنظيم، وذلك على هامش افتتاح مونديال 2018.
وستشهد نسخة 2026 لأول مرة مشاركة 48 منتخباً دفعة واحدة؛ بعد قرار "الفيفا" زيادة العدد الذي كان يقتصر سابقاً على 32 منتخباً، حيث سيستمر العمل بالنظام القديم حتى مونديال قطر.
-الرياض تُدير ظهرها
وفي الوقت الذي تُبدي فيه القارة الأفريقية دعمها المطلق لملف المغرب 2026، يظهر رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، تركي آل الشيخ، ويلوّح ضمناً بعدم التصويت للبلد العربي، ما أصاب الجماهير العربية بـ"صدمة شديدة".
وكان "آل الشيخ" قد أثار جدلاً في حوار أجراه الشهر الحالي مع صحيفة "الرياضية" السعودية، أكد من خلاله أن بلاده سوف تصوّت في السباق الدائر حول استضافة مونديال 2026 "وفقاً لمصالحها"، مشيراً إلى أن "الأخوة والصداقة ضيّعتانا".
ولم تمر سوى أيام قليلة حتى كتب عبر حسابه بموقع التغريدات القصيرة "تويتر"، قائلاً: "لم يطلب أحد أن ندعمه في ملف 2026. وفي حال طُلب منا سنبحث عن مصلحة المملكة العربية السعودية أولاً"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "اللون الرمادي لم يعد مقبولاً لدينا".
وكان "آل الشيخ" الذي أثار أزمات دبلوماسية سابقة بالهجوم على البحرين والكويت؛ قد "أساء" إلى المغرب، ووصفه بأنه "قِبلة للباحثين عن السياحة الجنسية".
واعتبر نشطاء على مواقع التواصل آنذاك أن تصريحات آل الشيخ فيها إساءة كبيرة إلى المملكة المغربية، من خلال استهزائه بها من جهة، واعتبارها "قِبلة للباحثين عن السياحة غير الأخلاقية من جهة ثانية"، بحسب تلميحه في مقابلة تلفازية مع "روتانا خليجية"، في يناير المنصرم.
-الرياض منزعجة من الرباط
ووفقاً لمراقبين يبدو أن "آل الشيخ"، الذي يعمل أيضاً مستشاراً في الديوان الملكي السعودي، "مُنزعج" من موقف المغرب الحيادي من الأزمة الخليجية، التي اندلعت في 5 يونيو 2017، وما تبعها من فرض حصار خانق على قطر من قِبل السعودية والإمارات والبحرين.
وثبت ذلك في تغريدة أخرى لـ"آل الشيخ"؛ إذ قال فيها: "هناك من أخطأ البوصلة، إذا أردت الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت، دع "الدويلة" تنفعك...! رسالة من الخليج إلى المحيط".
وتريد الرياض، منذ وصل الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد في بلاده، صيف العام الفائت، فرض إرادتها على مختلف الدول العربية، ضاربة عرض الحائط بمصالح الدول الأخرى، وذلك من خلال "المساعدات المالية" أو عبر التهديد والوعيد الذي تُمارسه عبر "أذرعها الإعلامية" المختلفة، وفقاً لمراقبين للشأن العربي.
-تقارب أمريكي-سعودي
ومنذ وصول دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، بدا لافتاً العلاقة المصلحية بين واشنطن من جهة والرياض ممثلة بولي العهد الجديد محمد بن سلمان، وأبوظبي من جهة أخرى ممثلة بولي عهدها محمد بن زايد، ما أثار تساؤلات عدة حول مساندة البيت الأبيض المعلنة للرجلين بعيداً عن بقية المؤسسات الأمريكية؛ كوزارتي الخارجية والدفاع، اللتين اتخذتا موقفاً غير منحاز تجاه أزمات المنطقة وخصوصاً حصار قطر.
ويرى مراقبون أن العلاقة بين الرياض وواشنطن قد تدفع السعودية، التي تترأس الاتحاد العربي لكرة القدم والاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي، إلى الضغط على دول عربية وإسلامية للتصويت لملف أمريكا لاستضافة النهائيات العالمية، وإدارة ظهرها للملف العربي المتمثل بالمغرب.
ووفقاً لمصادر لـ"الخليج أونلاين"، فإن الرياض تستخدم نفوذها وأموالها لـ"إغراء" الدول العربية؛ بهدف فرض توجهاتها ورؤيتها على مختلف الصُعد؛ السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها.
وبرز ذلك جلياً من خلال تكفل السعودية بالتسويق لـ"صفقة القرن"، التي يتأهب ترامب للكشف عنها من أجل حل الصراع الدائر بين العرب و"إسرائيل"، حتى بعد قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بـ"القدس" المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل"، واعتزامه نقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إلى المدينة المقدسة، منتصف مايو المقبل.
كما ظهر من خلال إقناع دول حصار قطر "بعض" الدول العربية والإسلامية والأفريقية، إبان اندلاع الأزمة الخليجية، بضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.
-غضب بـ"تويتر"
وكالعادة أشعلت تغريدة "آل الشيخ" غضب قطاع واسع من رواد منصات التواصل؛ إذ طالب هؤلاء المسؤول السعودي بأن يكون أكثر شجاعة وجرأة، ويصرح علناً أن مصلحة بلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما ناشد آخرون السلطات المغربية الانحياز إلى قطر في ظل ما تتعرض له من ظلم وحصار جائرين من قبل جيرانها.
"الخليج أونلاين" رصد تفاعل رواد موقع التغريدات القصيرة "تويتر" حول تلميح "آل الشيخ" بعدم التصويت لملف المغرب، في السباق الدائر من أجل الظفر بشرف استضافة نسخة 2026 من نهائيات كأس العالم.
-دعم قطري للرباط
في الجهة المقابلة رفضت الرباط الانسياق وراء السعودية والإمارات منذ اندلاع الأزمة الخليجية، كما زار العاهل المغربي الملك محمد السادس العاصمة القطرية الدوحة في نوفمبر الماضي، والتقى الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وفي مارس 2018، وقعت قطر والمغرب 11 اتفاقاً ومذكرة تفاهم، وذلك خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة للبلدين في الرباط، برئاسة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، والشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري، وحضرها عددٌ من وزراء حكومتي البلدين.
ورياضياً، أكد الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية (اللجنة المنظمة لمونديال قطر)، حسن الذوادي، أن بلاده تدعم ملف المغرب بشكل كامل لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026.
وقال الذوادي، في مؤتمر صحفي عقد في نوفمبر 2017 وضم وسائل الإعلام العالمية، على هامش جولة تقوم بها في منشآت مونديال قطر، إن قطر تدعم ملف المغرب لاستضافة مونديال 2026، متمنياً التوفيق للرباط في نيل شرف تنظيم النهائيات العالمية.
-دعم أفريقي
ويحظى المغرب بدعم كبير من رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، الملغاشي أحمد أحمد، على الرغم من قيام الفيفا بتحذير أعضائه الـ211 من أي "محاولات تأثير" في مسألة التصويت، الذي ستشارك فيه للمرة الأولى جميع الاتحادات في الاتحاد الدولي للعبة، بدلاً من لجنته التنفيذية فقط.
وشدد "أحمد"، على هامش الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي مطلع فبراير المنصرم، على أنه يقف بقوة خلف ملف المغرب لتنظيم مونديال 2026 ولن يكون محايداً في هذا الإطار على الإطلاق؛ لكون الرباط تُمثل القارة السمراء.
وحظي ملف المغرب 2026 بتأييد الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جوزيف بلاتر، الذي قال عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي الشهير "تويتر": إن "المغرب سيكون البلد المضيف لكأس العالم 2026 من الناحية المنطقية. لقد حان الوقت للعودة لأفريقيا"، مرجعاً سبب تأييده للرباط إلى أن ملفات الترشح المشترك يتم رفضها من قبل الفيفا منذ عام 2002.