الخليج أونلاين-
شهدت المباراة النهائية لكأس الأمم الآسيوية لكرة القدم، التي شهدت تتويج منتخب قطر بطلاً للمرة الأولى في تاريخه، غياب كبار المسؤولين الإماراتيين عن هكذا محفل قاري كبير، في خطوة غريبة أسالت الكثير من الحبر حول سبب عدم الحضور رغم أنه عُرفٌ في البطولات والمناسبات الرياضية الكبرى.
واقتصر الحضور الإماراتي على المسؤولين الرياضيين فحسب، وهنا يدور الحديث حول رئيس الهيئة العامة للرياضة محمد خلفان الرميثي ورئيس اتحاد الكرة مروان بن غليطة، في حين بدا لافتاً عدم وجود أي مسؤول سياسي رفيع المستوى.
وجرت العادة أن يحضر رؤساء الدول أو رؤساء الحكومات نهائي البطولة التي تقام على أراضيهم ووسط جماهيرهم الغفيرة، كأحد الأعراف والتقاليد المتبعة في المناسبات الرياضية الكبرى.
وفي دلالة على ذلك، حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهائي كأس العالم، الذي احتضنته بلاده صيف العام الفائت، وشهد تتويج الفرنسيين باللقب على حساب الكروات.
ورطة حقيقية
يبدو أن تأهل "العنابي" القطري إلى المباراة النهائية للبطولة الأبرز على مستوى المنتخبات في القارة الآسيوية، قد قلص الخيارات أمام المسؤولين الإماراتيين، وجعلهم في ورطة حقيقية، بحسب مراقبين.
وفي هذه الحالة، كان يتوجب على رئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان حضور النهائي الآسيوي، إلى جانب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو ونظيره الآسيوي سلمان بن إبراهيم آل خليفة.
ونظراً لاعتلال صحة الرئيس الإماراتي وغيابه عن المشهد لفترات طويلة، فإن نائبه محمد بن راشد، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس الوزراء، كان يتعين عليه الحضور في هكذا مناسبة رفيعة كما جرت عليه العادة، ولكن ذلك لم يحدث أيضاً.
وانسحب الأمر على محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، الذي يُنظر إليه بأنه "الحاكم الفعلي" في الإمارات، حيث لم يكن موجوداً في المباراة النهائية، رغم حضوره مباراة منتخب بلاده أمام قيرغيزستان في دور الـ16.
قطر تحاصرهم
يقول مراقبون إن منتخب قطر وتألقه الكبير في الكأس الآسيوية "أجبر القيادة السياسية في الإمارات على الاختفاء في قلب عاصمتهم"، خلافاً لما حدث في 5 يونيو 2017 حين تصدرت سلطات أبوظبي الواجهة، إلى جانب السعودية والبحرين ومصر، لإعلان الحصار على الدوحة، وما ترتب على ذلك من خطوات وإجراءات غير مسبوقة بحق قطر.
كما أن كبار المسؤولين الإماراتيين لم يفيقوا بعد من "الفضيحة المدوية التي لطخت سمعة البلاد في جميع أرجاء العالم"؛ بسبب ما قامت به جماهيرهم خلال مباراة "الأبيض" و"العنابي" في نصف النهائي التي جرت على استاد "محمد بن زايد"، وانتهت لمصلحة الأخير (0-4).
وقذفت جماهير الإمارات لاعبي قطر بالأحذية وقوارير المياه عقب كل هدف من الأهداف الأربعة التي سكنت الشباك، في مشهد بعيد تماماً عن مبادئ الفيفا والأعراف الأولمبية بضرورة التحلي بالروح الرياضية واللعب النظيف، كما أنه أثار استياء جماهير الكرة في جميع أرجاء المعمورة.
-فرحة عربية لتتويج قطر
وعقب فوز قطر في النهائي وتتويجها باللقب الآسيوي، عمت الشوارع العربية من المحيط إلى الخليج فرحة هستيرية بالإنجاز غير المسبوق للكرة القطرية.
ويفسر مراقبون سر الفرحة العربية الهائلة بالتتويج الآسيوي بأن الدوحة وقفت إلى جانب الشعوب العربية، وساندت مطالبها بالحرية والديمقراطية، وقدّمت لها منحاً مالية ومساعدات تنموية لإغاثة المظلومين في كل مكان؛ عبر قوّتها الناعمة من مؤسسات وجمعيات أهلية وحكومية.
ولا تألو الدوحة جهداً في احتضان المواهب في مختلف المجالات، والعمل على تطويرها وتنميتها في مرافقها ومنشآتها التي تصنَّف من ضمن الأفضل عالمياً، فضلاً عن تقديمها منحاً دراسية للطلاب لإكمال تحصيلهم العلمي.
ومنتصف يناير 2019، أطلقت قطر حملة " أغيثوا عرسال"، الهادفة لإغاثة اللاجئين السوريين شمالي لبنان، بعد تضرّر الآلاف منهم من جراء موجة البرد التي ضربت مخيّماتهم، وامتدت التبرّعات لتشمل مخيمات 4 دول، حيث تبرّع أمير قطر بمبلغ 50 مليون دولار.
وسياسياً ترفض الدوحة خطوات التطبيع المتسارعة من قبل بعض دول الخليج مع الدولة العبرية، وسط تقارير غربية تتحدث عن دور وليي عهد السعودية وأبوظبي في التسويق لـ"صفقة القرن"، التي تستعدّ إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لطرحها خلال الأشهر القليلة القادمة لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
في الجهة المقابلة، يقول محللون إن الإمارات دعمت الأنظمة الديكتاتورية القمعية، وعملت بكل ما أوتيت من قوة لوأد ثورات الربيع العربي، علاوة على تسليحها المليشيات لقمع المطالبين بالتخلّص من الأنظمة الشمولية في المنطقة العربية، كما حدث في مصر وسوريا واليمن وليبيا.
وتُتهم الإمارات بإنشاء سجون سرية لقمع المعارضين، كما تصرف ملايين الدولارات على شراء برامج للتجسس على المطالبين بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، إضافة إلى السيطرة على مقدّرات العرب؛ كاستحوذاها على إقليم قناة السويس وموانئ اليمن، وتركها بلا تنمية، لأجل مصالحها الضيقة.
وتتزعّم سلطات أبوظبي قائمة المهرولين للتطبيع مع "إسرائيل"، والوقوف ضد الحقوق التاريخية للفلسطينيين، كما يتّهمها نشطاء بأنها متورّطة في عملية تسريب عقارات بالقدس المحتلة لمستوطنين إسرائيليين.