الخليج أونلاين-
تتكشف الحقائق يوماً بعد يوم حول دور الإمارات الكبير لتشويه مونديال 2022، الذي ظفرت قطر بحق تنظيمه على أراضيها كأول دولة خليجية وعربية وإسلامية تحظى بشرف استضافة النهائيات العالمية على الإطلاق.
ومنذ اللحظة الأولى لفرض الحصار الخانق على قطر، في 5 يونيو 2017، في حملة قادتها الإمارات إلى جانب السعودية والبحرين ومصر، توقع مراقبون أن يكون مونديال 2022 مستهدفاً من هجوم الرباعي العربي، وهو ما أثبتته الأيام والأشهر التالية بوقائع ووثائق لا يُمكن التشكيك بها.
ما الجديد؟
وفي 20 ديسمبر 2019، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الإمارات مولت بسخاء حملات في لندن لانتزاع استضافة كأس العالم 2022 من قطر.
وقالت الصحيفة إن الحملات الإماراتية حاولت المبالغة في تصوير القلق على حقوق العمال في قطر، في إشارة إلى العمال الذين يقومون بتشييد الملاعب والمنشآت المونديالية.
وأضافت الصحيفة أن الحملات الإماراتية تضمنت اتهامات للمسؤولين القطريين بدفع رشى لنيل استضافة كأس العالم، الذي سيقام لأول مرة في فصل الشتاء.
تسريبات العتيبة
وكان موقع "إنترسبت" الاستخباري الأمريكي قد كشف، في نوفمبر 2017، عن وثائق "جديدة وخطيرة" حول سعي الإمارات لسحب تنظيم كأس العالم من قطر، مستنداً إلى وثائق حصل عليها من البريد الإلكتروني لسفير أبوظبي في واشنطن، يوسف العتيبة.
وأظهرت تلك الوثائق "مزيداً من الأدلة على سعي أبوظبي لسحب تنظيم كأس العالم من قطر، باستخدام ملايين الدولارات، وفتح عدة جبهات (لم يذكرها) ضد ملف قطر"، حيث كان الهدف إجبار الدوحة على التخلي عن استضافة مونديال 2022.
ويشير الموقع إلى أن الحصار الذي فرض على قطر كان جزءاً رئيساً من الخطة من أجل عرقلة المشاريع المونديالية الجارية على قدم وساق، ومن ثم استخدام حملة علاقات واسعة حتى داخل الفيفا، وتأكيد أن قطر لن تكون قادرة على استضافة هذا الحدث العالمي.
تغريدة ضاحي خلفان
وكان نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان، قد قال في أكتوبر 2017، إن حل الأزمة الخليجية التي اندلعت في 5 يونيو من العام ذاته يكمن في سحب مونديال 2022 من قطر.
وكتب "خلفان" في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي الشهير "تويتر": "إذا ذهب المونديال عن قطر سترحل أزمة قطر.. لأن الأزمة مفتعلة من أجل الفكة (التخلص) منه".
اذا ذهب المونديال عن قطر سترحل أزمة قطر...لأن الأزمة مفتعلة من أجل الفكة منه..التكلفة عودة أكبر مما خطط تنظيم الحمدين له.
— ضاحي خلفان تميم (@Dhahi_Khalfan) October 8, 2017
كما لا يُمكن تجاهل ما قام به "الذباب الإلكتروني" عقب تصدر قطر وأميرها المشهد الختامي لمونديال روسيا؛ إذ شرع في حملة تشويه على نطاق واسع للدوحة، للتغطية على اللحظة الفارقة التي أدخلت البهجة على قلب كل عربي من المحيط إلى الخليج.
وأثبتت شواهد كثيرة، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الرياض وأبوظبي تسعيان بكل ما أوتيتا من قوة لإجهاض الحلم العربي، الذي بات أقرب من أي وقت مضى، رغم كلمة أمير قطر خلال حفل التسلم، على أن نسخة 2022 هي لكل العرب، مرحباً باسمهم بكل العالم.
بدورها دانت منظمة مراقبة أخلاقيات ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا ووتش)، خلال مؤتمر في مدينة زيوريخ السويسرية (13 سبتمبر 2018)، الإمارات والسعودية؛ لتنظيمهما حملات شرسة ضد استضافة قطر لـ"العرس الكروي الكبير".
وخلص المتحدثون في المؤتمر إلى أن الإمارات والسعودية تقودان الجهود الرامية إلى تجريد قطر من حقها في استضافة النسخة المونديالية المقبلة، كما دانوا إطلاق حملات تحريض ضد الدوحة منذ فوزها بشرف التنظيم، ورفع وتيرة تلك الحملات بعد تسلم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسمياً راية الاستضافة من روسيا صيف هذا العام.
كل ذلك يضاف إلى ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية بوجود "تمويل سعودي إماراتي لمؤتمر عقد في مايو 2018 في لندن، يهدف إلى التشكيك في منح تنظيم كأس العالم 2022 لقطر".
ولفتت إلى أن الحدث حظي بتغطية إعلامية كبيرة في بريطانيا، ومن وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي مقربة من السعودية والإمارات، موضحة أن جل تركيز المؤسسة منصب على موضوع استضافة الدوحة لمونديال 2022.
هاجمته بشدة وتطمع بتنظيمه حالياً
وبعد سلسلة طويلة من التحريض والهجوم والتشكيك وتلفيق الأكاذيب والمزاعم، خرج رئيس الهيئة العامة للرياضة الإماراتية، اللواء محمد خلفان الرميثي، في مارس الماضي، بتصريحات "هي الأولى من نوعها"؛ حيث ربط حل الأزمة الخليجية، التي ضربت المنطقة منذ الخامس من يونيو 2017، بمشاركة بلاده في استضافة بعض مباريات النسخة المونديالية المقبلة.
وبدا هذا أول تصريح علني يكشف السبب الرئيسي للأزمة الخليجية، التي أتمت عامين ونصف العام، وقالت وقتها دول الحصار إنها اندلعت بسبب دعم قطر للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة جملة وتفصيلاً، مؤكدة في الوقت ذاته أن الهدف يكمن في الهيمنة على قرارها الوطني والمستقل والتنازل عن سيادتها.
وقال المسؤول الإماراتي البارز الرميثي، في تصريحات نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 بالمشاركة مع قطر "يُمكن أن يكون العلاج للأزمة القائمة في الخليج".
وطالب الرميثي، في رسالة موجّهة للقطريين، بضرورة تنحية الأزمة الدبلوماسية جانباً والتركيز على كرة القدم، بحسب ما نقلت الصحيفة البريطانية.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، إلى توسيع عدد منتخبات المونديال إلى 48 فريقاً، فإن "توجّه قطر إلى جيرانها من أجل مزيد من الملاعب يمكن أن يمثّل علاجاً للأزمة الخليجية"، على حد قوله.
تصريحات "الرميثي" الجديدة تأتي في سياق سلسلة التنازلات الأخيرة التي بدأت تقدّمها أبوظبي؛ طمعاً في مقاسمة قطر تنظيم مونديال 2022، بعد أن استهدفته بشكل مباشر، وشنّت حرباً إعلامية شرسة ضده من أجل تحريض الأسرة الكروية الدولية على سحب تنظيمه من الدوحة.
وكانت دول حصار قطر قد وضعت 13 شرطاً من أجل حل الأزمة الخليجية وإنهاء الحصار، في ذروة الخلاف الخليجي-الخليجي، قبل أن تتراجع خطوة وراء خطوة، ثم تربط حل الأزمة الدبوماسية بالمشاركة في تنظيم مونديال 2022، وهو ما أثبت صحة موقف الدوحة و"هشاشة" ادعاءات أبوظبي والرياض.
ولم يُشر بيان دول حصار قطر -آنذاك- إلى مونديال 2022، المقرر إقامته بعد 3 سنوات من الآن، إلا أن تصريحات الرميثي كشفت الوجه الآخر للأزمة، وأظهرت انزعاج دول الحصار من احتضان الدوحة "أكبر محفل كروي عالمي على الإطلاق"، وبدأت تطمع حالياً باقتسام تنظيمه مع الدوحة.
وكان الرميثي قد قال في قمّة القيادات الرياضية العالمية، التي أُقيمت في أبوظبي أواخر يناير 2019: "أشعر بالسعادة لوجود كأس العالم في المنطقة، ندعم البطولة ولسنا مع نقلها من قطر، وخاصة أن إقامة البطولة في آسيا سيمنح القارة عدداً أكبر من المقاعد، لدينا العديد من الفرق التي تستحق المشاركة في كأس العالم".
وكانت قطر قد تجاوزت سلسلة عقبات وضعتها دول الحصار وأذرعها الإعلامية وروجتها على نطاق واسع على أنها حقائق ودلائل، وهي "أكاذيب" بحسب مراقبين؛ كان أبرزها ملف "درجات الحرارة" و"حقوق العمال"، وما أفرزته الأزمة الخليجية من انقسام واضح في البيت الخليجي، الذي كان يُنظر إليه دائماً على أنه "على قلب رجل واحد".
كما ينمو المشروع الرياضي للدوحة بعد تأكد استضافة قطر لمونديال 2022، ونجاح منتخباتها الرياضية في ترك بصمة رياضية واضحة في مختلف الألعاب، وخاصة الألعاب الجماعية، إضافة إلى "أم الألعاب"، التي ستقام بطولتها العالمية في الدوحة خلال هذا العام.
وفي 5 فبراير المنقضي، كشفت قطر والفيفا عن شراكة لتولي مهام تنظيم بطولة كأس العالم المقبلة، في خطوة تستهدف تشكيل كيان واحد يهدف لتسهيل آلية تشغيل واستضافة مونديال 2022.
مونديال الحُلم
ووفقاً لخبراء ومحللين فإن مونديال 2022 سيكون فريداً من نوعه؛ لأنه سيتيح للجماهير حضور أكثر من مباراة في يوم واحد، وهو ما لم يتوفر على الإطلاق في أي نسخة مونديالية سابقة؛ بسبب بعد الملاعب والمدن التي تستضيفها اللقاءات.
وتبلغ أقصى مسافة بين ملاعب مونديال قطر 50 كيلومتراً، كما أن أقصى مدة زمنية يقطعها مترو الدوحة بين هذه المنشآت المونديالية لا تتجاوز 60 دقيقة، وهو ما يُعد ميزة كبيرة ستنعكس إيجاباً على الجماهير والمشجعين.
وفي لحظة بقيت محفورة في أذهان ملايين العرب من المحيط إلى الخليج، نالت قطر، في ديسمبر 2010، شرف استضافة كأس العالم 2022، وتعهّدت آنذاك بتنظيم أفضل نسخة في تاريخ دورات كأس العالم.
ويُترقّب على نطاق واسع أن يكون مونديال 2022 "حديث العالم"، في ظل ما تُنفّذه الدوحة من مشاريع مختلفة تطول البنية التحتية؛ من فنادق، ومطارات، وموانئ، وملاعب، ومستشفيات، وشبكات طرق سريعة، ومواصلات، وسكك حديدية، من أجل استقبال ما يزيد على المليون ونصف المليون من المشجعين والجماهير الذين سيتوافدون إلى البلاد لمتابعة كأس العالم.