الخليج أونلاين-
عاش العرب عاماً للنسيان في ظل ما شهدته البلدان العربية من المحيط إلى الخليج من أحداث دراماتيكية وتطورات ساخنة سياسية واقتصادية زادت من قتامة المشهد العربي المأساوي.
لكن العام 2019 الذي بات على بعد ساعات قليلة من المغادرة والرحيل نهائياً شكّل نقطة مضيئة للكرة العربية، التي أثبتت حضورها بقوة على الساحتين الآسيوية والأفريقية، وأكدت أن "لا صوت يعلو على صوتها في القارتين الصفراء والسمراء".
وبسطت المنتخبات العربية وأنديتها هيمنتها بالطول والعرض على البطولات القارية المختلفة في القارتين، كما نال عناصرها وأفرادها أرفع الجوائز الفردية، لتنال الشعوب العربية فرحة وسعادة "كانت في أمسّ الحاجة إليها".
تتويج قطري تاريخي
البداية كانت مع المنتخب القطري؛ الذي فاجأ عشاق "الساحرة المستديرة" بتتويجه للمرة الأولى في تاريخه بطلاً لكأس الأمم الآسيوية، التي احتضنتها الإمارات في الفترة ما بين 5 يناير والأول من فبراير الماضيين.
وأبان "العنابي" عن مستويات وقدرات كروية كبيرة حظيت بإعجاب الجميع؛ إذ حقق الفوز في جميع مبارياته، بداية بتصدره مجموعته على حساب السعودية ولبنان وكوريا الشمالية.
وتخطى رفاق القائد حسن الهيدوس عقبة "أسود الرافدين" في دور الـ16 بتسديدة صاروخية، ثم عبروا كوريا الجنوبية في ربع النهائي بتسديدة مماثلة، قبل أن يستعرضوا قوتهم أمام الإمارات البلد المضيف برباعية، وصولاً إلى تخطي منتخب اليابان العنيد في المباراة النهائية بنتيجة (3-1).
وبتربعها على عرش القارة الآسيوية أعادت قطر الكأس الغالية إلى أحضان العرب مجدداً، بعد 12 عاماً؛ عندما تُوّج "أسود الرافدين" بنسخة 2007، وذلك عقب نسختين قاريتين متتاليتين ذهب فيهما اللقب إلى "الساموراي" الياباني 2011، و"الكنغر" الأسترالي 2015.
ولم يكتفِ "العنابي" باللقب القاري بل استحوذ نجومه على مختلف الجوائز الفردية؛ بفوز المعز علي بجائزتي "أفضل لاعب" و"الهدّاف"، وبينما حصد سعد الشيب جائزة أفضل حارس، كان أكرم عفيف "الأكثر صناعة للأهداف".
عودة المحاربين
وإلى القارة السمراء، لم يختلف المشهد إطلاقاً؛ إذ عرفت بطولة كأس أمم أفريقيا، التي احتضنتها مصر في الفترة ما بين 21 يونيو و19 يوليو الماضيين، تتويجاً عربياً كذلك بفوز منتخب الجزائر باللقب القاري للمرة الثانية في تاريخه، والأولى منذ التتويج الأول على الأراضي الجزائرية عام 1990.
وأعاد "محاربو الصحراء" الكأس القارية الغالية إلى العرب بعد غياب دام 9 أعوام؛ عندما تُوّج "الفراعنة" باللقب في أدغال أنغولا، وذلك بعد 4 نسخ متتالية ذهب فيها اللقب إلى منتخبات غربي القارة وهي: زامبيا ونيجيريا وساحل العاج والكاميرون؛ أعوام 2012، و2013، و2015، و2017، توالياً.
ويدين الجزائريون بالتتويج القاري إلى المدرب الشاب جمال بلماضي، الذي نجح في فرض شخصيته على نجوم "الخُضر" ، وأعاد النظام والانضباط إلى غرفة خلع الملابس، وذلك في أقل من عام منذ توليه المسؤولية الفنية، في أغسطس 2018.
وجاء التتويج الجزائري بعد حصد "العلامة الكاملة" في الدور الأول بثلاثة انتصارات على حساب كينيا والسنغال وتنزانيا، ثم التغلّب على غينيا بثلاثية نظيفة في دور الـ16، قبل المعاناة أمام "أفيال" ساحل العاج، حيث احتاج الأمر إلى الاحتكام لركلات الترجيح، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل (1-1).
وتخطت الجزائر عقبة "نسور" نيجيريا في "المربع الذهبي" (2-1)، ثم جددت فوزها على السنغال بنفس نتيجة الدور الأول، لتقبض على "الأميرة الأفريقية" من قلب استاد القاهرة الدولي.
وإضافة إلى القائد رياض محرز، عرفت البطولة القارية تألقاً لعدد من اللاعبين؛ على غرار يوسف عطال، وآدم وناس، وإسماعيل بن ناصر، ويوسف البلايلي، الذي كان أحد المفاجآت السارة لـ"المحاربين".
كما كان التتويج من نصيب العرب في بطولة قارية ثانية على مستوى المنتخبات؛ وذلك عندما رفع منتخب مصر كأس أمم أفريقيا تحت 23 عاماً، عقب فوزه على منتخب ساحل العاج بهدفين مقابل هدف، في المباراة النهائية التي امتدت إلى شوطين إضافيين.
وهذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها منتخب مصر باللقب منذ انطلاق البطولة عام 2011. كما حجزت مصر وساحل العاج وجنوب أفريقيا مقاعدها في أولمبياد طوكيو 2020، إثر حلولها في المراكز الثلاثة الأولى في المسابقة القارية.
هيمنة الأندية بالقارتين
ولم تكن الهيمنة على مستوى المنتخبات العربية فحسب؛ بل امتدت إلى الأندية بفوزها بالألقاب القارية الأربعة في القارتين مناصفة، ليكتمل المشهد العربي بشكل مبهر على الصعيد الكروي.
ففي القارة السمراء احتفظ الترجي الرياضي التونسي بلقبه بطلاً لدوري الأبطال للمرة الثانية توالياً، والرابعة في تاريخه، وذلك على حساب الوداد البيضاوي المغربي، في مواجهة اشتعلت في موقعة الإياب بتونس، وانتهت بانسحاب الضيوف اعتراضاً على عدم احتساب هدف؛ بداعي التسلل.
وبعد أن قرر المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي إعادة اللقاء على ملعب محايد أعلنت لجنة الانضباط داخل "الكاف" تتويج الترجي، مطلع أغسطس الماضي، بعد رفض لجنة الاستئناف الطعن الذي تقدم به الفريق المغربي.
وبعد غياب 16 عاماً عن منصات التتويج، عاد الزمالك المصري ليتوّج بلقب قاري بفوزه بكأس الاتحاد الأفريقي، بعد تخطي منافسه "نهضة بركان" المغربي بركلات الترجيح (5-3) في إياب المباراة النهائية، وذلك بعدما تبادل الفريقان الفوز على ملعبهما بهدف نظيف.
وقبض فريق "الفن والهندسة" على كأس الكونفيدرالية للمرة الأولى في تاريخه، ليحقق لقبه القاري الأول منذ فوزه بكأس السوبر عام 2003.
ويلتقي الترجي والزمالك على كأس السوبر الأفريقي، منتصف فبراير المقبل، في العاصمة القطرية الدوحة، في إطار بروتوكول التعاون بين الاتحاد القاري ونظيره القطري.
وإلى القارة الصفراء، حيث ابتسمت الكأس الآسيوية أخيراً للهلال السعودي بعد فوزه ذهاباً وإياباً على أوراوا ريد دياموندز الياباني بنتيجة (3-0) في مجموع لقائي الدور النهائي.
وكان الهلال قد تخطى عقبة السد بفوزه عليه (4-1) مستغلاً النقص العددي في صفوف الفريق القطري، لكن الأخير قام بـ"ريمونتادا" في الرياض، وكان قريباً من اقتلاع بطاقة التأهل بفوزه إياباً على بطل السعودية (4-2).
ورفع القائد المخضرم محمد الشلهوب الكأس الآسيوية التي استعصت كثيراً على "الزعيم"، قبل أن تخضع للمرة الثالثة بعد عامي 1992 و2000.
أما البطولة القارية الثانية على مستوى أندية آسيا فأحرز العهد لقب كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بفوزه، مطلع نوفمبر الماضي، بهدف نظيف على فريق "25 أبريل" الكوري الشمالي في المباراة النهائية التي أقيمت في كوالالمبور، ليصبح أول فريق لبناني يتوج بلقب قاري في اللعبة.
من هنا وهناك
المنتخب القطري حقق قفزة كبيرة في تصنيف الفيفا بتسلقه 38 مركزاً إلى غاية الوصول إلى المركز 55 عالمياً بفضل تتويجه الآسيوي، علاوة على مشاركته التاريخية كذلك في بطولة "كوبا أمريكا" لمنتخبات قارة أمريكا الجنوبية كأفضل تحضير لاستضافة الدولة الخليجية بطولة كأس العالم شتاء عام 2022.
ولم ينجح "العنابي" إلى ربع النهائي، لكنه قدم أداءً كبيراً في المجموعة الثانية بتعادل مثير أمام الباراغواي (2-2)، وخسارتين بصعوبة أمام الأرجنتين وكولومبيا (1-0) و(2-0) توالياً.
أما على صعيد بطولة كأس الخليج العربي "خليجي 24"، التي احتضنتها الدوحة في الفترة ما بين 26 نوفمبر و8 ديسمبر، فقد عرفت تتويج منتخب البحرين باللقب الإقليمي، للمرة الأولى في تاريخه؛ بفوزه على السعودية بهدف نظيف في المباراة النهائية.
وبعد أيام من تنظيم البطولة الخليجية كانت الدوحة على موعد مع استضافة كأس العالم للأندية، التي ظفر بلقبها ليفربول الإنجليزي على حساب فلامنغو البرازيلي بهدف دون رد بعد التمديد.
وحلّ الهلال السعودي رابعاً بعد تقديمه مستوى كبيراً في البطولة، خاصة فوزه على الترجي التونسي بطل أفريقيا، في حين جاء الأخير خامساً بتغلبه على السد القطري بطل البلد المنظم في المباراة الترتيبية.