هاني زقوت - الخليج أونلاين-
تعد جماهير كرة القدم هي "ملح" اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ويصفها البعض باللاعب رقم "12" رغم احتشادها في المدرجات، في إشارة إلى مدى أهميتها في عالم "الساحرة المستديرة".
وتضيف الجماهير الكروية نكهة خاصة للمباريات والمواجهات فوق "المستطيل الأخضر"، وهو ما افتقده الجميع في الشهور الأولى لجائحة فيروس كورونا المستجد بعد تعليق البطولات والمنافسات الرياضية، ومن ثم استئنافها أمام مدرجات خالية.
ولكن في الجهة المقابلة تعاني ملاعب الكرة من أحداث مؤسفة تُلقي بظلالها على المشهد برمته وتشوه الصورة الجمالية للمنافسة الرياضية، وسط تساؤلات حول أسباب تزايدها في المنطقة الخليجية مؤخراً، وماذا يجب فعله للحد منها على نحو كبير.
"حلبة مصارعة"
في 12 مارس 2022، شهِد كلاسيكو الإمارات لكرة القدم بين "العين" و"الوحدة" أحداثاً مؤسفة بين جماهير الفريقين في المدرجات، وتوسعت رقعتها إلى أرضية الميدان، فيما أصدرت نيابة أبوظبي أمراً بضبط وإحضار جميع مثيري أحداث الشغب.
وتناقل مغردون مقاطع فيديو تظهر نزول جماهير الوحدة إلى أرضية ملعب اللقاء، واعتداءها على حارس العين خالد عيسى والجناح المغربي سفيان رحيمي، قبل أن تضع علم النادي في منتصف الميدان.
قائد الوحدة المخضرم، إسماعيل مطر، ألقى باللوم في الأحداث المؤسفة على بعض لاعبي العين الذين احتفلوا "بشكل غير مناسب" بعد الفوز، الذي أبعد "الزعيم" في صدارة الترتيب بـ46 نقطة، بفارق 7 نقاط عن "أصحاب السعادة"، قبل 7 جولات من النهاية.
المشهد المأساوي لقمة الكرة الإماراتية دفع النيابة العامة في أبوظبي للتدخل على الخط مباشرة؛ إذ أصدرت، في صباح اليوم الموالي، أمراً بضبط وإحضار جميع مثيري أحداث الشغب في مباراة الوحدة والعين.
وأكدت نيابة أبوظبي، وفق ما أوردته وكالة أنباء الإمارات (وام)، التصدي بكل حزم، وفق الإجراءات القانونية المقررة، لكل ما من شأنه إثارة الشغب أو مخالفة القانون واللوائح والأنظمة.
وشددت على ضرورة "التحلي بالروح الرياضية من مشجعي الأندية، وعدم تعريض حياة وسلامة الآخرين للخطر"، مشيرة إلى أن القانون الإماراتي يفرض الحماية لجميع الأفراد، ويحدد عقوبات صارمة على مخالفة الأنظمة واللوائح المحددة في مثل تلك الحالات.
أحداث مؤسفة بالكويت
في 5 مارس 2022 شهدت قمة الجولة الـ12 من الدوري الكويتي لكرة القدم التي حسمها "السالمية" و"العربي" أحداثاً مؤسفة؛ حيث نزلت بعض الجماهير إلى أرضية الميدان، وحصل تلاسن واضح بين اللاعبين، ووصل إلى الاشتباك بالأيدي، فضلاً عن إلقاء عدد كبير من عبوات المياه المعبأة.
وفي الجولة التي سبقتها عرفت قمة "القادسية" و"العربي" أحداث شغب تمثلت في إشعال جماهير الفريقين قنابل صوتية ودخانية، لتقرر لجنة الانضباط تغريم الناديين بـ2000 دينار كويتي (6500 دولار) لكل منهما، إلى جانب منع جماهير "القلعة الصفراء" من الحضور في جميع المدرجات باستثناء المنطقة خلف المرميين.
وتكررت الأحداث الجماهيرية المؤسفة في الجولة الـ14، وتحديداً عقب نهاية مباراة كاظمة والعربي، حيث تناول رواد منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر اشتباكات بين الجماهير واللاعبين.
وتشهد النسخة الحالية من البطولة الكويتية منافسة قوية؛ إذ يتصدر كاظمة جدول الترتيب بـ31 نقطة بعد مرور 14 جولة، متقدماً بنقطة وحيدة أمام "الكويت"، وسط مطاردة قوية من العربي والقادسية صاحبي المركزين الثالث والرابع بـ26 نقطة لكل منهما، فيما يتخلف السالمية عنهما بنقطة أقل.
والسعودية كذلك..
وأواخر سبتمبر الماضي قالت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إن حالات الغضب الجماهيرية التي تحدث في ملاعب المملكة أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها بسبب تزايدها في مباريات الموسم الكروي الحالي.
وعددت الصحيفة مظاهر شغب الجماهير؛ على غرار الهتافات العنصرية المسيئة، ورمي العلب الفارغة باتجاه أرضية الملعب، مشيرة إلى العقوبات التي فرضتها لجنة الانضباط، والتي قالت إنها "لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب"؛ بسبب ضعف اللائحة، فضلاً عما سمته "هروب" اللجنة من مواجهة الأندية الكبرى بعد قيام جماهيرها بتجاوزات في ملاعبها.
ولفتت إلى أنه "قد يكون من الأفضل تطوير هذه المخالفات خلال الفترة القادمة، كتحديد أسماء المشجعين الذين يصرون على إلقاء العبوات داخل الملعب ويتسببون في إيقاف المباريات، رغم علمهم بخطورة ذلك، وبعدها يتم تحديد العقوبات ما بين غرامات مالية ومنع دخول المدرجات لبعض الوقت"؛ بهدف إنهاء ظاهرة شغب الملاعب.
أسباب وحلول
صحيفة "الأنباء" الكويتية قالت، في تقرير موسع لها (7 مارس 2022)، إن ظاهرة الشغب بدأت تأخذ طريقها إلى مسابقات في ملاعب كرة القدم الكويتية، مؤكدة أنها تتطلب "وقفة حازمة صارمة، تعيد الطائشين إلى رشدهم، وتحصن مناعة الملاعب من التصرفات الطفولية الهوجاء".
وأوضحت الصحيفة أن هذه الظاهرة "لا تمثل الجماهير العريضة للأندية الكويتية، ولا متابعيها محلياً وخارجياً"، فضلاً عن كونها تعطي صورة بائسة مرفوضة تناقض حقيقة المشجع الكويتي وسلوكه الحضاري منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ونقلت عن أستاذ علم الإدارة والترويح الرياضي، د. خليفة بهبهاني، قوله إن المشكلة تكمن في "عدم تطبيق اللائحة"، محملاً مراقب المباراة -الذي يدون جميع الحالات في تقريره الخاص- جزءاً من المسؤولية.
ويعتقد "بهبهاني" أن لجان الاتحاد الكويتي للعبة "عاجزة عن التطبيق والتنفيذ الفعلي لبنود اللائحة"، مشدداً على ضرورة "تفعيل القوانين وتطبيقها للحفاظ على الأمن في الملاعب وسلامة اللاعبين"، كما يرى أن جلوس رؤساء الأندية على مقاعد اللاعبين يعد "عاملاً أساسياً لزيادة الشحن".
فيما قال المحلل الرياضي عبد اللطيف الرشدان، وفق الصحيفة الكويتية، إن هناك أنواعاً من العقوبات تشكل رادعاً كافياً؛ ومنها منع جماهير النادي المثيرة للشغب، أو رصد الفاعلين والمتسببين بالأحداث بالكاميرات ومنعهم من الدخول إلى الملاعب، وكذلك منع النقل التلفزيوني للمباريات.
تويتر يتفاعل
الناقد بقناة "24" الرياضية السعودية مبارك الشهري علق على أحداث الشغب في الإمارات قائلاً، إن شرارتها تقليد أحد اللاعبين لآخر سعودي، واستفزاز الجمهور المنافس، مشيراً إلى أن كل هذا أدى إلى "انفلات جماهيري، مع ضعف في الرقابة الأمنية".
المغرد الكويتي أحمد عيسى العمر سلط الضوء على الحركة التي بدأت تغزو الملاعب الخليجية برفع أعلام الأندية وسط الملعب بعد نهاية المباريات.
وأوضح "العمر"، في تغريدة على حسابه بـ"تويتر"، أنه يحق للاعبين الاحتفال عند جماهيرهم؛ وذلك "منعاً للاحتكاك وإثارة جمهور المنافس".