صحيفة ميرور - ريان فاهي-
يعيش سكان العاصمة الكويتية، كعادتهم في كل صيف، تحت حصار حرارة لاهبة لا ترحم الفقراء، خاصة العمال الأجانب؛ حيث تعتبر الكويت من ضمن المدن "الأكثر حرارة في العالم"، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "ميرور" البريطانية.
وفي العام الماضي، شهدت مدينة الكويت ارتفاعا في درجات الحرارة وصل إلى 52 درجة مئوية، بينما سجلت انخفاضا طفيفا، الخميس، عند 50 درجة مئوية، وهو ما يزيد عن 10 درجات مئوية عن درجة حرارة الجسم الصحية، ويقع عند منتصف الطريق نحو درجة غليان الماء.
وفي هذا المناخ الحار، يصبح الهواء الذي يندفع عبر المدينة خطيرا وربما مميتا.
ومع بلوغ متوسط الارتفاعات اليومية حوالي 44 درجة مئوية من يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب، يتجنب السكان المحليون الشمس الحارقة، ويختارون بدلا من ذلك البقاء في منازلهم ومكاتبهم حيث يحافظ تكييف الهواء على برودة الجو.
وتم تجهيز المنازل والمكاتب ووسائل النقل المختلفة بأجهزة التبريد؛ حيث يميل السكان، بدلا من النزهات اليومية، إلى زيارة المراكز التجارية، المجهزة بوسائل تبريد الهواء لراحتهم.
وقال مهندس معماري كويتي، للصحيفة البريطانية، إنه مع عدم وجود أي ظل في الشوارع بالخارج، "يكاد يكون الأمر كما لو أن الهواء غير موجود".
حياة الوافدين والفقراء
ولفت تقرير "ميرور" في المقابل إلى أن الوافدين والفقراء من الذين يعيشون في مدينة الكويت والمدن الحارة الأخرى في إيران وباكستان والهند، أصبحوا عرضة لخطر هذه الحرارة المرتفعة؛ حيث لا يتمتع أغلبيتهم بذات "الرفاهية" التي يتمتع بها أغنياء الكويت وحتى من ينتمون إلى الطبقة المتوسطة.
ومدينة الكويت، مركز اقتصادي هام، يستقطب أعداد كبيرة من الوافدين من جنوب شرق آسيا، وبلدان عربية أخرى.
ويمكن رؤية الكثير من هؤلاء العمال البسطاء وهم يصطفون في الشوارع، يختبؤون من أشعة الشمس تحت المظلات أو يتعرقون من اكتظاظ الحافلات ووسائل النقل العامة.
ويقول "جابرييل سيكوني"، التي صورت آثار البيئة القاسية في الكويت على مدى 4 أشهر، إن سكان البلاد من المواطنين البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة يعيشون في الغالب أسلوب حياة فاخر.
إذ يتم دعم هؤلاء السكان الأثرياء من خلال صناعة الخدمات الضخمة، التي تقوم على أكتاف نحو 3 ملايين عامل أجنبي، غالبا ما يتقاضون أجورا زهيدة.
وقد كانت الكويت ذات يوم مدينة متواضعة الحال يقوم اقتصادها على الصيد وتجارة اللؤلؤ، قبل أن ينقلب حالها مع اكتشاف حقول النفط فيها، خلال ثلاثينيات القرن الماضي، ليحيا مواطنوها حياة الرفاهية.
ويضيف "سيكوني" لمجلة "ناشيونال جيو غرافيك": الآن الكويتيون لديهم المال لفعل أي شيء يريدونه".
ليست مشكلة محلية
لكن الحرارة الشديدة ليست مشكلة محلية في الكويت؛ ففي الأهواز الإيرانية وخوزستان، الغنية بالنفط كذلك، ارتفعت درجات الحرارة لتصل نحو 50 درجة مئوية، مقرونة بتلوث الهواء الذي زاد من تعقيد الوضع لسكان المدينة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة.
وصنّفت منظمة الصحة العالمية الأهواز، في المرتبة الأولى لأسوأ جودة هواء في جميع أنحاء العالم؛ بسبب ما تفرزه المصانع من دخان، بالإضافة إلى العواصف الترابية التي تحوّل لون الهواء إلى بني داكن.
وفي وقت سابق من هذا العام، واجهت دول الشرق الأوسط والخليج عواصف رملية غطت المنطقة بطبقة هوائية بنية إلى الحمرة وصلت حتى إلى أجزاء من إسبانيا وفرنسا، وحتى لندن.
وفي مدينة كراتشي، أكبر مدن باكستان، تسببت موجة حارة الشهر الماضي في وفاة عدة أشخاص، بينما أدى ارتفاع درجة الحرارة في دلهي بالهند إلى أكثر من 45 درجة مئوية، إلى موجة من حالات دخول المستشفيات في مايو/أيار.