مجلة "Breaking Defense"-
قالت مجلة "Breaking Defense"، المتخصصة في استراتيجيات وسياسات وتكنولوجيا الدفاع حول العالم، إن التهديدات الأمنية ضد بطولة كأس العالم 2022، والتي ستستضيفها قطر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، باتت ضئيلة، رغم وقوع البلد الخليجي وسط منطقة مضطربة، وذلك بفضل استعدادات الدوحة الكبيرة لتأمين هذا الحدث العالمي (جوا وبحرا وبرا).
وسردت المجلة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، هذه الاستعدادات الضخمة، والتي تأتي رغم أن قطر لا تواجه تهديدات أمنية كبيرة، نظرا لمحافظتها على علاقات ودية في منطقتها؛ ما يجعل من المستبعد أن يحاول أي طرف أو وكيل عن أية حكومة استغلال كأس العالم لأي أنشطة خبيثة، وفقا لما قال "أندريا كريج"، محلل شؤون الشرق الأوسط والمحاضر في "كينجز كوليدج لندن".
وأضاف "كريج" أن البلاد في وضع جيد أيضًا ضد التهديدات غير المتكافئة مثل الهجمات الإرهابية، لكن الدوحة تعلم جيدا أن استضافة هذا الحدث البارز يتطلب التخطيط للأسوأ.
وأوضح التقرير أن قطر عملت مع شركاء دوليين واكتسبت قدرات عالية التقنية لتعزيز أمنها في الجو والبحر وعلى الأرض، على النحو التالي:
أولا: في الجو
مع اقتراب موعد انطلاق البطولة، تسلمت قطر أول دفعة من طائرات "يوروفايتر تايفون"، وهي أحدث عملية استحواذ كبرى من قبل الدولة الخليجية والتي ستساعد في تعزيز الأمن.
وتم استلام الطائرات في احتفال كبير في قاعدة "دخان/تميم" الجوية على الجانب الغربي من البلاد، قبل أيام، والذي تضمن أيضًا طائرات "F-15QAs" وطائرة النقل التكتيكية "NH-90" جنبًا إلى جنب مع نظيرتها البحرية ومقاتلة "رافال".
وستكون "تايفون" جزءًا من سرب "تايفون" المشترك، المعروف أيضًا باسم "السرب 12"، والذي يتم تشغيله بالشراكة مع المملكة المتحدة.
وسيوفر هذا السرب الأمن الجوي لبطولة كأس العالم، عبر طلعات جوية منتظمة خلال أيام البطولة، بعد تدرسيات مكثفة أجراها السرب في الأجواء القطرية خلال الفترة الماضية.
وتقول المجلة إن طائرات "تايفون" نفسها هي نتاج عقد تم توقيعه في ديسمبر/كانون الأول 2017 بين قطر وشركة "BAE Systems" لشراء 24 طائرة و9 طائرات تدريب متطورة من طراز "Hawk Mk 167"، في صفقة تبلغ قيمتها الإجمالية 8 مليارات دولار.
وتساهم شركة "ليوناردو" الإيطالية في تصنيع هيكل الطائرة وإلكترونيات الطيران الخاصة بها، حيث تم تجهيز "تايفون" برادار ECRS Mk0 ، و Praetorian DASS، والمصمم لتوفير الحماية ضد التهديدات الجوية وسطح-جو، من خلال المراقبة والاستجابة بشكل استباقي لبيئة التشغيل، وPIRATE IRST (معدات التتبع المحمولة جواً غير النشطة بالأشعة تحت الحمراء - البحث بالأشعة تحت الحمراء والمسار).
وسيتم حماية المجال الجوي القطري من خلال نظام المراقبة والدفاع الجوي التابع لشركة "ليوناردو" أيضا، والذي يتكون من شبكة من رادارات "Kronos" ومراكز القيادة والتحكم المرتبطة بها.
وستكون الشركة الإيطالية مسؤولة عن جميع إلكترونيات إدارة الحركة الجوية ومعدات الأرصاد الجوية لمطار حمد الدولي، وتأمين وصول الركاب من اللاعبين والجماهير إلى كأس العالم.
وستتسلم قطر أيضًا مروحيات "NH90" من "ليوناردو"، والتي تم إقرارها خلال صفقة في أغسطس/آب 2018.
وهذه المروحية تزود الشركة الفرنسية "Thales" برادار "ENR"، وإلكترونيات الطيران، و"EW CATS" (تقنيات الحرب الإلكترونية).
وحتى الآن ، سلمت "ليوناردو" ست مروحيات من أصل 28 مروحية "NH90" في نسختين (بحرية وتكتيكية)، والبرنامج يسير على الطريق الصحيح.
وأكد التقرير أن هذه الإضافات إلى القوات الجوية القطرية قيد التشغيل، وقد تلقى أطقم الطيران والفنيون تدريبات مكثفة بدعم من الجيش الإيطالي والبحرية الإيطالية.
ويلخص "كريج" استعدادات قطر الجوية، قائلا: "نظرًا لامتلاك قطر لواحدة من أكبر القوات الجوية من حيث مساحة أي دولة في العالم ، فإن القوة الجوية القطرية مجهزة جيدًا لمواجهة أو ردع أي تهديد خطير لمجالها الجوي".
ثانيا: في البحر
عند الحديث عن البحرية، من المعروف أن قطر شبه جزيرة لها حدود برية واحدة فقط إلى الجنوب مع السعودية، وبالتالي فإن ضمان عدم وجود أي تهديد من البحر أمر بالغ الأهمية مثل تأمين المجال الجوي.
لذلك، وقعت قطر العديد من العقود في السنوات الأخيرة لشراء سفن متطورة مزودة بالرادارات وقدرات المراقبة.
وكجزء من استثماراتها في مجال الأمن، طلبت البحرية القطرية أربع سفن حربية أطلقت عليها "الزبارة"، ورصيف لمنصة الإنزال، وسفينتي دورية في البحر في صفقة موقعة في عام 2016 بقيمة 5 مليارات دولار تقريبًا، وقد بنتها شركة بناء السفن الإيطالية "Fincantieri"، وأيضا تم الانتهاء من تصنيع "كورفيت" في أواخر أبريل/نيسان من هذا العام.
وقد تم تجهيز كل من السفن السبع الجديدة بأنظمة "ليوناردو" للقتال والمراقبة، لا سيما نظام إدارة القيادة الذي يتألف من رادار ليوناردو "3D AESA Grand Kronos" البحري، ومحقق وجهاز إرسال واستقبال "IFF" (صديق أو عدو)، ومجموعة مراقبة وتتبع "IRST".
وفي وقت سابق من هذا العام، يقول التقرير، وخلال معرض "ديمدكس 2022"، وقعت البحرية القطرية عقدًا جديدًا مع "ليوناردو" لتطوير مركز العمليات البحرية (NOC) للخدمة العسكرية، وهو الأول من نوعه في البلاد.
ويضمن المركز قيام القوات البحرية بمراقبة المياه الإقليمية القطرية والمنطقة الاقتصادية الخاصة والمياه المجاورة لها والسيطرة عليها.
وسيتضمن المركز، الذي سيتحكم في الرادارات والتتبع البحري في الوقت الفعلي، أنظمة حرب إلكترونية.
ثالثا: على الأرض
يقول التقرير، إنه، وعلى الرغم من أنه يمكن استخدام الطائرات والسفن لتأمين جزء كبير من البلاد خلال الألعاب، فمن الواضح أن الألعاب نفسها ستكون مصدر قلق خاص، حيث تعد أهدافًا لتهديدات غير متكافئة مثل الإرهاب أو حتى حشود خارجة عن السيطرة.
ويقول "كريج": "كما هو الحال مع أي حدث رياضي جماهيري، فإن أكبر المخاطر خلال كأس العالم تتعلق بالسيطرة على الجماهير".
ويضيف: "إن انتشار حشود كبيرة في مدينة واحدة فقط مثل الدوحة سيجلب العديد من مخاطر تعبئة الحشود وأعمال الشغب وربما المعارك، ويمكن أن يحدث ذعر جماعي حينما تتحرك أعداد كبيرة من الناس فجأة عبر مساحة مغلقة إلى حد ما".
وأشار "كريج" إلى أن البطولة ستجمع مواطنين من دول منافسة أو حتى معادية - الإسرائيليين والسعوديين والإيرانيين، على سبيل المثال - مما يزيد من خطر وقوع حادث.
ويؤكد "كريج" أن هيئات إنفاذ القانون القطرية تدربت جنبًا إلى جنب مع شركائها المتعددين من جميع أنحاء العالم لمثل هذه الأحداث، مردفا: "هم مستعدون جيدًا عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على الحشود".
ولتحقيق هذه الغاية، فإن بعض أهم أجزاء التكنولوجيا التي يُتوقع أن تستخدمها قطر تشمل جمع المعلومات وأنظمة المراقبة والاستخبارات.
وقال "كريج" إن قطر "طورت شبكة مراقبة متكاملة واسعة ومتكاملة مع أجهزة استشعار سمعية وبصرية وطائرات بدون طيار وكاميرات مراقبة يتم إدخالها في مركز الأمن القومي".
وأوضح أن أنظمة "تاليس" المحمولة جواً والبحرية مدمجة على الأرض هناك ومستعدة أيضا.
ويقول التقرير إنه في المناطق المجاورة مباشرة للاستادات، تعمل قطر أيضًا مع شركة "Fortem Technologies"، ومقرها ولاية يوتا الأمريكية، بشأن استراتيجيات مكافحة الطائرات بدون طيار، حسبما أعلنت الشركة في يوليو/تموز الماضي.
ونقل التقرير عن الرئيس التنفيذي للشركة قوله إن نظامهم المعروف باسم "SkyDome"، هو "الأفضل في العالم عندما تكون هناك حاجة إلى أقل الأضرار الجانبية".
ويشتمل النظام على "DroneHunter"، والذي، كما يوحي اسمه، يصطاد حرفيًا الطائرات بدون طيار الأخرى في السماء ويخرجها عن طريق شبكة متخصصة، وربط التهديد وسحبه بعيدًا إلى مكان معين.
وتركز قطر على مكافحة الطائرات بدون طيار في محيط وفوق الملاعب، بكل أنواعها.
وسيشمل الدعم الآخر التدريب على حماية الشخصيات المهمة وقدرات مكافحة العبوات الناسفة، من رومانيا.
وأخيرًا ، كانت هناك تقارير الأسبوع الماضي أن باكستان ستقدم قوات إلى قطر لتعزيز الأمن.
ويقول "كريج": "ببساطة، بذلت قطر قصارى جهدها لضمان تجربة رائعة، كما أنها خططت بعناية من أجل سلامة وأمن ضيوفها".
في ضوء كل ما سبق، من وجهة نظر "كريج"، هناك تهديد "ضئيل نسبيًا" لبطولة كأس العالم 2022، سواء من دولة قومية أو وكيل أو جماعة إرهابية أو مجرد حشود صاخبة.